الرئيس الجزائري يتوعد «لوبيات» تنتقد الجيش

التقى كبار الضباط... وتعهد إطلاق سراح أبرز سجينين سياسيين

TT

الرئيس الجزائري يتوعد «لوبيات» تنتقد الجيش

توعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون «لوبيات معروفة بامتداداتها» اتهمها بشن «حملات يائسة» على المؤسسة العسكرية، خلال لقاء مع كبار المسؤولين العسكريين في وزارة الدفاع، أمس، فيما نقل عنه رئيس حزب تعهده الإفراج عن السجينين السياسيين البارزين كريم طابو وسمير بلعربي اللذين يتابعهما القضاء بتهمة «إضعاف معنويات الجيش».
وجاء لقاء تبون مع القادة العسكريين وسط جدل حول «المهام الجديدة للجيش خارج الحدود» أثارته التعديلات الدستورية التي تعرضها الرئاسة للنقاش منذ الشهر الماضي. وقال الرئيس خلال اللقاء، إن «الموقف الوطني الثابت لسليل جيش التحرير الوطني، أزعج أعداء الجزائر من الحاقدين والحاسدين والمتسترين بلوبيات ما زالت أسيرة ماض تولى إلى غير رجعة». وأضاف أن «هذه اللوبيات معروفة في مهدها ومعروفة بامتداداتها ومعروفة بأدواتها ونحن لها بالمرصاد».
وخاطب العسكريين قائلاً: «لا عجب أن يسترسلوا في حملاتهم الهستيرية للنيل من معنوياتكم، لأنهم لم يتعلموا من تجارب التاريخ، وإلا لأدركوا أن هذه الحملات اليائسة ضد سليل جيش التحرير الوطني ومهما تنوعت فنون وشرور أصحابها في التضليل لن تزيد شعبنا إلا التفافاً حول جيشه، ولن تزيد جيشنا إلا انصهاراً في الشعب».
وأعلنت الرئاسة في بيان أن تبون زار الوزارة بصفته وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وكان في استقباله رئيس أركان الجيش بالنيابة اللواء السعيد شنقريحة والأمين العام لوزارة الدفاع الوطني، وكوادر عدة، بحسب البيان الذي لم يذكر سبب الزيارة. لكن يرجح أن لقاء تبون بكبار الضباط يأتي في سياق مفهوم جديد لـ«عقيدة الجيش» تضمنته مسودة تعديل الدستور التي ستعرض على الاستفتاء، وتتمثل بمشاركته في «مهمات لحفظ السلام بالخارج» بعدما كان ذلك مرفوضاً بشدة.
إلى ذلك، قال رئيس حزب «جيل جديد» سفيان جيلالي في بيان، أمس، إنه التقى تبون الأربعاء الماضي في مقر الرئاسة ليطلب منه «إطلاق إجراءات تهدئة وتوفير ظروف حوار وطني». وأكد تعهد الرئيس الإفراج عن السجينين السياسيين البارزين طابو وبلعربي، «في أقرب وقت ممكن وبعد إتمام الإجراءات الرئاسية الرسمية»، في إشارة ضمناً إلى تحضير عفو رئاسي عنهما وهي صلاحية يمنحها الدستور لرئيس الدولة.
وأكد جيلالي أنه رفض في وقت سابق «الإفصاح عن هذه المبادرة، فقد أردنا أن نتركها في السر احتراماً للسجناء وتجنباً لأي تأويلات سياسية مغرضة، واليوم حتمت الظروف السياسية على جيل جديد، إعلام الرأي العام بشأن الحقيقة الكاملة»، في رد على حملة على الحزب في وسائل التواصل الاجتماعي اتهمته بـ«مهادنة السلطة» على خلفية اللقاء. وأوضح أن حزبه «سعد بهذا التعهد الرسمي من جانب الرئيس، وهو ينتظر بفارغ الصبر رؤية كريم طابو وسمير بلعربي، يستعيدان حريتهما».
وكان المعارض السياسي أطلق تصريحات في وسائل إعلام أجنبية، أغضبت المحامين المدافعين عن معتقلي الحراك وعائلاتهم، مفادها بأن «هناك مبالغة في الحديث عن وجود عدد كبير من سجناء الرأي». وأعلن دعمه لمسعى تعديل الدستور الذي تطرحه الرئاسة، بعكس تحفظات غالبية أحزاب المعارضة.
وأسس طابو حزباً قبل سنوات باسم «الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي». لكن وزارة الداخلية رفضت الترخيص له بالنشاط من دون تقديم مبررات. وقد كان لسنوات السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، وهي أقدم حزب معارض، ثم استقال منه بسبب خلاف مع مؤسسه التاريخي رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد.
واعتقل طابو في سبتمبر (أيلول) الماضي، في خضم الحراك الشعبي، بسبب تصريحات حادة ضد قائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح. وأدان القضاء طابو بعام حبساً، منها ستة أشهر مع وقف التنفيذ. وكان على وشك مغادرة السجن بحكم أنه استنفد العقوبة، غير أن القضاء تابعه في قضية أخرى وأدانه بعام سجناً. وخلفت القضية موجة استياء كبيرة في أوساط نشطاء الحراك والحقوقيين.
أما بلعربي ذو التوجه الإسلامي، فقد قضى ستة أشهر في الحبس الاحتياطي، وحصل على حكم البراءة. واعتقل من جديد في مظاهرة بالعاصمة منعتها قوات الأمن بالقوة. وتم في المظاهرة نفسها، اعتقال الصحافي خالد درارني، مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود» الذي أودع الحبس الاحتياطي بتهمتي «المس بالوحدة الوطنية» و«التجمهر غير المرخص». ويوجد نحو 50 ناشطاً من الحراك في السجن.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.