مساءلة البرلمان التونسي للغنوشي تطرح تساؤلات حول مستقبله

برلمانيون اتهموه باستغلال منصبه لـ«تمرير مواقف لا يوافق عليها بقية النواب»

TT

مساءلة البرلمان التونسي للغنوشي تطرح تساؤلات حول مستقبله

بدأ البرلمان التونسي صباح أمس مساءلة رئيسه راشد الغنوشي، زعيم «حركة النهضة»؛ الحزب الإسلامي المتزعم المشهد السياسي والبرلماني، في خطوة قد تفضي إلى سحب الثقة منه في حال حصول خصومه على الأغلبية المطلقة داخل البرلمان (تقدر بـ109 أصوات من إجمالي 217 صوتاً)، وتطرح علامات استفهام حول مستقبله السياسي، سواء داخل الحركة الإسلامية أو في البرلمان. وقد استمرت جلسة المساءلة حتى وقت متأخر من ليلة أمس.
وناقشت الجلسة العامة نقطتين مثيرتين للجدل، هما: لائحة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، بزعامة عبير موسي، التي تطالب بمساءلة الغنوشي وسحب الثقة منه بصفته رئيساً للبرلمان، وإجراء نقاش عميق حول الدبلوماسية البرلمانية في علاقة بالوضع بليبيا، في ظل اتهامات باصطفاف رئيس البرلمان إلى جانب طرف ليبي على حساب الآخر، بعد تهنئته فائز السراج باستعادة قاعدة «الوطية» العسكرية من قوات المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي.
وخلال مداخلة لها أمام أعضاء البرلمان، اتهمت رئيسة «الحزب الدستوري الحر» نواب «حركة النهضة» بمحاولة «تمطيط» الجلسة البرلمانية حتى لا يتم التصويت على سحب الثقة من رئيس البرلمان خلال ساعات الليل، في حين أكد عماد الخميري، قيادي «النهضة»، أن أحزاب الائتلاف الحكومي تعتبر الجلسة «مجرد حوار» مع رئيس البرلمان حول الدبلوماسية البرلمانية، في حين يصر خصومها على اعتبارها جلسة لـ«مساءلة» الغنوشي حول مواقفه السياسية، واتهامه باستغلال رئاسة البرلمان لتمرير مواقف لا توافق عليها بقية الأطراف الممثلة في البرلمان، وهو ما يستدعي، حسبها، سحب الثقة منه.
وقال هيكل المكي، النائب عن «حركة الشعب»، إن ما ارتكبه الغنوشي «يعدّ من الأخطاء الجسيمة، واعتداء على الدبلوماسية التونسية وعلى البرلمان والشعب، وكذلك على سيادة دولة مجاورة»، مشدداً على أن الغنوشي يجب أن يحاسب على ما ارتكبه من انخراط في سياسة الاصطفاف في الصراع الليبي. وأوضح المكي، أن «حركة الشعب» ضد التدخل الخارجي في ليبيا بأنواعه، وتدعم موقف رئيس الجمهورية الداعي إلى أن يكون الحل ليبياً - ليبياً، وطالب الغنوشي بأن يعتذر عما قام به، ويصحح المسار، «أو سيكون الحل هو التوجه نحو لائحة لسحب الثقة منه».
بدوره، كشف نبيل الحجي، النائب عن كتلة «التيار الديمقراطي»، أمس، عن أنه لا توجد من الناحية القانونية وحسب النظام الداخلي للبرلمان جلسة مساءلة للغنوشي، لكنه وصفها بأنها «مساءلة سياسية»، بسبب اتصاله برئيس حكومة الوفاق الليبية.
وخلال جلسة أمس طالبت موسي بالتوقيع على لائحة تشدد على رفض البرلمان التونسي أي تدخل خارجي في الشأن الليبي، وتشكيل قاعدة لوجيستية داخل تونس قصد تسهيل هذا التدخل. وأكدت أن نواب مختلف الكتل البرلمانية «وجدوا أنفسهم في إحراج نتيجة احتواء اللائحة على اسمي تركيا وقطر، وهذا يحرج قيادات (النهضة)»، على حد تعبيرها. وتنص هذه اللائحة على عدم الاصطفاف وراء سياسة المحاور مهما كانت، ورفض التدخل الأجنبي والمحافظة على وحدة ليبيا وسيادتها.
من ناحيته، اتهم محمد القوماني، النائب عن حركة النهضة، بعض النواب بمحاولة تحويل الجلسة العامة إلى جلسة إساءة للقيادات السياسية، مبرزاً أن موقف حركة النهضة «واضح بشأن الملف الليبي، فهي تدعو إلى أن يكون الحل ليبياً، وترفض كل أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية».
وبخصوص سحب الثقة من الغنوشي، قال الخليفي، إن سحب الثقة «إجراء مكفول بالنظام الداخلي للبرلمان، ويمكن لحزب قلب تونس اتخاذ هذا الإجراء إذا وقع المس بمصالح تونس»، مؤكداً أنه لا أحد فوق المساءلة. لكن الخميري، قيادي «النهضة»، قال إن هذه الدعوات «صادرة عن قوى تفتقر إلى وزن سياسي، وتستهدف رئيس البرلمان لشخصه في محاولة للانقلاب على الشرعية»، مؤكداً أنه لا وجود لأزمة سياسية في البلاد.
من جهتها، انتقدت سامية عبو، النائبة عن حزب التيار الديمقراطي، طريقة إدارة الغنوشي للجلسة العامة البرلمانية، وتشبثه برأيه على حساب الأغلبية، واتهمته بأنه لا يزال بعيداً لكي يصبح رجل دولة، على حد تعبيرها.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.