غارات جويّة عنيفة على «مثلث الشمال» السوري

أكراد وجنود أميركيون يعترضون سبيل دورية روسية شرق الفرات

عربتان أميركيتان تواجهان آليتين روسيتين قرب المالكية شمال شرقي سوريا أمس (الشرق الأوسط)
عربتان أميركيتان تواجهان آليتين روسيتين قرب المالكية شمال شرقي سوريا أمس (الشرق الأوسط)
TT

غارات جويّة عنيفة على «مثلث الشمال» السوري

عربتان أميركيتان تواجهان آليتين روسيتين قرب المالكية شمال شرقي سوريا أمس (الشرق الأوسط)
عربتان أميركيتان تواجهان آليتين روسيتين قرب المالكية شمال شرقي سوريا أمس (الشرق الأوسط)

شنّت طائرات روسية غارات عدة «مثلث الشمال» بين أرياف حماة وإدلب واللاذقية في شمال غربي سوريا، للمرة الأولى منذ سريان وقف لإطلاق النار قبل ثلاثة أشهر، في وقت اعترض مواطنون دورية روسية أقامت نقطة شمال شرقي سوريا.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الأربعاء، بأن «غارات روسية استهدفت قبيل منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء وفجراً مثلث حماة - إدلب - اللاذقية»، وهي منطقة تقع على الحدود الإدارية بين المحافظات الثلاث.
وتنتشر في المنطقة فصائل مقاتلة، على رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصيلا «حراس الدين» و«الحزب الإسلامي التركستاني» المتشددان.
وأوضح «المرصد»، أنها «الغارات الأولى منذ سريان الهدنة» التي أعلنتها موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل، في السادس من مارس (آذار) في إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة. وتشهد المنطقة منذ ذلك الحين اشتباكات متقطعة وقصفاً مدفعياً متبادلاً بين الطرفين.
وبموجب اتفاق الهدنة، تسيّر روسيا وتركيا دوريات مشتركة على طول طريق دولية استراتيجية تُعرف باسم «إم فور» وتفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل.
وبحسب «المرصد»، فإن الغارات الروسية جاءت «في محاولة لإبعاد المقاتلين عن الطريق، وكذلك عن قرى في منطقة سهل الغاب تنتشر فيها قوات النظام مع القوات الروسية».
وأعقب وقف إطلاق النار هجوم واسع شنّته قوات النظام بدعم روسي، دفع قرابة مليون شخص للنزوح خلال ثلاثة أشهر، عاد 120 ألفاً منهم فقط إلى مناطقهم وفق الأمم المتحدة.
ولا يعد وقف إطلاق النار الحالي الأول في إدلب التي تعرضت خلال السنوات الأخيرة لهجمات عدة شنتها قوات النظام بدعم روسي، وسيطرت خلالها تدريجياً على أجزاء واسعة من المحافظة. ومع تقدمها الأخير في جنوب إدلب وغرب حلب، بات قرابة نصف مساحة المحافظة تحت سيطرة قوات النظام.
من جهتها، قالت المراصد العسكرية التابعة لفصائل المعارضة المسلحة، إن طائرات حربية روسية شنّت 3 غارات جوية بقنابل شديدة الانفجار استهدفت كلاً من تل الأغور، ومحيط بلدتي السرمانية والزيارة في أقصى ريف حماة الغربي. وأضافت، أن الطائرات الروسية أقلعت من قاعدة حميميم في اللاذقية غرب سوريا ونفذت الغارات الجوية على المواقع بصواريخ وقنابل شديدة الانفجار، دون أن ترد معلومات عن حجم الأضرار التي تسبب فيها القصف الجوي الروسي، ذلك عقب تحليق مكثف لمقاتلات حربية روسية في أجواء مناطق إدلب جبل التركمان والأكراد شرقي اللاذقية خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة على مدار اليوم بالتزامن مع تحليق طائرات مسيرة في أجواء جبل الزاوية جنوب إدلب
