أدب ما بعد «كورونا»

الصدق يحرر من الخوف وأفكار تغيّر شكل الكتابة

منى ماهر - رأفت السويركي
منى ماهر - رأفت السويركي
TT

أدب ما بعد «كورونا»

منى ماهر - رأفت السويركي
منى ماهر - رأفت السويركي

ما هو شكل الإبداع ما بعد «كورونا»، سؤال لا يفرض نفسه على الأدب فقط، بل على كل مقومات الحياة في العالم: هل ستدخل الكتابة أفقا جديدا تتخطى من خلاله ما خلفته هذه الكارثة من عطب في العقل والوجدان الإنساني، وما هو شكلها وملامحها؟ في هذا التحقيق آراء مجموعة من الكتاب الروائيين، وتصوراتهم لشكل الإبداع ما بعد كورونا:

- أحمد الخميسي: مصير إنساني موحد
ارتبطت التغيرات الكبرى في المذاهب الأدبية والفنية بتحولات اجتماعية عميقة، مثل ظهور الرومانسية مع التحول المزلزل من النظام الإقطاعي إلى مجتمع صناعي وصعود الطبقة الوسطى، ومثل الإعلان عن المدرسة الدادية كاحتجاج يائس وعدمي على الحرب العالمية الأولى، أما عن الأشكال الأدبية المستقرة مثل القصة والرواية فإنها عادة تتغير ببطء شديد للغاية، لهذا لا أتوقع أن يؤدي وباء كورونا إلى ظهور مذاهب أدبية أو تحولات خاصة في أشكال الإبداع الأدبي والفني، لكن الوباء، وتفشيه بهذه القسوة وضرباته العمياء في كل اتجاه، قد تستدعي أفكارا جديدة إلى مضمون العمل الإبداعي، وأظن أن فكرة المصير الإنساني الموحد ستكون على رأس القائمة، ذلك أننا للمرة الأولى نرى بسطوع سقوط قوة المال أمام الوباء، وسقوط قوة المناصب، ونرى أيضا للأسف عجز العلم وحيرته، وفي المقابل نشهد الحاصدة التي تقطف الرؤوس من دون تمييز بين أبيض وأسود، غني أو فقير. وأظن أن كل ذلك سيطرح بشدة على الإبداع قضية «وحدة المصير الإنساني»، وهي جملة قد لا تكون جديدة، لكن صوتها كان خافتا ووجهها شاحبا، الآن يضع الوباء أمام أعيننا قضايا ملحة، أظنها ستحظى باهتمام المبدعين، مثل قضية أنه لا نجاة لا أحد بدون الآخرين، ولا نجاة للآخرين من دون كل فرد. ربما تكون تلك النغمة هي المعزوفة الأولى التي سنسمعها بتوزيع مختلف في كل مرة من عالم الإبداع، مع أمل ألا تصبح الهموم الإنسانية الجديدة مادة لأعمال تجارية شبه أدبية سريعة الإعداد. في كل الأحوال يبدو في أيامنا هذه كأن الأرض كلها تطلق تنهيدة واحدة، ولا بد أننا سننصت في الإبداع الحقيقي إلى هذه التنهيدة ونحس حرارتها بطرق مختلفة.

