إيران تَعد بإعلان عدد قتلى احتجاجات نوفمبر في غضون أيام

قال وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي، إن بلاده ستعلن في غضون أيام قليلة عدد القتلى في احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على أثر قرار مفاجئ من الحكومة الإيرانية برفع أسعار البنزين إلى 300%.
وأفاد رحماني فضلي في مقابلة مع التلفزيون الإيراني بأن «40 إلى 45 شخصاً، 20% من عدد القتلى، قُتلوا بسلاح غير مرخص»، ووصفهم بـ«الشهداء».
وبذلك من المتوقع أن تعلن إيران مقتل بين 220 و255 شخصاً في احتجاجات نوفمبر الماضي.
وأعاد رحماني فضلي عدم إعلان عدد القتلى برصاص قوات الأمن إلى «محاولة الأعداء لإذكاء حرب داخلية» في إيران.
وصرّح رحماني فضلي تعليقاً على إدراجه على لائحة العقوبات الأميركية ضد منتهكي حقوق الإنسان، بأن «أميركا عدوتنا، لقد بدأت تدخلاتها منذ بداية الثورة وكان آخرها الانسحاب من الاتفاق النووي، يجب ألا نتوقع دعماً من هذا العدو».
واتهم الوزير الإيراني الولايات المتحدة بالسعي وراء «نموذج سوريا» داخل إيران. وقال من دون أن يعرض دليلاً: «كل وسائل الإعلام الأميركية والمعارضة لإيران بما فيها أنصار نظام الشاه و(مجاهدي خلق) و(داعش) كانوا يعلمون استخدام السلاح في نوفمبر 2019».
وعن قطع السلطات الإيرانية الإنترنت غداة اندلاع الاحتجاجات في منتصف نوفمبر، قال: «كان لا بد من قطع الإنترنت بينما كانوا يقدمون تدريباً عسكرياً عبر الإنترنت». وأضاف: «أرادوا حرباً داخلية في إيران، بدأوا التدريب العسكري قبل ذلك بشهور وزاد تهريب الأسلحة من الحدود، لكننا رددنا تلك الخطوات».
وتابع رحماني فضلي أن «ارتفاع أسعار البنزين كانت ذريعة لخلق الفوضى في إيران، لو لم يكن البنزين سبب الاضطرابات، لكان مستوى الاضطرابات أوسع». وأضاف: «لم تكن هناك مواجهات مسلحة مع الناس، لقد وجّهنا أوامر بضبط النفس، لدينا أدلة»، لكنه قال لاحقاً: «عندما يتعرض مقر للشرطة لهجوم تجب مواجهة الهجوم لأننا لو لم نقم بذلك لكان الناس ضحايا».
وأشار رحماني فضلى إلى أوامر من «المرشد» علي خامنئي للأمانة العامة في المجلس الأعلى للأمن القومي، بفتح تحقيق، لافتاً إلى أن القوات المسلحة وكذلك وزارة الداخلية قدمت عدة تحقيقات.
وقال رحماني فضلي: «ترمب وجّه أوامر بمواجهة المتظاهرين بأسلحة الصيد لكن لأنني وجهت أوامر بقطع الإنترنت تُفرض عليَّ عقوبات».
كانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت فرض عقوبات على رحماني فضلي وقائد الشرطة الإيرانية حسين اشتري، لدورهما في قمع الاحتجاجات.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إن الوزير «هو من أعطى الأوامر لقوات الأمن باستخدام القوة المفرطة ضدهم»، واصفاً إياه بـ«القائد الشرير الذي قتل مواطنيه».
قبل الخطوة الأميركية بأسبوعين، كان النائب عن مدينة طهران علي مطهري، قد وجّه في آخر خطاب برلماني له، أصابع الاتهام إلى رحماني فضلي بالمسؤولية عن قمع الاحتجاجات، لافتاً إلى أن رئيس البرلمان علي لاريجاني، عطّل مشروعاً لاستجوابه.
وكان مطهري قد ذكر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن «المرشد» علي خامنئي، قد عطّل مشروع استجواب تقدم به النواب، بوصفه المسؤول الأول عن تطبيق قرار رفع أسعار البنزين وقمع الاحتجاجات.
وانتقد مطهري ما وصفه بتدخلات خارج البرلمان و«تقدير المصالح» في استجواب الوزير.
وفي المقابل، وجه رحماني فضلي رسالة إلى البرلمان وطلب من النائب «إثبات مزاعم بتقديم أدلة»، ملوحاً بمتابعة قضائية من الوزارة ضد مطهري.
ورحماني فضلي من المحسوبين على لاريجاني، ويعتقد أن صفقة سياسية بين لاريجاني والرئيس حسن روحاني كانت وراء حصوله على حقيبة الداخلية.
وفي مطلع ديسمبر، كان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد نأى بنفسه عن مسؤولية تنفيذ القرار، نافياً علمه بموعد البدء بالقرار.
ومنذ ذلك الحين تبادلت الأجهزة الإيرانية المسؤولية حول الجهة المسؤولة عن إعلان عدد القتلى في الاحتجاجات. ومع ذلك وعدت الحكومة ثلاث مرات بنشر العدد الحقيقي للمعتقلين والضحايا والمصابين. ولم تعترف إيران سوى بمقتل خمسة، كما ورد في تقرير للتلفزيون الإيراني.
وفي 23 ديسمبر أفادت وكالة «رويترز» نقلاً عن ثلاثة مسؤولين بوزارة الداخلية الإيرانية أن نحو 1500 شخص سقطوا قتلى خلال الاحتجاجات التي بدأت في 15 نوفمبر واستمرت أقل من أسبوعين.
وحسب المسؤولين الثلاثة، التقى «المرشد» علي خامنئي، في مقر إقامته الرسمي بمجمع محصن في وسط طهران مع كبار المسؤولين بمن فيهم مساعدوه المختصون بالأمن والرئيس حسن روحاني وأعضاء حكومته، في مساء اليوم الثاني على انطلاق الاحتجاجات.
وقالت المصادر إن خامنئي رفع صوته في ذلك الاجتماع وانتقد أسلوب التعامل مع الاحتجاجات، قائلاً: «الجمهورية الإسلامية في خطر. افعلوا ما يلزم لوضع نهاية لذلك. هذا هو أمري لكم».
ومما أثار غضب خامنئي، أن المحتجين أحرقوا صورة «المرشد» الأول (الخميني) ودمّروا تمثالاً له.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، حضّت منظمة العفو الدولية على إطلاق تحقيق دولي بشأن مقتل مئات المتظاهرين برصاص قوات الأمن.
وأكدت منظمة العفو في تقرير أنّها تحوز أدلة حول وفاة 304 أشخاص، بينهم 10 نساء و23 طفلاً، إبّان القمع «القاسي» للمظاهرات. وأضافت أنّ 220 شخصاً توفوا خلال يومين حسب عمليات البحث والتحقيق التي أجرتها، مرتكزةً بشكل خاص على الصور والفيديوهات.
ووفق منظمة العفو، فإنّ «الغالبية العظمى» قُتلوا على يد قوات أمنية لجأت إلى استخدام القوة بصورة «غير مشروعة»، نظراً إلى أنّ «أي دليل لم يُثبت أنّ المتظاهرين كانوا يحوزون أسلحة نارية أو كانوا يمثلون تهديداً وشيكاً».