بكين تتهم واشنطن بـ«إدمان الانسحاب»... وتهدد بشأن هونغ كونغ

TT

بكين تتهم واشنطن بـ«إدمان الانسحاب»... وتهدد بشأن هونغ كونغ

اتهمت بكين واشنطن بـ«إدمان الانسحاب» من المنظمات الدولية عقب قرار الأخيرة الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، وهددت برد مضاد بعد إعلان الرئيس الأميركي إنهاء أي معاملات تفضيلية بين الولايات المتحدة وهونغ كونغ. ودخلت برلين على الخط لتعرض وساطتها بين القوتين العالميتين خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي. ويأتي قرار الولايات المتحدة الانسحاب من منظمة الصحة العالمية ومقرها جنيف وسط تصاعد التوترات مع الصين بشأن تفشي فيروس «كورونا». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان أمس الاثنين: «الولايات المتحدة أصبحت مدمنة انسحاب من التجمعات وإلغاء المعاهدات»، مضيفا في إفادة يومية أن المجتمع الدولي يرفض ما وصفه بالسلوك الأناني للولايات المتحدة، «والذي يكشف عن السعي إلى ممارسة سياسة القوة والانفرادية». وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن يوم الجمعة قطع العلاقات مع منظمة الصحة العالمية واتهمها بأنها أصبحت دمية في يد الصين. ونفت المنظمة التابعة للأمم المتحدة اتهامات ترمب بأنها روجت «معلومات مضللة» نشرتها الصين بشأن الفيروس. وقالت بكين، كما نقلت التصريحات «رويترز»، إن ترمب انسحب من كل من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) واتفاقية دولية لمواجهة تغير المناخ والاتفاق النووي الإيراني، كما عارض اتفاقية للأمم المتحدة بشأن الهجرة. وهددت بكين الاثنين واشنطن بالرد في أعقاب إعلان ترمب فرض قيود على طلاب صينيين في الولايات المتحدة احتجاجا على قانون جديد للأمن القومي في هونغ كونغ. وكان ترمب أعلن الجمعة أن الولايات المتحدة ستمنع دخول بعض طلاب الدراسات العليا الصينيين إلى الولايات المتحدة، وستبدأ في إلغاء الامتيازات الخاصة الممنوحة لهونغ كونغ فيما يتعلق بالرسوم التجارية وقطاعات أخرى، في وقت تمضي بكين بخطة لفرض قانون للأمن مثير للجدل. وقال الرئيس الأميركي إن الحكومة الصينية «تنتقص من مكانة الوضع القائم منذ فترة طويلة للمدينة». وردت الصين الاثنين بغضب على الإجراءات الأميركية معتبرة أنها «تلحق الضرر بالجانبين». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية: «أي كلمات وخطوات من شأنها أن تضر بمصالح الصين ستُقابل بهجمات مضادة من الجانب الصيني»، دون إضافة أي تفاصيل. وقال إن إجراءات واشنطن «تتدخل بشكل خطير في الشؤون الداخلية الصينية وتقوض العلاقات الأميركية الصينية». وكان البرلمان الصيني صوت الخميس لصالح مشروع القانون الذي يسمح «بمنع ووقف وقمع أي تحرك يهدد بشكل خطير الأمن القومي مثل النزعة الانفصالية والتآمر وإعداد أو الوقوف وراء نشاطات إرهابية، وكذلك نشاطات قوى أجنبية تشكل تدخلا في شؤون» هونغ كونغ. وجاء ذلك بعد سبعة أشهر من مظاهرات حاشدة للمطالبة بمزيد من الديمقراطية في هونغ كونغ العام الماضي، تخللتها أحيانا أعمال عنف. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لوسائل إعلام محلية إن ألمانيا تريد بذل جهود للتوسط بين الولايات المتحدة والصين خلال رئاستها المقبلة لمجلس الاتحاد الأوروبي. وقال ماس في تصريحات لمجموعة فونكه الإعلامية نُشرت على الإنترنت أمس الاثنين: «نحن الأوروبيين ليس لدينا مصلحة في أن يصبح تضارب المصالح بين الصين والولايات المتحدة غير قابل للتوفيق». وأضاف أنه يجب ألا ينقسم العالم بين فلكين: الصين والولايات المتحدة. وقال ماس إن ألمانيا ستواجه تحديات خلال رئاستها الاتحاد الأوروبي التي تستمر ستة أشهر والتي تبدأ في أول يوليو (تموز). وشدد أيضا على أن القمة المزمع عقدها بين الاتحاد الأوروبي والصين في سبتمبر (أيلول) ستمضي قدما. وقال إن «هناك الكثير من الموضوعات المهمة التي نحتاج إلى مناقشتها مع الصين». وتابع ماس أن هدف القمة هو الحصول على التزام من الصين بشأن «الأهداف المناخية الطموحة والمنافسة العالمية العادلة».
وفي سياق متصل كشفت وثيقة اطلعت عليها «رويترز» أن أفرادا من النواب الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي يعتزمون الكشف عن تشريع هذا الأسبوع يحظر على الأميركيين الاستثمار في شركات دفاع أجنبية لها علاقات بالجيش الصيني، وذلك في أحدث تحرك ضمن سلسلة إجراءات تهدف للحد من التمويل الأميركي للشركات التي تتخذ من الصين مقرا لها.
ويخطط النواب مايك جالاجر وجيم بانكس ودوج لامالفا لتقديم مشروع القانون، الذي سيلزم وزير الخزانة ستيف منوتشين بتقديم تقرير إلى الكونغرس يحدد شركات الدفاع الأجنبية التي لديها عقود كبيرة مع الجيش الصيني أو تتلقى الدعم منه. وبعد ستة أشهر من إصدار التقرير، سيُطلب من الشركات والمواطنين الأميركيين مقاطعة تلك الشركات وسيُحظر عليهم القيام باستثمارات جديدة فيها.
وقال بانكس في بيان: «من ناحية، يطلب الكونغرس من دافعي الضرائب المساعدة في تطوير جيشنا حتى نتمكن من المنافسة مع الصين. تقوم صناديق أميركية كبيرة بضخ استثمارات في قاعدة الصناعات العسكرية الصينية... نحن بحاجة إلى وضع حد لهذا التناقض ووقف تمويل صعود ألد خصومنا على الساحة العالمية».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.