احتجاجات «لا أستطيع التنفس» تتسع خارج أميركا

لندن شهدت مظاهرة حاشدة ضد العنصرية أمس (رويترز)
لندن شهدت مظاهرة حاشدة ضد العنصرية أمس (رويترز)
TT

احتجاجات «لا أستطيع التنفس» تتسع خارج أميركا

لندن شهدت مظاهرة حاشدة ضد العنصرية أمس (رويترز)
لندن شهدت مظاهرة حاشدة ضد العنصرية أمس (رويترز)

اتّسعت المظاهرات ضد العنصرية التي تشهدها الولايات المتحدة منذ تسعة أيام إلى خارج حدودها، وانضم عشرات الآلاف من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا وغيرها إلى المحتجين الأميركيين رفضا للتمييز ضد ذوي البشرة السوداء وعنف الشرطة.
وفي تحد لقواعد التباعد الاجتماعي، وبينما تخفف الحكومات تدريجيا القيود التي فرضها وباء «كورونا» لأكثر من شهرين، ردد الآلاف «لا أستطيع التنفس»، و«لا سلم دون عدالة»، وغيرها من الشعارات التي أحيتها وفاة جورج فلويد اختناقا بيد شرطي أميركي أبيض في 25 مايو (أيار).

فرنسا تعاقب الألفاظ العنصرية

تعهد وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير، أمس، بأن «كل خطأ وتجاوز وكلمة، بما في ذلك العبارات العنصرية» سيخضع لـ«عقوبة»، وذلك بالتزامن مع خروج مظاهرات في باريس للتنديد بـ«عنف الشرطة» في أعقاب الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في الولايات المتحدة. وقال كاستانير أمام مجلس الشيوخ الفرنسي: «لن أتهاون في هذا الشأن»، في وقت أشعلت وفاة الأميركي جورج فلويد على يد شرطي في الولايات المتحدة غضب الفرنسيين الذين نددوا باستخدام الشرطة لديهم العنف بحق الأقليات، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
واعتُقل 18 شخصا في باريس خلال صدامات على هامش تجمع محظور نظم مساء الثلاثاء، بدعوة من لجنة دعم عائلة الشاب الأسود آدم تراوري الذي توفي في 2016 بعد توقيفه، كما ذكرت إدارة الشرطة للوكالة الفرنسية. وقالت الشرطة إن نحو عشرين ألف شخص شاركوا في المظاهرة في العاصمة الفرنسية، موضحة أن 17 من الذين اعتقلوا أوقفوا قيد التحقيق. ونظم هذا التجمع ضد عنف الشرطة بمبادرة من أقرباء تراوري، في اليوم الذي كشفت فيه نتائج دراسة أجريت بطلب من العائلة تورطا محتملا للدرك في مصرع الشاب البالغ من العمر 24 عاما.
وقالت السلطات الفرنسية إن المظاهرة في باريس كانت محظورة بسبب الحالة الطارئة الصحية في هذا البلد الذي يمنع أي تجمع لأكثر من عشرة أشخاص، لأنها «لم تتقدم بطلب ترخيص مسبق». وأوقف سبعة أشخاص، وأصيب عشرة شرطيين بجروح طفيفة في نحو عشرة تجمعات ضد عنف الشرطة في عدد من المدن الفرنسية الأخرى، حسب مصدر في الشرطة.

