كانت قصة حياة نجم كرة البيسبول الأميركي جيم موريس مثيرة وحافلة بالأحداث للدرجة التي جعلت شركة «ديزني» الشهيرة تنتج فيلما عنه بعنوان «ذا روكي». وكان التحول الأكبر في مسيرة موريس هو انتقاله من العمل مدربا لإحدى فرق المدارس الثانوية للعب في الدوريات الكبرى للمحترفين لأول مرة في حياته وهو في الخامسة والثلاثين من عمره!
ربما يذكرنا هذا الأمر بلاعب كرة القدم الإنجليزي باكو كريغ، الذي ابتعد لمدة تسع سنوات كاملة عن كرة القدم للمحترفين في إنجلترا، بعدما استغنت أكاديمية الناشئين بنادي وستهام يونايتد عن خدماته. لكن كريغ تمكن مؤخرا من اللعب في دوريات المحترفين، حيث انضم لنادي وايكومب واندررز وهو في السابعة والعشرين من عمره، قبل أن يجتاح وباء كورونا العالم ويجمد حلمه لبعض الوقت.
وما لم يصبح باكو لاعبا في الدوري الإنجليزي الممتاز، فإنه لن يصل لشهرة والده، مايكي كريغ، الذي كان عضوا بفرقة «كالتشر كلوب» الموسيقية الشهيرة. يقول كريغ: «أنا لست موسيقياً، لكنني أحببت الرياضة من والدي، الذي كان عداء جيداً. لكنني اكتسبت قدرتي على التحمل من أمي، التي تمكنت حتى بعد إنجابنا من قضاء وقت ممتع في الماراثونات! لذلك، فأنا أتمتع بهذه التركيبة المختلفة».
نشأ كريغ في أكاديمية وستهام للناشئين، لكن النادي تخلى عن خدماته في عام 2011. يقول كريغ عن ذلك: «ذهبت إلى شيفيلد يونايتد وقدمت أداء جيدا مع فريق الرديف بالنادي، لكن النادي قال إنه سيعتمد على لاعب أصغر مني بعام كان يحظى برعاية خاصة في النادي، وكان هذا اللاعب هو هاري ماغواير، لذلك ربما اتخذ النادي القرار الصحيح فيما يتعلق بهذا الأمر!».
وبعد فترة وجيزة من عدم الانضمام لأي ناد يلعب في دوريات المحترفين، قبل كريغ منحة دراسية لكرة القدم في كلية «يونغ هاريس كوليدج» في ولاية جورجيا الأميركية. وانتهى الأمر ببقاء كريغ في الولايات المتحدة لمدة ثماني سنوات، حيث لعب لناديي روكيت سيتي يونايتد وأوكالا ستامبيد، قبل أن يلعب لفترة ناجحة مع نادي لويسفيل سيتي في دوري الدرجة الثانية بالولايات المتحدة.
يقول كريغ: «لقد فزنا ببطولة الدوري أكثر من مرة على التوالي، لذلك كان من المفترض أن يعني ذلك صعودنا للدوري الممتاز، لو كنا نلعب في أي بلد آخر، لكن هذا ليس هو النظام المتبع في الدوري الأميركي الممتاز. أنا لم أحصل على الإقامة في الولايات المتحدة، لذلك سيتم التعامل معي على أنني لاعب أجنبي وسأعتبر واحدا من اللاعبين الثمانية الأجانب المسموح لأي ناد في الدوري الأميركي الممتاز بالتعاقد معهم، لكن من المفهوم أن هذه الأندية تحجز هذه القائمة للتعاقد مع لاعبين من أمثال اللاعب السويدي زلاتان إبراهيمتوفيتش أو التعاقد مع لاعبين مميزين من أميركا الجنوبية. لذلك فكرت في حل لهذه المشكلة، وقررت أن أغامر وأبحث عن شيء أفضل».
غادر كريغ الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وخضع لفترة اختبار في نادي كوينز بارك رينجرز. ويقول عن ذلك: «كان من المفترض أن تستمر فترة الاختبار لثلاثة أيام، لكنها امتدت إلى خمسة أسابيع. لقد قدمت مستويات جيدة في التدريبات، ولعبت بعض المباريات مع فريق النادي تحت 23 عاما، وكنت سعيدا للغاية. لقد أثبت من خلال هذه التجربة أنني قادر على اللعب في هذا المستوى. ثم قال المدير الفني لكوينز بارك رينجرز، مارك واربورتون، إنه لا يوجد عرض لي للاستمرار مع الفريق. لقد كان صريحاً جداً، لكنني شعرت بالإحباط لأنني لم أستطع إثبات أنه يمكنني اللعب في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا».
