تشهد عدة مدن أميركية تظاهرات حاشدة احتجاجاً على وفاة جورج فلويد، المواطن من أصول أفريقية، خلال اعتقاله بمدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا. وتوفي الرجل الأسود البالغ 46 عاماً بعد أن بقي مطروحاً على الأرض بينما وضع شرطي ركبته على رقبته لعدة دقائق.
وأظهرت لقطات لعملية القبض على فلويد في 25 مايو (أيار) الماضي، قيام رجل الشرطة ديريك تشوفين، بالضغط بركبته على عنق فلويد المثبّت إلى الأرض. ويواجه تشوفين البالغ من العمر 44 عاماً تهمة القتل.
ولم يتجاوز زمن الأحداث الرئيسية قبيل وفاة فلويد 30 دقيقة. وفيما يلي تفاصيل ذلك بناءً على شهادة شهود عيان، ومقطع فيديو، وتصريحات مسؤولين، حسبما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
ورقة نقدية مزيفة
بدأت القصة ببلاغ عن ورقة نقدية مزيفة من فئة 20 دولاراً. إذ سجل البلاغ مساء يوم 25 مايو بعد شراء فلويد سجائر من محل بقالة اسمه «كاب فودز». وعندما ظنّ البائع في المحل أن الورقة النقدية مزيفة أبلغ الشرطة.
وكان فلويد يعيش في مينيابوليس منذ عدة سنوات بعد أن انتقل إليها من مسقط رأسه في هيوستن بولاية تكساس. وكان حتى وقت قريب يعمل حارسَ أمن في المدينة، لكن شأنه شأن ملايين الأميركيين، فقد وظيفته جراء تفشي وباء «كورونا المستجد».
وكان فلويد زبوناً معتاداً لدى محل بقالة «كاب فودز». ويصفه صاحب المحل مايك أبومياله قائلاً لشبكة «إن بي سي» الأميركية: «كان ودوداً لم يتسبب أبداً في أي مشكلة».
لكن أبومياله لم يكن في المحل يوم الحادثة، وفيما يتعلق بالإبلاغ عن الورقة النقدية المزيفة، فإن البائع الموجود في المحل كان يتبع النظام المتبع في العمل.
بلاغ للشرطة
اتصل البائع بالشرطة في تمام الساعة 20:01، وأبلغ أنه طالب فلويد بإعادة السجائر لكن الأخير «لم يكن يرغب في ذلك»، حسب نصّ البلاغ الذي أعلنت عنه السلطات.
وبعد قرابة 7 دقائق من اتصال البائع، حضر اثنان من أفراد الشرطة. وكان فلويد جالساً غير بعيد مع شخصين آخرين في سيارة متوقفة على أحد جوانب الطريق.
ولدى الاقتراب من السيارة حيث يوجد فلويد، سحب أحد الضابطين ويدعى توماس لين سلاحه وأمر فلويد بأن يرفع يديه عالياً. ولم يفسر ممثلو الادعاء لماذا سحب الضابط لين سلاحه.
وتابع الادعاء أن الضابط لين «ألقى بيديه على فلويد، وسحبه من السيارة»، و«قاوم فلويد عملية تكبيل يديه».
وبمجرد تقييد يديه، أصبح فلويد ممتثلاً للشرطة، بينما أوضح لين أنه يقبض عليه بتهمة «ورقة نقدية مزيفة».
وبدأت المقاومة عندما حاول الضابطان إدخال فلويد في سيارة الدورية التابعة للشرطة.
وفي نحو الساعة 20:14 سقط فلويد على الأرض، وأخبر الضابط أنه يعاني من رهاب (فوبيا) الأماكن المغلقة، وفقاً للتقرير.
«لا أستطيع التنفس»
وصل الضابط تشوفين، وحاول مع الضابطين الآخرين إدخال فلويد إلى سيارة الشرطة. ورصد التقرير أنه في تلك المحاولة، وفي تمام الساعة 20:19 قام الضابط تشوفين بجذب فلويد في محاولة لإدخاله السيارة، لكن تلك المحاولة أسفرت عن سقوطه أرضاً. وكانت يداه مكبلتين وراء ظهره.
وكان عدد من شهود العيان يلتقطون فيديو للحادث، حيث بدا وضع فلويد في حالة متأزمة. وقد تم التقاط المشهد من عدة هواتف محمولة، وسرعان ما انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكرر فلويد أكثر من مرة «لا أستطيع التنفس» خلال ضغط الضابط تشوفين بركبته على عنقه.
ولمدة 8 دقائق و46 ثانية ظل الضابط تشوفين ضاغطاً بركبته على عنق فلويد، حسب تقرير ممثلي الادعاء.
وبعد ست دقائق لم يكن فلويد يستجيب. ويظهر في الفيديو أشخاصٌ وهم يحثّون الضباط على جسّ نبض فلويد الذي كان قد فقد النطق.
وعندما بلغت الساعة 20:27 أزال الضابط تشوفين ركبته من فوق عنق فلويد الذي كان قد صار جثة هامدة، ليُحمل بعدها على نقالة إلى المركز الطبي في مقاطعة هينيبين في سيارة إسعاف.
وبعد نحو ساعة في المركز الطبي أُعلنت وفاة فلويد.
وقبل ليلة من وفاته، كان فلويد قد تحدث إلى صديق مقرب له يُدعى كريستوفر هاريس، والذي نصحه بالتواصل مع إحدى وكالات التوظيف.
ويؤكد هاريس أن التزوير عملية لا تتوافق مع شخصية فلويد، متابعاً: «الطريقة التي مات بها فلويد عبثية. لقد كان يستجدي الحياة. كان يستغيث لكي يظل حياً. عندما تحاول أن تؤمن بهذا النظام وأنت تعلم أنه لا يشملك، عندما تتشبث بطلب العدل عبر القنوات القانونية ولا تستطيع إليها سبيلاً، عندئذ تشرع في تطبيق القانون على طريقتك».