حكومة «الوفاق» تطلق عملية لاستعادة سرت

«الجيش الليبي» يتحدث عن «معركة مقدسة» ضد تركيا

TT

حكومة «الوفاق» تطلق عملية لاستعادة سرت

أعلنت قوات حكومة «الوفاق الوطني» الليبية، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، أمس، إطلاق عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مدينة سرت على بعد 450 كلم شرق طرابلس، التي تتمركز فيها القوات الموالية للمشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي.
وقال العقيد محمد قنونو، المتحدث باسم قوات حكومة «الوفاق»، في بيان صحافي، «صدرت التعليمات لقواتنا ببدء الهجوم والتقدم، والضرب بقوة كل بؤر المتمردين في سرت، حيث نفذ سلاح الجو 5 ضربات جوية في محيطها، استهدفت آليات مسلحة لميليشيات حفتر». بدوره، أعلن العميد إبراهيم بيت المال، آمر غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، التابع لحكومة السراج، تحرير منطقة الوشكة بالكامل، ضمن ما سماه بعملية «دروب النصر»، في وقت قالت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها «الوفاق»، إن ما وصفته بـ«حركة ذعر وهروب كبيرة» تحدث لقوات «الجيش الوطني» في مدينة سرت، مشيرة إلى أن أعيان المدينة يعرضون تسليمها لحكومة «الوفاق». كانت «العملية» قد أعلنت، مساء أول من أمس، دخول قوات «الوفاق» مدينة بني وليد الصغيرة، الواقعة جنوب ترهونة. وطبقاً لمصادر عسكرية، فقد اتجهت قوات «الجيش الوطني»، المنسحبة من مدينة ترهونة، إلى مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية في وسط ليبيا، مشيرة إلى أن بعض السكان فروا باتجاه الشرق، وأن عائلة «الكاني» التي تسيطر على ترهونة منذ عام 2014 انسحبت أيضاً.
وبسيطرتها على معظم أنحاء شمال غربي ليبيا، زاد ترسخ مكاسب حكومة «الوفاق»، التي كان دعم تركيا العسكري لها عاملاً أساسياً في نجاحاتها العسكرية مؤخراً. وقد توعدت وزارة الخارجية بحكومة السراج بمقاضاة «الدول الداعمة لحفتر على ما ارتكبته من جرائم ضد الليبيين»، وأكدت في بيان لها على ضرورة بسط الحكومة سيطرتها الأمنية على كامل التراب الليبي لإدارة العملية السياسية، بعيداً عن تهديدات السلاح. وعلى الرغم من أن قوات «الجيش الوطني» فقدت السيطرة على ثلاث مدن استراتيجية خلال اليومين الأخيرين. إلا أنها أكدت في المقابل أن تراجعها كان استجابة لضغوط دولية وإقليمية، مؤكدة استمرار «المعركة المقدسة» ضد تركيا. وقال اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم حفتر و«الجيش الوطني»، «ما زلنا نتلقى اتصالات من الدول الكبرى والصديقة لضبط النفس، وعداً منهم بحلول سريعة لوقف إطلاق النار، وحلول سريعة في الملف السياسي والاقتصادي والأمني»، معتبراً أن ما حدث «لا يعني ترك المعركة والسماح بالاحتلال التركي لبلادنا. ونحن الآن في حالة تموضع قواتنا وتجهيزها استعداداً للعمليات المقبلة».
وأضاف المسماري، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس: «لم نواجه تركيا وحدها، بل واجهنا معها حلف شمال الأطلسي (الناتو) وترسانته»، لافتاً إلى أنها استخدمت إمكانات عسكرية ضخمة تابعة للحلف «ضد جيشنا وشعبنا والمدنيين العزل، وانتظرنا الأمم المتحدة كثيراً دون جدوى، ونعتقد أن غطرسة تركيا لا يهمها إلا احتلال بلادنا... المعركة مع تركيا أصحبت الآن جهاداً مقدساً... والمعركة مستمرة، وسيرى إردوغان صلابة الليبيين». وحمل المسماري، حكومة «الوفاق»، المسؤولية عن انتهاك الأتراك لحرمة الدولة الليبية، ومساهمتها في قتل المدنيين بالطائرات المسيرة في ترهونة، وبني وليد، والشويرف، ومزده، والأصابعة، لافتاً إلى أن الجيش استجاب لما وصفه بضغوط وتوصيات واتصالات من دول كبرى، وكذلك من الأمم المتحدة، بضرورة وقف النار، واستئناف اجتماعات «5+5»، وموضحاً أنه طلب من الجيش الوطني الرجوع مسافة لا تقل عن 60 كيلومتراً من مواقعه حول العاصمة، ضماناً لعدم قصف أي أهداف داخل المدينة، وإبعاد المعركة عنها. وقال: «استجبنا لهذه التوصيات أملاً منا في إيجاد حل، وإنهاء الأزمة التي يعاني منها الشعب الليبي من نزوح وتهجير، وتبديد لمقدرات البلاد وصعوبة تقديم الخدمات المعيشية للمواطن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.