السعودية تضخّ أول سيولة تحفيزية للقطاع المصرفي منذ جائحة «كورونا»

محافظ «مؤسسة النقد»: مؤشرات مطمئنة للتدفقات المالية ونوعية الأصول في البنوك المحلية

رفعت السعودية منع التجول واستأنفت الأعمال والأنشطة الاقتصادية أول من أمس (الشرق الأوسط)
رفعت السعودية منع التجول واستأنفت الأعمال والأنشطة الاقتصادية أول من أمس (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تضخّ أول سيولة تحفيزية للقطاع المصرفي منذ جائحة «كورونا»

رفعت السعودية منع التجول واستأنفت الأعمال والأنشطة الاقتصادية أول من أمس (الشرق الأوسط)
رفعت السعودية منع التجول واستأنفت الأعمال والأنشطة الاقتصادية أول من أمس (الشرق الأوسط)

في خطوة لتدعيم القطاع المصرفي، بما ينعكس على الاقتصاد إيجابياً، أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) عن أول ضخ للسيولة موجه للبنوك خلال جائحة كورونا، بقيمة 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار)، تهدف من وراءها لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي، وتمكينه من الاستمرار في دوره في تقديم التسهيلات الائتمانية للقطاع الخاص. وقالت مؤسسة النقد العربي السعودي، أمس، إن ذلك يأتي لدعم دور البنوك في دعم وتمويل القطاع الخاص، من خلال تعديل أو إعادة هيكلة تمويلاتهم دون أي رسوم إضافية، ودعم خطط المحافظة على مستويات التوظيف في القطاع الخاص، إلى جانب الإعفاء لعدد من رسوم الخدمات البنكية الإلكترونية، وذلك انطلاقاً من دورها في تفعيل السياسة النقدية، وتعزيز الاستقرار المالي.
وفي وقت أكد فيه محافظ «مؤسسة النقد»، الدكتور أحمد الخليفي، المضي على سياسة ربط الريال بالدولار، أفصح أن كل المؤشرات المالية المرتبطة بالتدفقات النقدية بالمصارف تدعو للطمأنينة، مشدداً على مراقبة مؤشري السيولة ونوعية الأصول للتأكد من أن المخصصات كافية في القطاع المصرفي. وإلى تفاصيل أكثر في التقرير:

تحد الأزمات
أشارت «مؤسسة النقد»، أمس، إلى أنه رغم ضخ السيولة المعلنة، فإن القطاع المصرفي ما زال يسجل مؤشرات أداء جيدة، مما يُعزز قدرته على مواجهة التحديات والأزمات، حيث سجل إجمالي موجودات القطاع بنهاية الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، نحو 2.7 ترليون ريال (720 مليار دولار)، بارتفاع بلغ نحو 14 في المائة، كما سجلت التسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاع الخاص نمواً خلال الفترة نفسها بنحو 12 في المائة، في حين بلغ متوسط معدل كفاية رأس المال نحو 18.6 في المائة.
وأوضحت أن متوسط نسبة تغطية السيولة بلغ 201 في المائة، ونسبة صافي التمويل المستقر نحو 126 في المائة، فيما انعكست المؤشرات إيجاباً على استمرار المصارف التجارية في أداء دورها المحوري في التنمية الاقتصادية في المملكة.

السيولة الأولى
ووسط تأكيد بيان «مؤسسة النقد»، أمس، على القيام بدورها في المحافظة على الاستقرار المالي، وزيادة كفاءة القطاع المصرفي، لدعم تحقيق «رؤية المملكة 2030»، قال الدكتور أحمد الخليفي، محافظ «مؤسسة النقد»، في تصريحات له أمس، إن ضخ السيولة الذي تم هو الأول من نوعه منذ جائحة كورونا، مشيراً إلى أن ضخ مبلغ 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) في البنوك في السعودية سيكون كودائع دون فائدة لمدة عام، موضحاً أن تلك الخطوة مختلفة عن البرنامج السابق، من تأجيل دفعات المقترضين للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال. وبيّن الخليفي أن حزمة الضخ جاءت من أجل دعم السيولة، وتخفيف العبء على البنوك التي تحملت تأجيل المدفوعات على الشركات الكبيرة، والتي لم تكن متضمنة في البرنامج السابق الخاص بالمنشآت الصغيرة، إضافة إلى دعم البنوك المنكشفة على منشآت في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

