اتهامات لانقلابيي اليمن بإجبار أتباعهم على الاحتشاد لزيارة مقابر قتلاهم

حشود أجبرتهم الميليشيات على زيارة قبر الصماد في صورة تداولتها وسائل إعلام حوثية
حشود أجبرتهم الميليشيات على زيارة قبر الصماد في صورة تداولتها وسائل إعلام حوثية
TT

اتهامات لانقلابيي اليمن بإجبار أتباعهم على الاحتشاد لزيارة مقابر قتلاهم

حشود أجبرتهم الميليشيات على زيارة قبر الصماد في صورة تداولتها وسائل إعلام حوثية
حشود أجبرتهم الميليشيات على زيارة قبر الصماد في صورة تداولتها وسائل إعلام حوثية

لم تلتفت الميليشيات الحوثية في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لها، إلى المخاطر المحدقة بحياة اليمنيين جراء تفشي الأوبئة ونقص الإمدادات الغذائية والدوائية والوقود، وعوضاً عن ذلك أجبروا أتباعهم على الاحتشاد بشكل يومي لزيارة مقابر قتلاهم، بما فيها ضريح رئيس مجلس حكمهم السابق صالح الصماد.
وفي هذا السياق اتهم شهود في صنعاء الجماعة الحوثية بأنها استمرت على مدار أسبوع كامل في حشد أتباعها وسكان الأحياء في العاصمة، لتنفيذ زيارات جماعية وصفتها بـ«العيدية» لمقابر قتلاها، وخصوصاً ضريح رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات على مضض، ونتيجة ضغوط وتحذيرات مجتمعية وطبية داخلية وخارجية، إغلاق حديقة السبعين، وأماكن ترفيهية أخرى يقع بعضها بالقرب من ميدان السبعين؛ حيث قبر الصماد، بحجة تفشي «كوفيد- 19»، لا تزال الجماعة تمارس ضغوطها وانتهاكاتها بحق السكان في مناطق متفرقة بصنعاء، لإجبارهم على القيام بزيارات جماعية للقبر.
وتحت قوة التهديد والحرمان من مواد أساسية كغاز الطهي وغيرها، وحثها اليمنيين على استغلال أوقات فراغهم بدلاً من الجلوس في المنازل، تستهدف الجماعة كل يوم سكان حي جديد في صنعاء، وتجبرهم على زيارة مقابر قتلاها، بحسب تأكيد المصادر.
وأكد سكان لـ«الشرق الأوسط»، أنهم رغم التزامهم في البقاء بمنازلهم خشية من الإصابة بالوباء المستجد، فإن مشرفي الميليشيات وعقال الحارات التابعين للجماعة أجبروهم مع سكان الأحياء في مناطق متفرقة من العاصمة بالقوة، على الخروج بصورة جماعية من منازلهم، وزيارة قبر القيادي الحوثي.
وبحسب السكان، نقل المشرفون الحوثيون سكان بعض الحارات رجالاً ونساء وأطفالاً، عبر حافلات كانوا نهبوها في السابق من مباني رئاستي الجمهورية والوزراء، أثناء اقتحامهم بقوة السلاح العاصمة صنعاء.
وأشار عدد من السكان في حديثهم مع «الشرق الأوسط» إلى سعي الميليشيات من خلال خطوتها هذه، أولاً إلى تضليل وخداع الرأي العام الداخلي والخارجي، بأن صريعها الصماد يحظى بشعبية في أوساط المجتمع اليمني، وثانياً للتضحية بسكان العاصمة من خلال ممارساتها وضغوطاتها لتنفيذ كافة أوامرها وتوجهاتها وأهدافها، ولو على حساب صحتهم وحياتهم.
وتطرق السكان المحليون في حديثهم إلى أن استمرار الجماعة في حشد الناس بصنعاء لفعالياتها وأنشطتها السلالية المتنوعة، يؤكد أنها غير مكترثة البتة بحجم الوفيات والإصابات المرتفعة الناجمة جراء تفشي فيروس «كورونا» في صنعاء، ومدن يمنية أخرى خاضعة لسيطرتها.
وفي السياق ذاته، أفاد مواطن بحي شميلة بصنعاء، بأن الجماعة الانقلابية نقلت وبصورة إجبارية ثالث أيام العيد أكثر من 55 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، في حافلات من حي شميلة إلى منطقة السبعين، بهدف زيارة قبر الصماد.
وقال: «عند وصولنا ميدان السبعين تفاجأنا بوجود أعداد كبيرة من الناس أجبرتهم الجماعة كما فعلت معنا على الزيارة والتقاط الصور التذكارية، والتبرك على الطريقة الخمينية الإيرانية بقبر القتيل الحوثي».
