لبنان: عاملات أجنبيات «يُرمين» في الشارع... ووزارة العمل تتحرّك

بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار

عاملات إثيوبيات أمام قنصلية بلادهن في بيروت أمس (أ.ب)
عاملات إثيوبيات أمام قنصلية بلادهن في بيروت أمس (أ.ب)
TT

لبنان: عاملات أجنبيات «يُرمين» في الشارع... ووزارة العمل تتحرّك

عاملات إثيوبيات أمام قنصلية بلادهن في بيروت أمس (أ.ب)
عاملات إثيوبيات أمام قنصلية بلادهن في بيروت أمس (أ.ب)

منذ 4 أشهر لا تتقاضى بركن (20 عاماً) راتبها. بركن تعمل في الخدمة المنزلية منذ سنتين حين تركت إثيوبيا وتوجهت إلى لبنان، ووجدت نفسها فجأة في الشارع من دون مال أو حتى أوراق ثبوتية.
تقول بركن لـ«الشرق الأوسط» إنها طالبت ربّ العمل براتبها ولم تمانع في أخذه بالليرة اللبنانية، لكنّ ربّ العمل رفض، كما رفض إعطاءها جواز سفرها، ووضعها في السيارة وأخذها إلى باب القنصلية الإثيوبية حيث «رماني كما تُرمى أكياس النفايات»؛ على حدّ تعبيرها.
آستر (22 عاماً) هي الأخرى وجدت نفسها في الشارع أول من أمس، فربّ العمل الذي لم يدفع لها راتبها منذ 9 أشهر هدّدها بالحبس واتهامها بالسرقة إن لم تترك المنزل، فتركته وتوجهت إلى القنصلية الإثيوبية من دون أوراقها الثبوتية التي رفض رب العمل إعطاءها إياها.
قصتا بركن وآسبر تشبهان قصص 35 عاملة إثيوبية افترشن الأرض، أول من أمس، أمام مبنى قنصلية بلادهن في بيروت بعدما وجدن أنفسهن بلا مأوى إثر تخلّي أصحاب العمل عنهنّ بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية وعدم قدرتهم على دفع رواتبهنّ بالدولار الأميركي.
العاملات بقين في الشارع حتى منتصف الليل حين تدخلت وزارة العمل ونقلتهن إلى أحد فنادق بيروت حيث بِتْن ليلتهن؛ كما أكّد المستشار الإعلامي في وزارة العمل حسين زلغوط، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ العاملات خضعن لفحص «بي سي آر» قبل أن ينقلن إلى مؤسسة «كاريتاس» الخيرية حيث سيبقين إلى أن تتمّ تسوية أوضاعهن، مع الإشارة إلى إمكانية إخضاعهن للحجر في حال ظهرت أي إصابة بـ«كورونا».
وأشار زلغوط إلى أنّ الوزارة تواصلت مع العاملات وتبيّن أنهن ينقسمن إلى 3 فئات، فمنهنّ من جئن طوعاً لأنهن يردن مغادرة لبنان، ومنهنّ من كنّ يعملن بطريقة غير شرعية في مؤسسات أقفلت أبوابها بسبب الأزمة الاقتصادية، ومنهنّ من تخلّى عنهن ربّ العمل.
وتشير أرقام منظمة العفو الدولية إلى أن الأجنبيات العاملات في الخدمة المنزلية في لبنان يصل عددهن إلى نحو 250 ألفاً (من إثيوبيا وبنغلاديش وسريلانكا والفلبين وكينيا)، وتعود مشكلتهن إلى بداية العام الحالي؛ إذ أصبح كثيرون من أرباب العمل غير قادرين على دفع رواتب العاملات بالدولار نظراً لعدم توافره بسبب القيود التي وضعتها المصارف، وارتفاع سعر صرفه في السوق السوداء إلى حدّ بات معه راتب العاملة يوازي نصف راتب ربّ العمل في بعض الأحيان.
ويوضح زلغوط أنّ وزارة العمل تعمل منذ فترة مع الجهات المعنية مثل وزارة الداخلية والقنصليات لوضع آلية تضمن عودة آمنة للراغبات بالعودة طوعاً في ظل إقفال المطار. أمّا فيما خصّ حقوق العاملات الأجنبيات المتمثلة برواتبهن المحتجزة لدى ربّ العمل، فأوضح زلغوط أنّ الوزارة حريصة على عدم إعادة أي عاملة من دون الحصول على حقوقها، وأنّه وفي حال تقديم أي شكوى ستعمل الوزارة على فتح تحقيق، وعند ثبوت أي مخالفة يحال رب العمل إلى الجهات القانونية المختصة.
أما فيما يتعلّق بالعاملات الإثيوبيات، وهن النسبة الكبرى من العاملات في الخدمة المنزلية في لبنان، فقد اشترطت حكومتهن حجرهنّ 14 يوماً في حال عودتهن إلى إثيوبيا، كما يوضح شادي محفوظ صاحب أحد مكاتب استقدام العاملات، شارحاً أنّ تكلفة أماكن الحجر تتراوح بين 45 و120 دولاراً مقابل الليلة، فباتت تكلفة تسفير العاملة تصل إلى ألفي دولار، لا سيما أنّ سعر بطاقة السفر لا يقلّ عن 600 دولار، وكلّ أماكن الحجر ذات التكلفة المعقولة (45 دولار يومياً) باتت مشغولة؛ الأمر الذي تحول إلى عبء إضافي على صاحب العمل.
ويرى محفوظ أنّ الحلّ يمكن أن يكون، كما اقترحت نقابة أصحاب مكاتب الاستقدام، عبر إجراء فحص «بي سي آر» للعاملات قبل سفرهن؛ الأمر الذي لم توافق عليه الحكومة الإثيوبية حتى اللحظة، وهي التي أقفلت باب قنصليتها في وجه مواطنيها.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».