وأعلنت «الجبهة الوطنية للتحرير» في بيان لها، أن القسم الشرقي في جبل الزاوية جنوب إدلب «منطقة عسكرية». وحذرت المدنيين من الاقتراب بغية الحفاظ على أرواحهم بسبب الخروقات المتواصلة من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية المتمثلة بالقصف المدفعي والصاروخي على المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة
وأجرت القوات التركية والروسية الدورية الرابعة عشرة المشتركة انطلاقاً من قرية الترنبة بالقرب من مدينة سراقب على الطريق الدولية «M4»، وواصلت مسيرها إلى القرب من بلدة أورم الجوز بالقرب من مدينة أريحا جنوب إدلب، قابلها عدد كبير من الأهالي باحتجاج ورشق السيارات العسكرية الروسية بالحجارة احتجاجاً على دخولها المناطق المحررة. ودخلت 3 أرتال عسكرية تركية من معبر كفرلوسين الحدودي باتجاه المناطق الجنوبية لإدلب وريف حلب الغربي، وتضم الأرتال العسكرية «مدفعية وعربات مدرعة، بالإضافة إلى منظومات دفاع جوي».
في شمال شرقي سوريا، احتشد سكان قرية كردية حدودية بريف بلدة المالكية (ديريك) التابعة لمدينة الحسكة أمام نقطة عسكرية أنشأتها الشرطة العسكرية الروسية أمس.
وهذه المرة الأولى التي يعترض فيها سكان محليون على تسيير الشرطة الروسية دورياتها في ريف البلدة التي تقع بالقرب من البوابة الحدودية بين مناطق الإدارة الذاتية وإقليم كردستان العراق.
وفي إطار توسيع انتشارها العسكري بالمناطق الحدودية المتاخمة للمثلث الحدودي بين سوريا والعراق وتركيا، وعلى بعد كيلومترات من المنفذ الحدودي سيمالكا – فيشخابور الحدودي، أنشأت الشرطة العسكرية الروسية نقطة عسكرية لها في قرية «قصر ديب» التابعة إدارياً لبلدة المالكية (ديريك).
وأثناء تمركزها وتشييد البناء الذي اتخذته؛ تجمع عشرات من الأهالي ونظموا احتجاجاً شعبياً رافضين تواجد قوات روسية في مسقط رأسهم. كما أجبرت القوات الأميركية نظيرتها الروسية أمس على العودة إلى نقاطها في القامشلي، بعد وصول 15 مدرعة روسية إلى مدخل مدينة المالكية بعدما اتخذت موقعاً عسكرياً قربها.
وتحول مشهد قطع الطرق وتوقف السير الذي يقوم به جنود أميركيون مع مدرعاتهم العسكرية، لعرقلة مرور دورية روسية، أمراً اعتيادياً يومياً لدى سكان المنطقة، وتتخذ القوات الروسية من مطار القامشلي قاعدة عسكرية رئيسية، كما يوجد جنودها في 10 نقاط بعد الانسحاب الأميركي منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، والهجوم التركي على منطقة شرق الفرات وسيطرتها على مدينتي رأس العين بالحسكة وتل أبيض بالرقة.
في سياق متصل، نشرت حسابات موالية للحكومة السورية ومواقع روسية، مقطع فيديو أظهر جندياً سورياً يقف أمام قافلة أميركية في قرية الدردارة بريف بلدة أبو راسين التابعة لمدينة الحسكة، ويتحدث إليهم باللغة الإنجليزية ويخاطب الجنود الذين وقفوا أمام عرباتهم العسكرية، ويطلب منهم الخروج من بلده. وبحسب شهود عيان تواجدوا أثناء الحادثة، كانت دورية أميركية مؤلفة من 4 مدرعات عسكرية في طريقها من بلدة تل تمر مروراً بأبو راسين متجهة نحو بلدة الدرباسية المجاورة، وقبل وصولها إلى أبو راسين قطع الأهالي الطريق ورشقوها بالحجارة وتجمع عشرات برفقة جنود مواليين للرئيس السوري بشار الأسد وأغلقوا الطريق؛ الأمر الذي أجبر الدورية إلى سلك طريق فرعية للوصول إلى الطريق الرئيسية الحدودي مع تركيا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.