لكن واربورتون ساعد كريغ في الحصول على فرصة مع نادي وايكومب، الذي كان يقاتل من أجل احتلال أحد المراكز المؤهلة لملحق الصعود لدوري الدرجة الثانية، قبل أن يتوقف النشاط الكروي بسبب تفشي فيروس كورونا. يقول كريغ: «كانت تجربة اللعب مع وايكومب مختلفة تماما، حيث كان اللعب أكثر خشونة وأكثر بساطة وفاعلية. وبعد الخضوع لفترة اختبار لمدة تقترب من ستة أسابيع، وقع النادي عقدا معي لمدة شهر واحد لكي يروا مستواي في المباريات. وسارت الأمور على ما يرام وكنت متحمساً حقاً لهذه التجربة. ثم تفشى فيروس كورونا وتوقف كل شيء».
وبعد أن كان كريغ قريباً جداً من تحقيق حلمه الذي تأخر كثيرا، أصبح في مشكلة كبيرة مرة أخرى. لكنه اعتاد على هذا الأمر الآن، ويقول: «حتى لو أخبرني النادي بعدم استمراري معه فسأكون على ما يرام. لقد شعرت بالصدمة عندما كنت في سن الثامنة عشرة وتم الاستغناء عن خدماتي ولم أكن أعرف أين أذهب، لكن الأمر مجرد مسألة وقت، ويجب أن نعرف أن جميع لاعبي كرة القدم المحترفين تقريبا قد تم الاستغناء عنهم من ناد أو أكثر. لقد تعلمت أنه لا يوجد لاعبان محترفان قد حققا النجاح من خلال السير في الطريق نفسه، فكل لاعب يسير في طريق مختلف تماما».
وعلى عكس موريس، الذي عمل في مجال التدريب بعد سبع سنوات من اللعب في الدوريات الصغيرة، كانت وظيفة كريغ الوحيدة هي كرة القدم. يقول اللاعب الإنجليزي الشاب عن ذلك: «لقد تعلمت كثيرا في نادي وستهام، وساعدتني الأشياء التي تعلمتها هناك على أن أكون مستعدا دائما للعب». كما ساعدته دراسة علم النفس على أن يتحلى بقدر كبير من التوازن، ويقول عن ذلك: «كان من الرائع أن أدرس علم النفس، وقد استفدت كثيرا من ذلك. ربما لم أدرس كثيرا من نظريات فرويد أو يونغ، لكنني أصبحت قادرا على فهم الموضوعات المختلفة وطريقة تطبيق الأفكار في المواقف المختلفة التي أتعرض لها، وقد استفدت كثيرا من ذلك».
وسيكمل كريغ عامه الثامن والعشرين في أكتوبر (تشرين الأول) القادم، لكنه يعتقد أن الوقت لا يزال أمامه، قائلا: «لا يزال كثير من اللاعبين المحترفين في قمة عطائهم الكروي وهم في سن الخامسة والثلاثين. أنا في كامل لياقتي الآن، ولا أشعر بالقلق بشأن تقدمي في العمر». ويقول كريغ عن الوضع الحالي بسبب تفشي فيروس كورونا إن «العزلة الذاتية صعبة للغاية. إنني أسأل نفسي في بعض الأحيان عن الهدف الذي أسعى لتحقيقه، خاصة أنه لا يوجد أي شيء يلوح في الأفق في الوقت الحالي. لكنني أدرك تماماً أن كثيرا من الناس في مواقف أسوأ بكثير. إنني أنظر إلى الأهداف التي أسعى لتحقيقها، ولا أنظر إلى القيود. وإذا لم أتمكن من الحصول على عقد في أحد أندية دوريات المحترفين في إنجلترا، فسوف أبحث عن فرصة أخرى في أوروبا. أنا شخص متفتح العقل، وكل ما أريده هو أن أكون لاعب كرة قدم».
ابتعد 9 سنوات عن الملاعب... وحين عاد حطم «كورونا» حلمه
كريغ: كل ما أريده هو أن أكون لاعب كرة قدم
ابتعد 9 سنوات عن الملاعب... وحين عاد حطم «كورونا» حلمه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة