«الشرعية» تعزز قواتها في أبين غداة تجدد المعارك مع «الانتقالي»

TT

«الشرعية» تعزز قواتها في أبين غداة تجدد المعارك مع «الانتقالي»

عزّزت الحكومة اليمنية بالمزيد من قواتها إلى مدينة شقرة في محافظة أبين، غداة تجدد المعارك بينها وبين القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يبسط سيطرته على عدن ومدن جنوبية أخرى بالقوة.
وقالت مصادر محلية في محافظة أبين لـ«الشرق الأوسط» إن تعزيزات للقوات الحكومية عبرت، أمس (الأحد)، من مديرية المحفد قادمة على الأرجح من محافظة شبوة باتجاه مدينة شقرة الساحلية، حيث تتمركز هناك منذ أشهر في محافظة أبين في مواجهة قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» التي تسيطر على زنجبار وجعار، أكبر مدينتين في المحافظة.
جاءت هذه التعزيزات غداة اشتعال المعارك مجدداً بين الطرفين في منطقتي الشيخ سالم والطرية بعد توقف نسبي دام عدة أيام على خلفية تهدئة رعتها أطراف قبلية محلية لمناسبة عيد الفطر.
وأدى تجدد المعارك إلى قطع الطرق الرئيسة التي تربط حضرموت بأبين وعدن، في وقت لا تزال الآمال منعقدة في الشارع السياسي اليمني على تجنُّب المزيد من الصدام، والتوصُّل إلى حل يستند إلى «اتفاق الرياض» الموقَّع بين الطرفين في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، برعاية سعودية.
وفي حين وجّه مناهضون للمجلس الانتقالي الجنوبي اتهامات للقوات اليمنية المشتركة المرابطة في الساحل الغربي بإسناد «الانتقالي» في أبين، نأت المشتركة في بيان رسمي بنفسها عن هذه المواجهات أو المشاركة في القتال الدائر.
وقالت القوات المشتركة في بيانها إنها «كانت تتطلع لتوحيد صفوف كل القوى والمكونات المناهضة للمشروع الحوثي الكهنوتي المدعوم إيرانياً الذي دمر اليمن»، متهمة «البعض» بالاصطياد في الماء العكر «من خلال إطلاق تصريحات تضر بوحدة الصف المقاوم للميليشيا الحوثية ومشروعها الظلامي، زاعمين كذباً وبهتاناً مشاركة القوات المشتركة بالساحل الغربي في الأحداث المؤسفة التي تجري في جنوب الوطن». وأضافت القوات إنها تؤكد نفيها «القاطع»، لأي مشاركة في تلك الأحداث (في إشارة إلى معارك أبين)، وذلك انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية واستشعاراً منها لخطورة المرحلة التي تتطلب من الجميع العمل على رأب الصدع، بحسب ما جاء في البيان.
ودعا بيان قيادة القوات المشتركة إلى «تنفيذ (اتفاق الرياض) كحلّ مرضٍ للجميع»، كما «ثمن الجهود التي يبذلها التحالف بقيادة السعودية للتطبيق العملي لاتفاق الرياض من أجل تفويت الفرصة» على من وصفهم بـ«أعداء الشعب والأمة الذين يحاولون العبث بأمن واستقرار المنطقة».
ومع تجدد المواجهات وإعادة إغلاق الطريق الرئيسية التي تربط المحافظة بشبوة وحضرموت، قال محمد النقيب الذي عيّنه «المجلس الانتقالي»، متحدثاً باسم قواته في محور أبين بأن الجبهة شهدت تبادلاً للقصف المدفعي وتراشقاً بالسلاح المتوسط، متهماً دبابات ومدفعية القوات الحكومية باستهداف حركة المارة، مضيفاً أن مدفعية الانتقالي «ردّت بقصف مصادر النيران».
من جهته، قال العميد لؤي إلزامكي قائد اللواء الثالث حماية رئاسية في القوات المسلحية اليمنية، إن القوات الحكومية تمكَّنت من الاستيلاء على عدد من الآليات والعربات التابعة لقوات «الانتقالي». وأضاف: «نواصل التقدم نحو مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين».
وأعاد إلزامكي أسباب تأخر تقدم قوات الجيش اليمني إلى حشد الانتقالي كل قواته في مختلف المناطق إلى أبين، وشدد على أن المعركة في قرية الشيخ سالم هي الفاصلة بالنسبة لقواتهم.
وكان «الانتقالي» والشرعية وقَّعا في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي «اتفاق الرياض»، برعاية سعودية لجهة طيّ صفحة المواجهات التي كانت اندلعت في أغسطس (آب) الماضي، وأسفرت عن سيطرة «الانتقالي» على عدن ومناطق أخرى من أبين ولحج.
وفيما حالت الخلافات المتصاعدة بين الطرفين دون تطبيق بنود الاتفاق المؤلف من شق سياسي وآخر عسكري وأمني أدى تصاعد التوتر بينهما إلى تفجُّر الوضع عسكرياً، قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، شرق مدينة زنجبار، وذلك عقب إعلان «الانتقالي» ما وصفه بـ«الإدارة الذاتية» في عدن والمحافظات الجنوبية.
ومن ذلك الحين، تحوَّلت المعارك بين قوات الحكومة الشرعية والقوات الموالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى دوامة ملتهبة لاستنزاف قوات الطرفين دون وجود أي تقدُّم لحسم المعركة.
ويقول الموالون لقوات «الانتقالي» التي استقدمت بدورها تعزيزات من عدن ولحج إنهم يحرزون تقدماً في مواجهة القوات الحكومية، ويطمحون في السيطرة على منطقة «قرن الكلاسي» وصولاً إلى مدينة شقرة الساحلية التي تُعدّ قاعدة رئيسية للقوات الحكومية التي كانت أيضاً استقبلت تعزيزات سابقة من مناطق أخرى خاضعة للشرعية.
وكان مجلس الأمن الدولي وتحالف دعم الشرعية والأمم المتحدة وجهوا دعوات للتهدئة من أجل توفير الموارد والجهود لمكافحة تفشي فيروس «كورونا» الذي انتشر في أغلب المحافظات اليمنية، والرجوع إلى«اتفاق الرياض» الموقَّع بين الطرفين في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي برعاية سعودية.
وتسبَّبت المعارك والصراع السياسي على الإدارة في مفاقمة الأوضاع الإنسانية المتدهورة في مدينة عدن والمناطق المجاورة الأخرى، خصوصاً في ظلّ تفشي وباء «كورونا المستجد» والأمراض الوبائية الأخرى جراء السيول.
وفي الوقت الذي تقول الحكومة الشرعية إنها «متمسكة بتنفيذ (اتفاق الرياض) كمنظومة متكاملة»، كانت دعت في أحدث بيانتها المجلس الانتقالي إلى «التراجع فورا عن الخطوات الأحادية، وما سماه «إعلان الإدارة الذاتية والذهاب إلى التصعيد العسكري».
وذكرت الحكومة اليمنية أن «الانتقالي» يتحمَّل مسؤوليته ما لم يعد إلى جادّة الصواب، ويتراجع عن إعلانه الانقلابي الذي يقوّض «اتفاق الرياض»، ويهدد مؤسسات الدولة ويفاقم معاناة المواطنين، بحسب ما أوردته عنها المصادر الرسمية.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.