تركيا تتدرج في استعادة الحياة الطبيعية بدءاً من اليوم

استئناف الطيران الداخلي والتنقل بين المدن وفتح المطاعم والمقاهي بعد تراجع الإصابات

عمال يعقمون مسجد السليمانية في إسطنبول الثلاثاء الماضي (أ.ب)
عمال يعقمون مسجد السليمانية في إسطنبول الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

تركيا تتدرج في استعادة الحياة الطبيعية بدءاً من اليوم

عمال يعقمون مسجد السليمانية في إسطنبول الثلاثاء الماضي (أ.ب)
عمال يعقمون مسجد السليمانية في إسطنبول الثلاثاء الماضي (أ.ب)

تطبق تركيا بدءاً من اليوم (الاثنين)، سلسلة إجراءات لعودة الحياة إلى طبيعتها بعد تراجع أعداد الوفيات والإصابات بفيروس كورونا.
وقالت وزارة الداخلية التركية إنه سيتم رفع قيود السفر بين المدن بشكل كامل، وفتح رياض الأطفال ودور رعايتهم النهارية، وفتح المطاعم وحدائق الشاي والنوادي والمقاهي حتى منتصف الليل، مع عدم السماح بتدخين النرجيلة ولعب الورق. وأضافت الوزارة في بيان، السبت، أنه سيتم في ضوء القرارات التي اتخذتها الحكومة في اجتماعها الأخير برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان يوم الخميس الماضي، عبر «الفيديو كونفرنس»، فتح استراحات السفر على الطرق السريعة، كما سيتم السماح للمواطنين أصحاب المحال التجارية فوق 65 عاماً باستئناف أعمالهم شريطة الالتزام بارتداء الكمامات والحفاظ على مسافة التباعد الاجتماعي وقواعد النظافة، وذلك في ظل استمرار الحظر على المواطنين من هذه الفئة العمرية. كما سيتم فتح الشواطئ والحدائق حتى العاشرة مساء ضمن قواعد محددة، مع رفع القيود المفروضة على السياحة البحرية وصيد الأسماك في إطار القواعد المحددة، بجانب رفعها عن الرياضات الفردية. كما سيتم استئناف البطولات الرياضية بدءاً من 12 يونيو (حزيران) المقبل.
وأكدت وزارة الداخلية التركية رفع قيود حظر التجول عن الفئة العمرية بين 18 و20 عاماً، ضمن إجراءت تخفيف تدابير مكافحة فيروس كورونا، مع الإبقاء على حظر التجول للمسنين فوق 65 عاماً، والسماح لهم بالخروج ساعات محددة يوم الأحد من كل أسبوع بين الثانية ظهراً والثامنة مساء، واستمرار الحظر بالنسبة للأطفال ما دون 18 عاماً، مع السماح لهم بالخروج يومي الأربعاء والجمعة من كل أسبوع من الثانية ظهراً وحتى الثامنة مساء.
وكانت تركيا استأنفت صلاة الجماعة في المساجد بصلاة الجمعة الماضي في 1003 مساجد مركزية، كما بدأ منذ ذلك اليوم السماح بصلاتي الظهر والعصر جماعة في المساجد جميعها، مع مراعاة الاشتراطات الصحية وقواعد التباعد. وأعلن وزير النقل والبنى التحتية التركي عادل كارا إسماعيل أوغلو، أول من أمس، استئناف الرحلات الجوية الداخلية بدءاً من اليوم (الاثنين) بعد توقفها منذ 28 مارس (آذار) الماضي، في إطار التدابير المتخذة آنذاك ضد تفشي كورونا، مشيراً إلى أن بلاده قطعت شوطاً كبيراً في مكافحة كورونا بفضل الإجراءات المتخذة، وعودة البنية التحتية للنقل إلى وضعها الطبيعي.
وقال كارا إسماعيل أوغلو إن أول رحلة داخلية ستكون من مطار إسطنبول إلى مطار أسنبوغا في أنقرة، وستنطلق رحلات جوية من إسطنبول إلى أنقرة وإزمير وأنطاليا وطرابزون، وسيتم فتح المطارات في الولايات الأخرى تدريجياً.
وسجلت تركيا حتى أمس 4 آلاف و515 حالة وفاة و163 ألفاً و103 إصابات بفيروس كورونا، وسجلت أول من أمس 28 وفاة و1141 حالة إصابة. وبلغت حصيلة المتعافين من الفيروس 126 ألفاً و984 شخصاً. وأجرت وزارة الصحة مليوناً و964 ألفاً و364 فحصاً منذ بداية ظهور الفيروس في مارس (آذار) الماضي. وتراجع عدد المرضى في وحدات العناية المركزة إلى 662 مريضاً، في حين بلغ عدد الموصولين بأجهزة تنفس اصطناعي 324 مصاباً.
وفرضت السلطات حظر تجول في 15 ولاية بدءاً من منتصف ليل الجمعة وحتى منتصف ليل أمس (الأحد). وشدد وزير الصحة فخر الدين كوجا على ضرورة عدم التراخي في الالتزام بارتداء أقنعة الوجه ونظافة اليدين، ومراعاة قواعد التباعد الاجتماعي.
في سياق متصل، أكد فؤاد أوكطاي نائب الرئيس التركي، وجوب إعادة هيكلة منظمة الصحة العالمية، لتصبح أقل بيروقراطية وأكثر مرونة وشفافية. وقال أوكطاي، خلال مشاركته في ندوة عبر الإنترنت، نظّمها «المجلس الأطلسي» و«منظمة التراث التركي»، حول مكافحة فيروس كورونا ليل الخميس، إن الوباء أدى إلى تعليق ظاهرة العولمة إلى حد كبير، وأن كل دولة باتت منشغلة في مشكلتها. ولفت إلى أن وباء كورونا أظهر للدول ضرورة التركيز على قطاعها الإنتاجي والاكتفاء ذاتياً، بسبب توقف التوريد من الخارج، خصوصاً الصين، البلد الأكثر تصديراً في العالم.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.