- رأفت السويركي: إعادة تشكيل المشهد
إذا كان السؤال حول شكل إبداع «ما بعد كورونا» يكتسب مشروعيته من تلك الهواجس المصطنعة التي تشكلها حالة «الإرعاب» المهيمنة إعلاميا من الجائحة؛ فإن العقل التفكيكي القارئ للصورة الراهنة يتوقف كثيراً عند مقصود هذه الحالة وقد تلبست الرداء العولمة.
تلك الحالة المهيمنة من الاهتمام بالجائحة تمثل انتقالة في الخطاب لا يعادلها في المماثلة سوى خطاب «الإرعاب» من «الإرهاب» الذي تشكل عقب تدمير بُرجي التجارة بنيويورك. والقاسم المشترك بين حالتي «الإرهاب والإرعاب» هو أرقام ضحايا الجائحتين من القتلى والناجين.
إن تأمل الصورة الجديدة الخاصة بفيروس «كورونا»، والصورة القديمة بفيروس «الإرهاب» تضع في «المسكوت عنه» وجود فاعل غير بريء؛ لأنه الصانع بشراسة للفعلين؛ وهو بالتحديد النظام الرأسمالي الأميركي المهيمن.
ولا يمكن هنا أن نتغافل عن تقرير «نيويورك تايمز» حول إغلاق مختبر «فورت ويتريك» لأبحاث الجراثيم والفيروسات بولاية «ميريلاند» التابع للقيادة الطبية للجيش الأميركي بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة؛ وهذا المختبر وسواه كان يتولى التجارب حول الفيروسات المصطنعة؛ ومنها الفيروس الأم لكل سلالة «فيروس كورونا».
ولأن الرأسمال المركز الباحث عن الربحية الفاحشة أصبح يتمدد تحت جناح العولمة منذ انقضاء نمط الحرب الباردة بين الكتلتين؛ يحاول تضخيم الصورة الربحية لأمواله. فمع تقلص ساحة المعارك التدميرية بالأسلحة لا بد من التنشيط لأنماط الحروب الناعمة ذات الاقتصاديات الثقيلة ومنها اقتصاديات الدواء؛ وهنا تبدأ وستتواصل دورات جديدة من الحروب البيولوجية بالأوبئة؛ لإعادة تشكيل الأسواق؛ والبحث عن مسارب جديدة للربحية الرأسمالية؛ فهل غير «الإرعاب» بالفيروسات من بديل؟ لربما سيشهد العالم لاحقا صورا من إبداعات اصطناع «حروب الأوبئة» لتحل محل أدبيات الحروب العسكرية؟
إن تعبير الإبداع هو اصطلاح نخبوي في الأساس ويدل على طبيعة الخطاب المحيط بالظواهر والذي تنتجه النخبة المثقفة. لذلك فهو فعل لاحق وتابع؛ ومن هنا يكتسب المشروعية؛ بشغف النخبة للتعبير عن «دراميات الواقع ومتخيلاته»، وهنا يكون السؤال حول شكل إبداع «ما بعد كورونا».
وهنا تكون التوقعات اللاحقة بتوظيف جائحة كوفيد – 19 «كورونا» لتكون موضوعا لبعض الأعمال الروائية أو المسرحية المحدودة؛ غير أنها لن تصل لقيمة الإبداعات السالفة لكامو، وماركيز وسواهما. فالتصور الذي تفرضه تطورات الواقع هو تقليص مدى مساحة الدرامية المأساوية للموت بـ«كورونا» عقب التوصل السريع لعلاجاته؛ خاصة أنه يتخير كضحايا شرائح عمرية في الأساس هي في طريقها للموت الطبيعي بالشيخوخة؛ لكن يجري توظيفه اقتصاديا؛ وهنا هو مربط الفرس.

- جان دوست: الجوع أولا
في اعتقادي سيكون هناك تغيير بلا شك. فالجائحة لم تكن حدثاً عاديا، ولا وباء محصوراً في بقعة محددة ولزمن قصير. كل إنسان على وجه الأرض تأثر بشكل أو بآخر. وبما أن الأوبئة منابع هامة للإبداع فإن الأدب بشكل عام سيتأثر بالجائحة. ولا أبالغ إذا قلت إن المرحلة التالية من الأدب، ولمدة عقود قادمة ستكون مرحلة الخوض في أسباب الجائحة، تأثيراتها، خفاياها،. كثيرون من الروائيين والشعراء وكتاب القصة والمبدعين بشكل عام سيتناولون الموضوع لكن كلٌّ من زاويته الخاصة. في الغرب، وفي مجال السينما خاصة، أنا على يقين أن السمة التجارية ستكون طاغية في المشهد السينمائي الغربي كالعادة.
من وجهة نظري فإن الموضوع لا يخلو من المبالغة. صحيح أن هناك ضحايا يسقطون، وإصابات كثيرة، لكنها لا تشكل شيئا أمام جائحة الجوع التي تحصد أعداداً هائلة، لا يهتم بها عداد الموت الذي تضبطه المركزية الغربية على إيقاعها الخاص.
لا يسلط الإعلام الدولي، الذي تديره إمبراطوريات إعلامية توجه الرأي العام العالمي على مزاجها، أي ضوء على ضحايا هذه الجائحة، اليوم مثلاً وحتى هذه الساعة، التي أجيب فيها على أسئلتكم، مات أكثر من خمسة عشر ألف إنسان بسبب الجوع. هل يهتم الإعلام الرأسمالي بهؤلاء؟ لماذا يوجهون الكاميرا إلى مصاب الكورونا ولا يوجهونها إلى ضحايا الجوع وهم أضعاف ضحايا بقية الجوائح؟ لماذا تكثر القصص الإعلامية عن الكورونا ولا نسمع قصص الموت جوعا؟ الجواب هو أن الضحايا في حالة الجوع فقراء معدمون، فقراء لدرجة أنهم يموتون لأنهم لا يجدون شيئا يأكلونه. أيضاً حسب الموقع العالمي «وورلدومتر» ضحايا الملاريا حول العالم منذ بداية العام أكثر من أربعمائة ألف إنسان! كيف لا يهب العالم لمحاصرة هذا المرض الوبيل الذي يفتك بالناس بصمت مطبق مريب من الإعلام؟
طبعاً لا أميل إلى نظريات المؤامرة لكنني أحاول إثارة أسئلة من جهة وإدانة الاهتمام الزائد عن الحد واللامبرر بالجائحة كنوع من تقليد الإعلام الغربي المركزي. ومن ثم أرى أن المرحلة التالية ستكون تحت تأثير جائحة الكورونا وكما قلت لمدة عقود، ليس بسبب ضحايا هذه الجائحة، ولا بسبب خطورة المرض بل بسبب هذه الضجة الإعلامية الهائلة وغير المسبوقة. ليس المرض ولا طبيعة الفيروس الرهيب هو الذي سيحرك الأقلام بل الإعلام وسطوته. وبطبيعة الحال فكلنا شركاء في «الدعاية المجانية» لكورونا بما ننشره في وسائل التواصل الاجتماعي، وما نكتبه من مقالات وما نذيعه من تقارير هنا وهناك، سيقع الأدب والفن في المرحلة اللاحقة تحت تأثير هذا الضخ الإعلامي الكبير وستشهد السينما بشكل خاص قفزة في مجال أفلام الجوائح، وسيهتم الإعلام بالروايات التي ترصد المرض وتأثيراته على المجتمعات وربما تفوز تلك الروايات والأفلام بأرفع الجوائز بينما سيستمر الفقراء في الموت جوعاً وبصمت.

