«الخارجية» الإيرانية تنأى بنفسها عن مفاوضات مع ترمب وسط انقسام داخلي

طهران ترهن عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي بـ«التوبة» ... وتحذيرات من قادة «الحرس»

وزيرا الخارجية محمد جواد ظريف والأمن محمود علوي في اجتماع الحكومة الإيرانية أمس (الرئاسة الإيرانية)
وزيرا الخارجية محمد جواد ظريف والأمن محمود علوي في اجتماع الحكومة الإيرانية أمس (الرئاسة الإيرانية)
TT

«الخارجية» الإيرانية تنأى بنفسها عن مفاوضات مع ترمب وسط انقسام داخلي

وزيرا الخارجية محمد جواد ظريف والأمن محمود علوي في اجتماع الحكومة الإيرانية أمس (الرئاسة الإيرانية)
وزيرا الخارجية محمد جواد ظريف والأمن محمود علوي في اجتماع الحكومة الإيرانية أمس (الرئاسة الإيرانية)

نأت «الخارجية» الإيرانية، أمس، بنفسها عن وجود أي مفاوضات مباشرة، وسط تجدد الانقسام الداخلي بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وكبار المسؤولين في الدولة، على رأسهم أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، حول إمكانية التفاوض مع الإدارة الأميركية الحالية، بعد مقتل العقل المدبر لعمليات جهاز «الحرس الثوري» خارج الحدود الإيرانية قاسم سليماني.
وأثارت عملية تبادل السجناء بين واشنطن وطهران، الخميس الماضي، بوساطة سويسرية، تكهنات حول خطوط للتفاوض بين الجانبين، أو عودة وشيكة للتفاوض؛ الأمر الذي واجه ردوداً متباينة في إيران... فمن جهة؛ أبدى وزير الخارجية، محمد جواد ظريف مرونة، رغم رده المباشر على عرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي دعا الإيرانيين إلى عدم انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية للبدء في التفاوض.
جاء ذلك ضمن تغريدة من ترمب أكد فيها الخميس مكالمة هاتفية بينه وبين المحارب الأميركي السابق، مايكل وايت، عقب إطلاق سراحه في إيران. وفي جزء من تغريدة تضمنت عرضاً لإيران، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن ترمب قوله على «تويتر»: «شكراً إيران، هذا يُظهر أنّ التوصّل إلى اتفاق أمر ممكن!».
وسارعت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، لإعلان موقفها من إمكانية التفاوض مع الولايات المتحدة. وحاول المتحدث باسم الخارجية، عباس موسوي، أن يبعد الوزارة من المنطقة الرمادية فيما يخص تغريدة ترمب، قائلاً إن «القضايا الداخلية الأميركية لا تهم إيران، ما يهم الجمهورية الإسلامية نهج الحكومات الأميركية المختلفة».
ودفع موسوي باتجاه تبريد التوتر وخفض الضغوط على الخارجية، عندما حرص على استخدام مفردات وردت على لسان قيادي رفيع في «الحرس الثوري» حين قال: «أزمة ثقة متبادلة بين الجانبين»، وقال: «ترمب لديه قضاياه الداخلية، الانتخابات نقاش داخلي أميركي». وأضاف: «إيران لم ولن تنتظر التطورات الداخلية الأميركية ونتائج الانتخابات الرئاسية».
وعرض موسوي أن يستمر مسار التبادل للسجناء بين الجانبين، منوهاً بأن التبادل الأخير كان بدافع «إنساني»، نافياً وجود مفاوضات مباشرة بين طهران وواشنطن لإطلاق سراح السجناء. ورهن مرة أخرى أي مفاوضات مستقبلية بـ«توبة» واشنطن من العقوبات والعودة للتفاوض في إطار مجموعة «5+1».
وأفرجت إيران الخميس عن مايكل وايت في إطار اتفاق يقضي أيضاً بأن تسمح الولايات المتحدة للطبيب الأميركي من أصل إيراني ماجد طاهري بزيارة إيران.
وجاء الإفراج عن وايت بعد يومين من ترحيل واشنطن سيروس أصغري، الأستاذ الإيراني الذي كان مسجوناً في الولايات المتحدة رغم تبرئته من تهمة سرقة أسرار تجارية. وأوردت وسائل إعلام إيرانية تقارير عن وصوله الأربعاء. ونفت وزارة الخارجية الأميركية ومسؤولون إيرانيون مراراً وتكراراً أن يكون أصغري جزءاً من مبادلة مع وايت أو أي شخص آخر، وقالوا إن قضيته منفصلة.
وأشاد موسوي بخطوات سويسرا التي أدت إلى الإفراج عن إيرانيين في الولايات المتحدة، بعد إطلاق إيران عسكرياً أميركياً سابقاً. وقال لوكالة «ارنا»: «إذا توفرت ظروف لتبادل السجناء، فلدينا الاستعداد لإعادة الإيرانيين السجناء في الولايات المتحدة».
والجمعة؛ قال موسوي إن ظريف اجتمع مع بيل ريتشاردسون السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة «قبل شهور» لمناقشة تبادل سجناء.
وقبل موسوي بساعات، رفض مسعود سنائي راد، المساعد السياسي لمكتب «المرشد» الإيراني في «الحرس الثوري»، مقترح ترمب للتفاوض مع إيران. وقال: «مشكلتنا مع الزعماء الأميركيين سلوكهم الذي يتعارض مع الثقة».
ونقلت وكالة «مهر» الحكومية عن سنائي راد قوله: «ترمب بخروجه من الاتفاق النووي عمق الشرخ ورفع جدار اللاثقة بين الشعب الإيراني والحكام الأميركيين»، موضحاً أن عرض ترمب للتفاوض في ظل «المستقبل غير الواضح ونهاية فترة رئاسته، يدعو للتأمل».
وعبر تغريدة في «تويتر»، رد أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام والقيادي في «الحرس الثوري» محسن رضايي على عرض ترمب، وقال: «ترمب عرض التفاوض معنا. الحكومة الأميركية إن خرجت من المستنقع الحالي، فسيكون التفاوض معها بمثابة السم. أنتم حاليا في مستنقع».
وقبل ذلك، حاول وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، ألا يعكر صفو النبرة التصالحية لترمب، عندما فضل أن يوجه انتقادات لفريق ترمب. وكتب على «تويتر» مخاطباً الرئيس الأميركي: «حققنا تبادلاً إنسانياً رغم جهود مرؤوسيك». وأضاف: «إيران والموقّعون الآخرون (على اتفاق فيينا) لم يغادروا قط الطاولة»، وتابع: «كان لدينا اتفاق عندما توليت منصبك... ارتكب مستشاروك، الذين عُزل معظمهم الآن، حماقة. الأمر متروك لك إن شئت إصلاحه» حسب «رويترز».
ولم يمر وقت طويل على تغريدة ظريف، حتى علق أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، على نجاح صفقة التبادل بين الجانبين، قائلاً إن «تبادل السجناء لم يكن نتيجة التفاوض، ولن تكون أي مفاوضات في المستقبل».
واستغل شمخاني تطورات الداخل الأميركي، لمهاجمة ترمب عبر شبكة «تويتر» المحظورة في إيران، قائلاً إن أوضاعه «سيئة إلى درجة لم يجد فريقه معها حيلة إلا إنتاج واستعراض النجاحات المزيفة».
لكن الوافد الجديد إلى «تويتر»، رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، حذر في تغريدة من «التهاون في القتال وتوجيه رسائل المساومة للكفار»، مضيفاً أنهم «سيرون نتيجة الأعمال (المقاومة) دون نقص».
ولم يكن قادة «الحرس» وحدهم من عارض مرونة ظريف. وكتب النائب السابق، والمؤيد لسياسات الحكومة، علي مطهري، إن «ترمب شكر إيران وعرض التفاوض قبل الانتخابات. يجب القول إنه إذا كان هناك بصيص أمل للتفاوض قبل اغتيال الجنرال سليماني، فلقد ضاع (...)، لأنه يعني التفاوض مع قاتل سليماني».