50 مليار سابقة
وللتوضيح حول أن السيولة المدفوعة حالياً هي الأولى منذ الجائحة، رغم الإعلان عن تخصيص 50 مليار ريال في مارس (آذار) تتولاها «مؤسسة النقد» حينها، فسر الخليفي، في تصريحاته أمس، أن «مؤسسة النقد» أرادت في البرنامج الأول نشر الطمأنينة بين المنشآت، بتأجيل المدفوعات 6 أشهر، في وقت كان الرقم المستهدف فيه 30 مليار ريال (8 مليارات دولار)، مضيفاً: «الآن، تجاوزنا قيمة 42 مليار ريال (11.2 مليار دولار)، استفاد منها أكثر من 65 ألف عقد بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتقريبا 9 آلاف عقد من رواد الأعمال».
وتابع محافظ «مؤسسة النقد» أن برنامج القروض المضمونة من البرامج الجذابة، بضمان 95 في المائة من التمويل، بالترتيب مع برنامج «كفالة»، وتكاليفه لا تتجاوز 4 في المائة، بما فيها التكاليف الإدارية، موضحاً أن البرنامج رصد له 13 مليار ريال (3.4 مليار دولار)، وما صرفه منها هو مليار واحد (266.6 مليون دولار)، آملاً في أن يستفاد من هذا البرنامج مع إعادة فتح الاقتصاد.
وعد أن السياسة النقدية يجب أن تفعل في مثل هذه الأوقات، وكان لذلك برنامج في المرة الأولى، وصل إلى 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار)، لتأجيل الدفعات على المقترضين من المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ورواد الأعمال، والإقراض المضمون لها، وبعض الإعفاءات من الرسوم الإلكترونية التي تحملتها مؤسسة النقد، ولم يكن ضخاً مباشراً، مثل ما أعلن عنه اليوم.

سياسة الربط
وجدد الخليفي توجهات السعودية حول أي تغيير، وبأي شكل، لسياسة ربط الريال بالدولار، مؤكداً عدم وجود أي تغيير يذكر في احتياطيات «مؤسسة النقد» خلال شهر مايو (أيار)، موضحاً في الوقت ذاته أن ما أعلنه وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، حول النقل الاستثنائي بقيمة 40 مليار دولار من الاحتياطيات إلى صندوق الاستثمارات العامة، لا يؤثر على سعر الصرف عند مستواه الحالي 3.75 ريال لكل دولار، ولا على سياسة سعر الصرف.
وقال: «الاحتياطيات الحالية 450 مليار دولار بنهاية أبريل (نيسان) الماضي، ولا يوجد تغيير يذكر عند المقارنة بين نهاية مايو (أيار) التي ستعلن لاحقاً، ونهاية أبريل (نيسان) من العام الحالي»، وأضاف: «ما زالت في وضع مريح يغطي الواردات بعدد أشهر يتجاوز 40 شهراً، ويغطي الكتلة النقدية بأكثر من 80 في المائة».

سقف الإقراض
وكشف الخليفي أن 3 بنوك سعودية تجاوز فيها معدل القروض إلى الودائع نسبة 90 في المائة بحدود بسيطة، وقد تكون هذه أحد المؤشرات على السيولة، مستدركاً: «لكن المؤسسة تراقب عن كثب... وإلى الآن، لا يوجد ضغوط تؤدي إلى عدم الطمأنينة... وأعد أن انخفاض الفوائد أحد العوامل المؤثرة على ربحية البنوك، إلى جانب انخفاض النشاط الاقتصادي».
وأفاد الخليفي بأن عمليات السوق المفتوح ستفعل خلال الشهر الحالي، ويستطيع أي بنك اللجوء إلى «مؤسسة النقد»، عبر عمليات السوق المفتوحة لدعم السيولة.

مؤشرات الطمأنينة
وزاد محافظ «مؤسسة النقد» أن كل المؤشرات تدعو للطمأنينة، مبيناً: «نراقب عن كثب مؤشري السيولة ونوعية الأصول، فلا يوجد ضغوط على نوعية الأصول، ونحن نراقبه بشكل أسبوعي حتى نتأكد من أن المخصصات كافية في القطاع المصرفي»، وعد أن أحد العوامل المهمة «وضع مخصصات، حتى تتلافى البنوك الانخفاض في نوعية الأصول».

القيمة المضافة
وقال محافظ مؤسسة النقد إن رفع القيمة المضافة من 5 إلى 15 في المائة سيغير مستويات الأسعار، وغالباً سيؤدي إلى بعض الضغوط التضخمية، مشيرا إلى أن قدرة الاقتصاد في جانبي العرض والطلب، بما فيها من مؤشرات، مريحة. ولفت إلى أن المخزونات السلعية مرتفعة بأكثر من 100 في المائة منذ العام الماضي، وهذا يساعد على امتصاص ضغوط التضخم، إلى جانب وجود مرونة في الطلب تختلف من سلعة إلى أخرى.
وعن الأدوات التي تملكها مؤسسة النقد للتعامل مع التضخم، قال الخليفي: «سيكون لدينا عمليات السوق المفتوحة، في حال كانت السيولة هي السبب في التضخم، وكذلك أذونات (مؤسسة النقد) التي تستخدم بين المرحلة والأخرى لامتصاص السيولة».



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».