مخاوف لبنانية من «قانون قيصر» وبحث لطريقة التعامل مع تداعياته

TT

مخاوف لبنانية من «قانون قيصر» وبحث لطريقة التعامل مع تداعياته

مع بدء العدّ العكسي لدخول «قانون قيصر» الأميركي حيز التنفيذ، يترقّب لبنان مفاعيله التي بدأت معالمها تظهر وستشكّل ضغطاً مضاعفاً على الحكومة في موازاة مفاوضاتها الشاقة مع صندوق النقد الدولي سعياً للحصول على مساعدات تشترط بشكل أساسي تطبيق الإصلاحات، وأبرزها في المعابر غير الشرعية مع سوريا.
ويرجّح أن يبحث «قانون قيصر» في مجلس الوزراء غداً من خارج جدول الأعمال، حسبما لفتت مصادر وزارية. وكانت الحكومة قد أصدرت بياناً قالت فيه إنها بصدد دراسة تأثير هذا القانون على لبنان والهوامش التي يمكن للحكومة العمل فيها من دون حدوث ارتدادات سلبية على البلد، نافية أن يكون قد حدث أي التزام أو نقاش لهذا القانون في الجلسة السابقة، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام.
وكان الكونغرس الأميركي قد أقر قانون «قيصر» في ديسمبر (كانون الأول) 2019، وهو ينص على معاقبة كل من يقدّم أي مساعدة أو أي دعم أو أي تواصل مع النظام في سوريا.
وفي حين قال وزير الصناعة عماد حب الله، أمس، قبيل جلسة مجلس الوزراء إنه «لا يجب أن يكون هناك تأثير لـ(قانون قيصر) على الحكومة»، قالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»: «لا شكّ في أن لهذا القانون مفاعيله على لبنان؛ البلد الأقرب إلى سوريا مع حدوده المفتوحة عليها، لكن علينا ترقب كيف سيكون التنفيذ، وعلى ضوء ذلك سيتم تحديد الموقف اللبناني».
ويؤكد اللبناني نزار زكا، المعتقل السابق في إيران، والذي يعمل اليوم ضمن فريق «قانون قيصر»، لـ«الشرق الأوسط» أن عقوبات القانون ليست موجّهة ضد لبنان؛ «إنما هي تطلب من لبنان التعاون لتفادي أي إجراءات ضد الدولة في وقت لاحق، وتحديداً في العلاقات المالية والمصرفية بين بيروت ودمشق، ووقف التهريب بشكل نهائي». وفيما يلفت إلى عقوبات متوقعة ضد شخصيات لبنانية حليفة لـ«حزب الله» والنظام السوري، يشدّد على أن هذا القانون «سيكون الأمل الأخير للبنانيين المفقودين في السجون السورية والذين يقدّر عددهم بـ630 شخصاً منذ الحرب اللبنانية، ويرفض النظام الاعتراف بوجودهم»، مؤكداً العمل بشكل حثيث لإنهاء هذه القضية ومعرفة مصيرهم، مشيراً إلى أن أحد الشهود السوريين كشف للفريق الذي يعمل على القانون عن أنه التقى عدداً منهم في سجن بسوريا قبل سنة ونصف السنة.
ويلفت زكا إلى أن الحكومة اللبنانية «ستكون ملزمة بمكافحة التهريب الذي يزداد في المرحلة الأخيرة إلى سوريا، وإلا تعدّ متواطئة، وستكون معرضة للعقوبات».
وعن العقوبات المتوقعة ضد شخصيات حليفة للنظام السوري و«حزب الله»، يقول زكا: «من الآن فصاعداً؛ لن يكون مقبولاً أي حجج لتبرير علاقات البعض، لا سيما التجارية والمالية، مع (حزب الله) والنظام السوري، وهؤلاء سيكونون معرضين للعقوبات التي سيعلن عنها على 4 دفعات من 17 يونيو (حزيران) حتى آخر شهر أغسطس (آب)». ويحذّر كل المؤسسات والأشخاص الذين سبق لهم أن بدأوا أعمالهم ونشاطاتهم في سوريا تحت ما تسمى «إعادة الأعمار»، مؤكداً أن هؤلاء سيكونون أيضاً إذا استمروا في خططتهم، عرضة للعقوبات.
ويؤكد مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» سامي نادر أن لبنان «سيكون في صلب تداعيات (قانون قيصر) إذا لم يلتزم بضبط المعابر غير الشرعية والشرعية على حد سواء؛ حيث التهريب إلى سوريا يتم دون حسيب أو رقيب»، مشيراً في الوقت عينه إلى «انعكاسات هذا القانون، الذي يطال أركان النظام السوري، المالية والعسكرية، وبالتالي ستكون في مرماه أيضاً المصارف اللبنانية الموجودة في سوريا، والعمليات المالية بين لبنان ودمشق، وهو ما سيرتّب على لبنان إجراءات جديدة وحاسمة».
ويطرح نادر علامة استفهام حول مصير «المجلس الأعلى اللبناني - السوري»، وما سيحل به نتيجة العقوبات، ويرى أن الحكومة الحالية «أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما الالتزام بهذا القانون، وإما تجويع الشعب اللبناني».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.