تركيا تتمسك بالحسم ضد «قسد»

مقاتل يحمل رأس تمثال لباسل أكبر أبناء الرئيس الأسبق حافظ الأسد في معسكر مهجور للحرس الجمهوري قرب دمشق أمس (أ.ف.ب)
مقاتل يحمل رأس تمثال لباسل أكبر أبناء الرئيس الأسبق حافظ الأسد في معسكر مهجور للحرس الجمهوري قرب دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تتمسك بالحسم ضد «قسد»

مقاتل يحمل رأس تمثال لباسل أكبر أبناء الرئيس الأسبق حافظ الأسد في معسكر مهجور للحرس الجمهوري قرب دمشق أمس (أ.ف.ب)
مقاتل يحمل رأس تمثال لباسل أكبر أبناء الرئيس الأسبق حافظ الأسد في معسكر مهجور للحرس الجمهوري قرب دمشق أمس (أ.ف.ب)

شنّت طائرات تركية غارات على مواقع لـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في ريف حلب الشرقي، في ظل هجوم واسع تشنّه فصائل موالية لأنقرة لطرد القوات التي يهيمن عليها الأكراد من سد تشرين ومحيط مدينة منبج.

ويترجم الانخراط التركي في المعارك، كما يبدو، إصراراً على حسم المعركة ضد «قسد»، رغم تعزيزات يرسلها الأميركيون لطمأنة حلفائهم الأكراد.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن طائرات تركية هاجمت مواقع تابعة لـ«قسد» في سد تشرين ومدينة دير حافر جنوب شرقي مدينة منبج. من جهتها، قالت «قسد»، في بيان، إن الفصائل الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسعاً على قرى عدة في جنوب منبج وشرقها، وإنها نجحت في التصدي للمهاجمين.

وقُتل 12 من عناصر «قسد» وأُصيب 8 آخرون نتيجة القصف والاشتباكات السبت، في حين قُتل 50 من عناصر الفصائل، بحسب «المرصد».

وتزامنت المعارك مع دخول رتل عسكري أميركي يتألّف من 20 شاحنة، من إقليم كردستان العراق إلى الأراضي السورية عبر معبر الوليد، واتجه نحو قاعدتي تل بيدر وقسرك بريف الحسكة.

وأفاد «المرصد» بأن القوات الأميركية أرسلت رتلاً من 13 مدرعة إلى عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، حيث تستكمل بناء قاعدة عسكرية هناك.