وأشار المواطن الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خشية البطش به، إلى أن الانقلابيين اكتفوا بإيصال الناس إلى ميدان السبعين، وبينهم أطفال ونساء، وعقب انتهاء الزيارة والمهمة تركوهم يعودون إلى أحيائهم ومنازلهم بأنفسهم.
ورغم التحذيرات الطبية من مخاطر استمرار تفشي «كورونا» في أوساط السكان الخاضعين للجماعة الحوثية في صنعاء ومحافظات يمنية أخرى، فإن استهتار الميليشيات وتغاضيها دفع السكان وبتشجيع منها إلى التجمعات أثناء زيارة مقابر قتلاها المنتشرة بمناطق عدة من العاصمة صنعاء، وسط تحذيرات من الكارثة الوبائية.
ولم تكتفِ الميليشيات بهذا القدر من اللامبالاة بحياة وصحة اليمنيين، فعلى مدى الأيام القليلة الماضية وفي ظل تفشي جائحة «كورونا»، أجبرت الجماعة كافة منتسبي أجهزة الدولة والحكومة الخاضعين لها من مسؤولين وموظفين في صنعاء، على زيارة قبر صريعها الصماد.
وفي سياق ذلك، نشرت وسائل إعلام حوثية أخباراً ومقاطع فيديو عدة، توضح حجم التجمهر لمسؤولي وموظفي الهيئات والمؤسسات الحكومية، وهم يتجمعون بالقرب من القبر في ميدان السبعين.
وفي الوقت الذي أجبرت فيه الجماعة المواطنين ومسؤولي وموظفي الجهاز الإداري في صنعاء، ممن لا ينتمون للسلالة الحوثية، على القيام بالزيارات العيدية لمقابر قتلاها، لوحظ غياب قادة الميليشيات وأقاربهم عن الحضور والمشاركة في الفعاليات الحوثية، في سياق ما يعتقد أنه خوف منهم من الإصابة بالفيروس الذي تشير التقارير المحلية إلى تفشيه على نطاق واسع في أغلب أحياء ومناطق العاصمة.
ومع وفاة العشرات من اليمنيين يومياً جراء تفشي «كورونا» المستجد، وسط عجز المستشفيات عن تقديم الرعاية للآلاف من المصابين، يواصل الانقلابيون المراوغة وإخفاء الحقائق المتعلقة بأعداد الضحايا من إصابات ووفيات.
وتشير تقديرات في صنعاء إلى تسجيل نحو 400 وفاة في المدينة وحدها، مع استمرار تكتم الجماعة على عدد الإصابات، في وقت وصلت فيه نسبة أعداد الوفيات -وفق التقديرات- إلى 40 في المائة من المصابين في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، مقابل 30 في المائة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وهي نسبة كبيرة جداً مقارنة مع نظيراتها في العالم، وإن كانت الأرقام دوماً مكان تشكيك في اليمن.
على صعيد آخر، واستمراراً لانتهاكات الجماعة المتكررة في حق اليمنيين، كشفت مصادر محلية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن حرمان عقال الحارات الموالين للحوثيين في أحياء عدة بصنعاء، مئات المواطنين من الحصول على مادة الغاز المنزلي المخصصة لهم، والتي تتحكم الجماعة في توزيعها بطريقة انتقائية.
وقالت المصادر إن توزيع الحوثيين لمادة الغاز المنزلي اقتصرت وبموجب كشوفات، على المواطنين الذين دفعوا زكاة الفطر لعقال الحارات التابعين لها فقط.
وأفاد (أحمد. س) وهو مواطن من منطقة حزيز (جنوب العاصمة) لـ«الشرق الأوسط»، بأن عاقل الحارة المعين من قبل الجماعة في منطقته، رفض منحه أسطوانة غاز تخصص له أسوة ببقية أبناء المنطقة، بتهمة رفضه دفع زكاة الفطر لجيوب الميليشيات.
ونقل أحمد عن العاقل الحوثي قوله له: «حصتك من الغاز هذه المرة اذهب وخذها من الذين دفعت لهم زكاة الفطر. أما أنا فليس لك شيء عندي».
وكان أحمد قد أخرج في ليلة العيد زكاة الفطر على هيئة طعام، وقام بتوزيعه على عدد من الفقراء من جيرانه، عوضاً عن دفع الزكاة نقداً إلى مشرف الجماعة الحوثية في الحي.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».