«التشكيلات» تعمّق خلاف وزيرة العدل مع مجلس القضاء في لبنان

TT

«التشكيلات» تعمّق خلاف وزيرة العدل مع مجلس القضاء في لبنان

اتسعت دائرة الخلاف بين وزيرة العدل اللبنانية ماري كلود نجم، ومجلس القضاء الأعلى على خلفية تأخر الوزيرة في توقيع مرسوم التشكيلات القضائية الذي أنجزه المجلس قبل ثلاثة أشهر، ومن ثم تجزئة المرسوم إلى مرسومين، في وقت يبدو أن التشكيلات لا تزال ضائعة في دهاليز الخلافات السياسية والصراع على المواقع القضائية التي يتنازعها أهل السلطة.
وحفلت الساعات الماضية بسجال إعلامي بين الطرفين، إذ اتهمت وزيرة العدل مجلس القضاء بالخضوع للضغوط السياسية، وتعيين قضاة في مراكز معينة، ما دفع بالأخير إلى اتخاذ موقف عالي اللهجة، اعتبر فيه أن الوزيرة «قدمت مقاربة غير منصفة لموضوع التشكيلات». ورأى مجلس القضاء في بيان أن «كلام الوزيرة عن وجود مآخذ مسلكية تطال بعض القضاة في مراكز محددة غير مسند ويجافي الواقع، وكان الأجدى بها إيراد هذا الأمر في ملاحظاتها التي أولى القانون وزيرة العدل إبداءها على مشروع التشكيلات عوضاً عن ذكرها في الإعلام».
وأمام تمسّك كلّ طرف بموقفه من التشكيلات، أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، أنه «يقوم بواجباته كاملة ولا يبحث عن خلافات مع أحد». وشدد لـ«الشرق الأوسط»، على أن «مجلس القضاء الأعلى قام بكل ما يمليه عليه الواجب وأنجز التشكيلات القضائية بكل استقلالية وفق قناعته وحرّيته، والكرة باتت في ملعب السلطة السياسية وليس عندنا». ورفض القاضي عبود الإيحاء بأن التشكيلات لم تراع مبدأ القاضي المناسب في المكان المناسب، وقال: «وضعنا معايير علمية وموضوعية للتشكيلات لم تكن موجودة، وأنجزنا في مجلس القضاء عملاً جماعياً ومتحداً، ونحن نتحمّل مسؤولية نتائج هذه التشكيلات نجاحاً أو فشلاً». وختم عبود قائلاً: «ليس لدي هدف أو غاية أخرى غير القضاء، والعمل على تحقيق الاستقلالية التامة للقضاء والتحرر من التأثيرات السياسية».
في المقابل، لفت مصدر مسؤول في وزارة العدل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المآخذ على التشكيلات لا تقتصر على وزيرة العدل، بدليل ما أعلنه رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان، الذي وصف التشكيلات في شقها الجزائي بأنها سيئة». وقال المصدر: «كلنا مدرك أن مجلس القضاء هو المرجع الأساسي والوحيد لتقييم أداء القضاة وتشكيلهم، لكن من واجبات وزيرة العدل الإضاءة على الثغرات التي تعتري التشكيلات، والدستور أعطاها حق إبداء الرأي عليها»، مشيراً إلى أن الوزيرة ماري كلود نجم «لم تعترض على أي اسم في التشكيلات، لكنها اعترضت على المبدأ».
وكان مجلس القضاء الأعلى أنجز التشكيلات في 5 مارس (آذار) الماضي، وأحالها على وزيرة العدل لتوقيعها على أن تصدر بعد تذييلها بتواقيع وزيري الدفاع والمال ورئيسي الحكومة والجمهورية، لكنّ نجم وضعت ملاحظات عليها، ورفضت إبقاء بعض المراكز حكراً على طوائف محددة، ولاحظت أن التشكيلات لم تأخذ برأي وزيرة الدفاع (زينة عكر) بما يخص القضاة العدليين المنتدبين إلى المحكمة العسكرية، إلّا أن مجلس القضاء أصرّ بإجماع أعضائه على صدور التشكيلات بالصيغة التي وضعها من دون أي تعديلات، عندها أقدمت الوزيرة على تجزئة مشروع المرسوم إلى مرسومين، الأول يتعلّق بالقضاء العدلي والثاني بالقضاء العسكري وهو ما جمّد التشكيلات.
ونفى المصدر البارز في وزارة العدل تجميد مرسوم التشكيلات، وشدد على أن الوزيرة ماري كلود نجم «لم تضع التشكيلات في أدراج مكتبها كما فعل وزراء عدل سابقون». ولاحظ أن «النص لا يلزم وزير العدل بمهلة زمنية، في حين أن الوزيرة وضعت ملاحظاتها على المشروع في غضون ثلاثة أيام وأعادته إلى مجلس القضاء» وأضاف «لو كانت تريد عرقلة التشكيلات كان بإمكانها أن تهمل المشروع، لكنها لم تفعل بل أخذت بعض الوقت للتدقيق في الأسماء». وأوضح أن وزيرة العدل «طلبت استعادة مرسوم التشكيلات من مجلس الوزراء، لتضمّ إليه المذكرة الإلحاقية التي وردتها من مجلس القضاء الأعلى والتي تتضمن معالجة النقطة التي أثارتها وزيرة الدفاع، وضرورة أن يقتصر مرسوم التشكيلات على 12 قاضياً في المحكمة العسكرية بدلاً من 18 وفق ما ورد في مشروع التشكيلات، ولتعيد توحيد الرؤية في التشكيلات وفق الصيغة التي وضعها مجلس القضاء بعد إدخال التعديلات اللازمة».
واستغرب المصدر المسؤول في وزارة العدل الهجمة غير المسبوقة التي تتعرض لها الوزيرة نجم، والتي ترسم علامات استفهام كبيرة. ودعا إلى «عدم التفريط في فرصة وجود الوزيرة نجم في وزارة العدل، ووجود القاضي سهيل عبود على رأس السلطة القضائية، للبدء بتطبيق استقلالية القضاء وإبعاده عن التدخلات السياسية».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.