«ذروة كورونا» في مصر... تضارب رسمي وقلق شعبي

وزيرة الصحة: لا يمكن تحديد موعد تفشي الفيروس الآن

TT

«ذروة كورونا» في مصر... تضارب رسمي وقلق شعبي

يبني عاطف الصاوي، وهو مالك لشركة خاصة لنقل البضائع، قراراته بشأن كثافة العمال في مكاتب الشركة بناء على ما يصدر عن السلطات الصحية الوطنية من تصريحات، غير أنه وجد نفسه فجأة خلال الأيام القليلة الماضية عرضة للحيرة بشأن القرار الأهم، وهو: «متى نتجاوز الذروة، ونعيد قوة العمل بالمعدلات السابقة نفسها؟».
الصاوي الذي يعمل في شركته الصغيرة نحو 30 شخصاً انتظر وصول مصر لذروة الوباء في يوم 28 مايو (أيار) الماضي، بناءً على عرض قدمه وزير التعليم العالي، خالد عبد الغفار، أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أثناء افتتاح أحد المشروعات القومية بالإسكندرية، وهو ما يعني -وفقاً لما قاله الوزير خلال العرض- أن «الأعداد ستبدأ بعدها في الانخفاض، وحدد 7 يونيو (حزيران) الحالي موعداً لبدء الانحسار».
لكن أرقام الإصابات اليومية المسجلة بدت مغايرة لما ذهب إليه الوزير، ليجد الصاوي وعشرات مثله من القلقين بشأن صحتهم وأعمالهم أنفسهم أمام تصريح آخر في اليوم نفسه الذي حدده الوزير موعداً لذروة الوباء، يتحدث عن «الوصول إلى الذروة بعد أسبوعين»، وفق ما قاله د. محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية، وذلك خلال مشاركته في الجلسة العلمية عن «المستجدات عن كورونا في مصر»، بمؤتمر افتراضي دولي نظمته جامعة طنطا (دلتا النيل بمصر).
وبعد يومين فقط، جاءت تصريحات الدكتور حسام حسني رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا بوزارة الصحة متطابقة مع ما قاله مستشار الرئيس، حيث حدد أيضاً، في مداخلة هاتفية ببرنامج «كل يوم» على فضائية «ON»، الأسبوعين المقبلين موعداً لارتفاع الإصابات، غير أن رأياً رابعاً نقلته د. هالة زايد وزيرة الصحة، إذ قالت أول من أمس إنها «لا تستطيع الآن تحديد موعد ذروة تفشي فيروس كورونا في البلاد».
وجاء تعليق الوزيرة ليزيد من حيرة وقلق المواطنين الذين يبنون خططهم المستقبلية بناء على ما يصدره المسؤولون من تصريحات، وهو ما يثير تساؤلاً حول مدى إمكانية التنبؤ بدقة بموعد تفشي الفيروس في بلد ما.
بدوره، يقول د. أمجد الخولي، استشاري الوبائيات بمنظمة الصحة العالمية، لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك كثيراً من العمليات الحسابية والإحصائية التي يمكن استخدامها لبناء نماذج محاكاة لتوقع منحنى الحالات، وعليه توقع توقيت وحجم ذروة المنحنى».
ويضيف: «كلما كانت المعطيات دقيقة كاملة، يكون هذا التوقع أقرب إلى الواقع، ومن المهم أن نعرف أن أي تغيير في هذه المعطيات على أرض الواقع لا بد أن يصاحبه تصحيح المنحنى بناء على المعطيات الجديدة».
ومن هذه المعطيات التي تعتمد عليها البرامج الإحصائية «طرق اكتشاف الحالات، واستراتيجيات الفحص، وكذلك طرق العزل والحجر الصحي، والعادات المجتمعية والتزام المواطنين بتعليمات السلطات الصحية والإجراءات الاحترازية والوقائية المطبقة». ويشير الخولي إلى أن «أي خلل في هذه المعطيات يؤدي بالضرورة إلى اعتلال في التوقع».
ويتفق د. محمد علي زكي، أستاذ الفيروسات بجامعة عين شمس، مع ما ذهب إليه الخولي، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «المعلومات التي يتم إدخالها لبرامج النمذجة التي تقيم الحالة في مصر خاطئة، لذلك تأتي النتائج خاطئة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».