تقارير جزائرية تتوقع «تذمراً شعبياً» يعيد «الحراك» إلى الواجهة

حذرت تقارير حقوقية جزائرية من وقوع هزات داخلية عنيفة في «مستقبل قريب»، بسبب ارتفاع مرتقب لمعدلات البطالة نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتأثيراتها السلبية على المواطنين والمجتمع بشكل عام.
ويزيد من خطورة الوضع، حسب التقارير ذاتها، تداعيات أزمة «كورونا» الصحية، التي ضربت عدداً كبيراً من الشركات العمومية والخاصة، وعطّلت نشاط الاقتصاد الخفي الذي يشغل عمالة تفوق 60 في المائة من القوة العاملة.
وجاء في التقارير، التي أعدها حقوقيون بناء على ملاحظات أساتذة جامعات وخبراء في الاقتصاد، أن الرئيس عبد المجيد تبون، الذي وصل إلى الحكم نهاية العام الماضي، سيواجه ظروفاً صعبة بحلول العام المقبل لعدم توفر حلول لمشكلات كبيرة؛ أولاها البطالة التي تهدد قطاعات من المجتمع، والتي يتوقع الخبراء ارتفاع نسبتها إلى 30 في المائة، فيما هي حالياً في حدود 8 في المائة، بحسب الحكومة، بينما تؤكد أهم النقابات في البلاد أنها تصل إلى 15 في المائة.
وبحسب التقارير نفسها، فإن السلطات باتت تخشى من عودة الحراك الشعبي بعد رفع الحجر الصحي، الذي تطبقه منذ نحو 3 أشهر في إطار تدابير الوقاية من وباء «كورونا». وتفيد بأن «حالة التذمر الشعبي المتوقعة ستشكل الوقود الذي سيغذي المظاهرات، والتي ستعزز القناعة بأن السلطة الجديدة لن تتحقق طموحات الجزائريين».
وتتضمن التقارير معطيات مفادها بأن البلاد «مقبلة على احتجاجات كبيرة بسبب ارتفاع مرتقب لمعدلات الفقر»، إذ تتوقع انخفاض القدرة الشرائية لعدد كبير من العمال، وانعكاس ذلك على عائلاتهم، مما سيشكل، حسبما جاء فيها، عبئاً كبيراً على ترتيبات الحماية الاجتماعية الحكومية، وذلك في إطار رعاية الفئات الاجتماعية الهشة.
كما أكدت التقارير ذاتها أن صندوق المعاشات سيشهد أزمة أخطر من تلك التي واجهها منذ سنوات عدة، وذلك بسبب خروج الآلاف إلى التقاعد في السنوات الأخيرة، والذي قابله عجز الوظيفة العمومية عن توفير مناصب شغل، بما تمثله من اشتراكات في الضمان الاجتماعي يستفيد منها صندوق التقاعد.
وتفيد إحصاءات الحكومة بأن معاش متقاعد واحد يضمنه حالياً اشتراك يدفعه موظفان، بينما المطلوب اشتراك يسدده 5 موظفين لكل متقاعد حتى يستعيد صندوق المعاشات توازنه، بحسب التقديرات.
ويؤكد خبراء في الاقتصاد أن التدابير التي جاء بها قانون الموازنة التكميلي لسنة 2020 والذي صادق عليه البرلمان بداية الأسبوع الحالي «ستكون بمثابة فتيل لاحتجاجات شعبية غير مسبوقة»، لما تضمنه من زيادات في سعر الوقود، ستنعكس على أسعار كثير من الخدمات التي تمسّ بشكل مباشر بالقدرة الشرائية، خصوصاً وسائل النقل والسلع والبضائع.
وألغت الحكومة القاعدة الاقتصادية «49-51» في مجال الاستثمار (المستثمر الأجنبي مجبر منذ 2009 على إشراك متعامل أجنبي في أي مشروع يطلقه بالجزائر، وألا يتعدى رأسماله فيه 49 في المائة)، في قانون الموازنة التكميلي. لكن بعض المراقبين يظهرون تشاؤماً بخصوص حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية في السنتين المقبلتين، بسبب أزمة «كوفيد19» التي ضربت العالم والتي لن تشجع على الاستثمار في الجزائر؛ حسبهم.
وقال وزير للتجارة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، رفض نشر اسمه: «لقد تجاهل قانون الموازنة بشكل مخيف حالة الشركات الخاصة، التي تضررت من الأزمة الصحية، والتي تشغّل عشرات الآلاف من العمال والموظفين، وهذا يوحي بأن القائمين على شؤون الحكومة يتعاملون بتساهل مريب مع الوضع الذي ينذر بفوضى».
وبحسب الوزير السابق نفسه؛ فإن البلاد «ستعرف انكماشاً اقتصادياً لم تعرفه منذ أزمة النفط عام 1986 وما ترتب عليها من حل الشركات الحكومية، تنفيذاً لبرامج صندوق النقد الدولي، الذي أقرض الجزائر مع بداية تسعينات القرن الماضي، حيث كانت التكلفة الاجتماعية باهظة جداً، تجلت في عجز الدولة عن الوفاء بأهم حاجيات المجتمع في مجال الخدمات الصحية والتعليم، وفي المرافق العامة. وأعتقد أن البلاد ستعيش سيناريو مشابهاً، ولا يبدو أن الحكومة تقدر خطورة الصدمة التي تلوح في الأفق».