- منى ماهر: قناعات جديدة
الكورونا ضيف ثقيل حقا، لكنه أعاد تشكيل حياتنا رغم رفضنا استقباله، هذا الفيروس الضعيف نجح في اختراق أعتى الحصون، نجح في اختراق الدوائر المحيطة بنا والتي كنا نعتقد أنها توفر لنا الحماية، كما منحنا وقتا للعزلة مع أنفسنا، وقتا لإعادة حساباتنا، تغير الكثير من معتقداتنا وعاداتنا، فلقد اكتشفنا أننا أضعف بكثير مما نظن، وأننا لسنا بالقوة التي خدعنا بها أنفسنا، عندما تتغير الأفكار، تبدأ رحلة البحث عن قناعات جديدة، قناعات تناسب الأفكار وتتغير نظرتنا للأمور من خلالها، فنرى للإبداع زوايا جديدة، زوايا مهجورة لم نكن نرتادها، فمن كان لا يؤمن بالحب، قد يرى في الحب الخلاص، ومن كان لا يؤمن بسحر الوطن سيجد في الوطن الملاذ والسكن سيتغير الكثير، وستلوح في الأفق بدايات جديدة، ونهايات غير متوقعة، الجمال في حياتنا سيغير محل إقامته، الزحام الذي كان يؤنسنا قد يصبح مصدر إزعاج وخوف، والوحدة قد تصبح هي الأمان، سنعيد قراءة البشر، ونعيد ترتيب الأصدقاء على أرفف حياتنا، من كان يحتل الرفوف الأولى، قد يصبح في الرفوف الأخيرة، وقد يغادر نهائيا... إبداع ما بعد الكورونا يستحق الاهتمام، فأنا أعتقد أن القراءة ستحصد المزيد من الاهتمام، وأعتقد أن ذلك سيعيد تقييم العديد من الأعمال والعديد من الكتاب، ستظهر نجوم وستختفي نجوم. الأدب الصادق والحقيقي هو ما سيبقى، ستبقى الكتابات التي تلمس القلوب، الكتابات التي تقترب من روحك دون أن تجرحها أو تخدعها، الصدق الفني سيصبح معيار النجاح. الكورونا أصابنا بالخوف، ثم بدأ يحررنا منه تدريجيا، هذا الفيروس الصغير اقتحم أرواحنا ليخبرنا أن هناك الكثير من الأشياء التي كنا لا نراها رغم أنها كانت تستحق الاهتمام، سنبحث عن هذه الأشياء وسنعيد ترتيب حياتنا.


مقالات ذات صلة

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

صحتك طفلة تتلقى جرعة من لقاح «موديرنا» لفيروس «كورونا» بصيدلية سكيباك في شوينكسفيل - بنسلفانيا (رويترز)

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

قال مارتي ماكاري، مفوض إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، اليوم (السبت)، إن البيانات أظهرت وفاة 10 أطفال؛ بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل في المكسيك يتلقى جرعة من لقاح الحصبة (رويترز)

لقاحات شائعة تمنع الأمراض المزمنة وبعض أنواع السرطان... تعرّف عليها

لا تقتصر فوائد اللقاحات على حمايتك من أمراض معدية محددة أو تخفيف حدة الأعراض عند الإصابة بالمرض، بل يمكنها أيضاً الوقاية من الأمراض المزمنة الشائعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شخص يجهز جرعة من لقاح «كوفيد-19» (رويترز)

تقرير: «الغذاء والدواء» الأميركية تربط وفاة 10 أطفال بلقاحات «كوفيد»

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس (الجمعة) أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية ذكرت في مذكرة داخلية أن 10 أطفال على الأقل لقوا حتفهم على «بسبب» لقاحات «كوفيد-19».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك اغلاق كورونا تسبب في ارتفاع كبير في عدد الرضع والأطفال الصغار الذين يعانون من مشاكل في النطق (رويترز)

دراسة: إغلاقات «كورونا» أعاقت قدرة الأطفال على تعلم الكلام

ارتبطت عمليات الإغلاق التي نتجت عن تفشي كوفيد 19 بارتفاع كبير في عدد الرضع والأطفال الصغار الذين يعانون من مشاكل في النطق وتعلم الكلام وغيرها من مشاكل النمو.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم رجل يرتدي قناعاً وسط جائحة «كوفيد-19» (رويترز)

هل تدين الصين للعالم بتعويضات عن جائحة «كوفيد»؟

صعّدت ولاية ميسوري الأميركية مساعيها لمصادرة أصول صينية في الولايات المتحدة، سعياً للحصول على تعويض مقداره 24 مليار دولار، في قضية تُتهم فيها بكين بالكذب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.


أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
TT

أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)

طوّر فريقٌ بحثي دولي، بقيادة جامعة تكساس الأميركية، أداةً مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُساعد المبرمجين من ضعاف البصر على إنشاء النماذج ثلاثية الأبعاد وتحريرها والتحقق منها بشكل مستقل.