احتجاجات لندن تتحدى التباعد الاجتماعي

خرجت مظاهرات حاشدة في لندن أمس، تضامنا مع الحركة الاحتجاجية الأميركية وتعبيرا لرفض العنف ضد السود. وفيما رحب رئيس الوزراء البريطانية بحق التظاهر، دعا المحتجين إلى احترام قوانين التباعد الاجتماعي، وهو ما لم يلتزم به كثير من المتظاهرين أمس.
من جهتها، قالت الشرطة البريطانية إنها شعرت بالفزع إزاء الطريقة التي فقد بها فلويد حياته وما أعقب ذلك من أحداث عنف في مدن بالولايات المتحدة، لكنها دعت المحتجين المحتملين في بريطانيا إلى العمل مع الشرطة في ظل استمرار القيود المفروضة لاحتواء تفشي فيروس كورونا. وقال مديرو قطاعات الشرطة من جميع أنحاء المملكة المتحدة في بيان مشترك: «نقف إلى جانب كل من أفزعتهم وروعتهم الطريقة التي فقد بها جورج فلويد حياته... العدالة والمحاسبة لا بد أن تأخذا مجراهما». وأضافوا: «وراعنا أيضا رؤية أعمال العنف والتخريب التي وقعت في العديد من المدن الأميركية». وتابعوا: «مهما كان السبب الذي يريد المواطنون التجمع من أجله، نطالبهم بالعمل مع الشرطة في هذا الوقت الصعب».
بدوره، قال بوريس جونسون أمس أمام البرلمان أمس: «بالطبع حياة السود مهمة، وأنا أتفهم تماما الغضب والحزن الذي يشعر به الناس ليس في أميركا فقط، بل في جميع أنحاء العالم وفي بلدنا أيضا». وتابع قائلا: «وأدعم أيضا كما قلت من قبل الحق في التظاهر. النقطة الوحيدة التي سأشير إليها... هي أن أي احتجاج يجب أن يتم بشكل قانوني وفي هذا البلد يجب أن تُنظم الاحتجاجات بما يتفق مع قواعدنا الخاصة بالتباعد الاجتماعي».
وفي رسالة وجهها إلى الرئيس الأميركي، قال جونسون إن العنصرية «لا مكان لها في مجتمعاتنا». وتابع في مؤتمر صحافي: «رسالتي للرئيس ترمب، ولأي كان في الولايات المتحدة، من المملكة المتحدة، أن العنصرية وأعمال العنف العنصرية لا مكان لها في مجتمعاتنا، وأنا واثق بأن كثيرين في العالم يشاطرونني هذا الرأي».

صدمة ألمانية

قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، أمس، إن الحكومة شعرت بالصدمة من وفاة الأميركي جورج فلويد على يد الشرطة، وإن بلاده لا بد أن تعمل على مكافحة العنصرية في الداخل، مثلما فعلت دول أخرى.
وقال المتحدث شتيفن زايبرت: «موت جورج فلويد... أصاب المواطنين بالصدمة في ألمانيا وجميع دول العالم... وأصاب الحكومة الاتحادية (في ألمانيا) بالصدمة أيضا». وتابع قائلا: «كانت ميتة مروعة يمكن تجنبها». وأضاف: «أنا متأكد من وجود عنصرية في ألمانيا أيضا... كل مجتمع بما في ذلك مجتمعنا مطالب بمواصلة العمل على مكافحة هذا الأمر»، كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.
بدوره، أدان وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب باستخدام القوة العسكرية ضد المتظاهرين. وقال ماس لمجلة «دير شبيغل» الألمانية أمس: «بدلا من سكب الزيت على النار، يجب أن نسعى للمصالحة. وبدلا من السماح لأنفسنا بالانقسام إلى معسكرات مختلفة، يجب أن نقف معا ضد المتطرفين الراديكاليين». وأوضح أن التهديد بالعنف سيؤدي فقط إلى مزيد من العنف. وقال: «يجب على الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين، ألا يصعدّوا مطلقا، حتى بالكلمات».
وكما في غيرها من المدن الأوروبية، خرجت مظاهرات سلمية في مدن ألمانية تتضامن مع المحتجين الأميركيين ضد العنصرية ضد السود.

البابا فرنسيس يدين
كل أشكال العنصرية
اعتبر البابا فرنسيس، أمس، أن أي شكل من أشكال العنصرية «غير مقبول»، معلقا على مقتل جورج فلويد، منددا في الوقت نفسه بأعمال العنف خلال المظاهرات التي تلت. وقال البابا أمس: «لا يمكننا أن نقبل ولا نغض النظر عن أي شكل من أشكال العنصرية أو الإقصاء، والادعاء بأننا ندافع عن قدسية أي حياة بشرية»، واصفاً العنصرية بالخطيئة. لكنه أضاف: «في الوقت نفسه، علينا الإقرار بأنّ العنف الذي شهدته الليالي الأخيرة هو تدمير ذاتي». وقال إنّه «لا مكسب من العنف في حين أنّ أشياء كثيرة أخرى تضيع». وقال: «أتابع بقلق بالغ الاضطرابات الاجتماعية الشديدة التي وقعت في (بلدكم) في هذه الأيام إثر الوفاة المأساوية للسيد جورج فلويد». وتابع: «اليوم أنضم إلى كنيسة سانت - بول ومينيابوليس، وإلى الولايات المتحدة، من أجل أن أصلي لراحة نفس جورج فلويد ولكل الذين قضوا بسبب خطيئة العنصرية».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».