وأوضح الباحثون أن هذه الدراسة تفتح الباب أمام إتاحة أدوات الإبداع التكنولوجي للأشخاص ضعاف البصر، وهو مجال لا يزال محدوداً جدّاً حتى الآن. وقد قُدّمت النتائج، الخميس، خلال مؤتمر «ASSETS 2025» الدولي للحوسبة في دنفر بالولايات المتحدة.

ويعاني المبرمجون ضعاف البصر تحديات كبيرة في العمل على الأكواد والنماذج الرقمية، إذ تعتمد أدوات برمجة تقليدية عدّة على الرؤية المباشرة للشاشات والنماذج ثلاثية الأبعاد.

ووفقاً للفريق، فإن نحو 1.7 في المائة من المبرمجين يعانون ضعف البصر، ويستخدمون أدوات مثل قارئات الشاشة وشاشات برايل التي تتيح لهم قراءة الأكواد بطريقة «برايل».

وجاء اهتمام الفريق في تطوير الأداة بعد ملاحظتهم التحديات التي واجهها زميلهم الكفيف أثناء دراسة النمذجة ثلاثية الأبعاد، إذ كان يحتاج دائماً إلى مساعدة الآخرين للتحقّق من عمله.

وتحمل الأداة المبتكرة اسم «A11yShape»، وتهدف إلى تمكين ضعاف البصر من تحرير النماذج والتحقّق منها دون الحاجة إلى مساعدة أشخاص مبصرين، ما يفتح أمامهم فرصاً أوسع للمشاركة في المشروعات التقنية والإبداعية بشكل مستقل.

وتعتمد الأداة على التقاط صور رقمية متعددة الزوايا للنماذج التي يُنشئها المبرمجون في محرر الأكواد «OpenSCAD»، ومن ثمَّ يستخدم النظام نموذجَ الذكاء الاصطناعي «GPT-4o» لتحويل الأكواد والصور إلى وصفٍ نصّي دقيق يمكن للمستخدم فهمه بسهولة.

كما تقوم الأداة بمزامنة التغييرات بين الكود والوصف والنموذج ثلاثي الأبعاد، وتوفّر مساعداً ذكياً شبيهاً بـ«روبوت دردشة» للإجابة عن أسئلة المستخدم المتعلّقة بالتصميم والتحرير.

وبذلك تتيح الأداة للمبرمجين من ضعاف البصر العملَ بشكل مستقل على تصميم النماذج ثلاثية الأبعاد من دون الحاجة إلى مساعدة شخص مبصر، ما يُعزّز فرصهم في الإبداع والمشاركة الفعلية في المشروعات التقنية.

واختبر الباحثون الأداة مع 4 مبرمجين من ضعاف البصر، وتمكّنوا بفضلها من إنشاء وتعديل نماذج ثلاثية الأبعاد لروبوتات وصواريخ وطائرات هليكوبتر بشكل مستقل.

وقال الدكتور ليانغ هي، الأستاذ المساعد في علوم الحاسوب بجامعة تكساس والباحث الرئيسي في الدراسة: «هذه خطوة أولى نحو تمكين الأشخاص ضعيفي البصر من الوصول إلى أدوات الإبداع، بما في ذلك النمذجة ثلاثية الأبعاد».

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن فريقه سيواصل تطوير الأدوات لدعم المبرمجين ضعيفي البصر في مهام إبداعية أخرى، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وتصميم الدوائر الإلكترونية، بهدف تمكينهم من العمل بشكل مستقل في هذه المجالات.


الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
TT

الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)

أكد الدكتور عبد اللطيف الواصل، رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية، أنّ المرحلة الراهنة تتطلَّب استعادة دور الفلسفة في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتقدَّم فيه المادية، لتُعيد طرح الأسئلة الكبرى، وتُقدّم قراءة أعمق للتحوّلات التي يشهدها العالم.

وتابع الواصل، خلال افتتاح أعمال «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025» في نسخته الخامسة، أنّ الرياض باحتضانها هذا الحدث المعرفي تُرسّخ مكانتها فضاءً حيّاً يتقاطع فيه عمق الفكرة مع حيوية التجديد، وتمنح الفكر موقعاً فاعلاً في صياغة الرؤى والأسئلة المعاصرة.

يشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً عالمياً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين (هيئة الأدب)

وتتواصل، منذ الخميس، نقاشات غنيّة ضمن أعمال المؤتمر الذي تُنظّمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في مكتبة الملك فهد الوطنية، تحت عنوان «الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة».

ويشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين من مختلف دول العالم، يمثّلون مدارس فلسفية متعددة، مما يمنح البرنامج تنوّعاً معرفياً يُعزّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات.

نقاشات مُعمَّقة ضمن ورشات العمل المُصاحبة للمؤتمر (هيئة الأدب)

وتشهد الفعالية أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية، وطرائق التفكير، ومسارات التأثير المتبادل بين المدارس الفكرية، إلى جانب مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني، والتحوّلات الثقافية، ودور الفلسفة في قراءة الواقع.

هذا الزخم العلمي يمنح الباحثين والمهتمّين رؤى متنوّعة ومقاربات موسَّعة، تُعمّق النقاشات الفلسفية وتُطوّر فهماً أوسع للأسئلة الكبرى في الفكر الإنساني.

مؤتمر الرياض عزَّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات (هيئة الأدب)

الروابط المشتركة بين الشرق والغرب

وأشار الواصل إلى أنّ اختيار عنوان المؤتمر يعكس حقيقة أنّ الفلسفة لم تُولد من الجغرافيا بقدر ما تشكّلت من السؤال. وأضاف أن تناول ثنائية الشرق والغرب ليس هدفه تكريس الانقسام، بل إبراز الروابط المشتركة بين التجارب الفكرية وما يجمعها من ميراث إنساني قائم على البحث عن المعنى وصناعة الوعي.

وأوضح أنّ انعقاد المؤتمر في نسخته الخامسة هو امتداد لمشروع فكري انطلق قبل 5 أعوام، وتحوَّل إلى مبادرة راسخة تُعزّز حضور الفلسفة وتُثري حوار الثقافات، وتُرسّخ موقع المملكة منصةً عالميةً في مجالات الإنتاج المعرفي وصناعة الفكر.

وأوضح الواصل أنّ المؤتمر بات اليوم مشروعاً يتنامى أثره عاماً بعد عام، ويتّسع حضوره محلّياً ودولياً، بما يعكس الثقة التي اكتسبها ودوره في دعم الحوارات الفلسفية بين الشرق والغرب.

يشهد المؤتمر أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية (هيئة الأدب)

وأكّد أنّ الحاجة المتزايدة لاستعادة دور الفلسفة تنبع من واقع عالمي سريع التحوّل، تتقاطع فيه الأزمات والأسئلة الوجودية. وترى الرياض في هذا الحدث مساحة تتفاعل فيها الفكرة العميقة مع التجديد الفكري، في فضاء مفتوح يعكس المكانة المتنامية للمملكة في المشهد الفلسفي العالمي.

ويُعدّ «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة» من أبرز الفعاليات الفكرية السنوية في المنطقة، إذ يُسهم منذ انطلاقته الأولى في تعزيز التواصل الثقافي العالمي، وإعادة تقديم الفلسفات بمختلف مدارسها في سياق دولي، وترسيخ الدور السعودي في دعم الإنتاج الفكري وبناء الجسور المعرفية بين الشرق والغرب، بما يخدم مسارات التنمية الثقافية والفكرية التي تشهدها المملكة.

مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني والتحوّلات الثقافية (هيئة الأدب)

ويأتي انعقاد المؤتمر هذا العام امتداداً لمسيرته المعرفية التي بدأت قبل 5 أعوام، ليواصل دوره منصةً عالميةً تجمع المفكرين والباحثين والخبراء من مختلف دول العالم، وتُرسّخ مكانة السعودية مركزاً دولياً لإنتاج المعرفة وتعزيز الحوار بين الثقافات.