الصين ترفض «تدخل» الولايات المتحدة في هونغ كونغ وتعايرها بأحداث مينيابوليس

واشنطن «قلقة» ولندن «متخوفة» من عدم احترام بكين الإعلان الصيني - البريطاني لعام 1984

متظاهر يصور حريقاً عند مدخل محطة مترو الأنفاق المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
متظاهر يصور حريقاً عند مدخل محطة مترو الأنفاق المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
TT

الصين ترفض «تدخل» الولايات المتحدة في هونغ كونغ وتعايرها بأحداث مينيابوليس

متظاهر يصور حريقاً عند مدخل محطة مترو الأنفاق المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
متظاهر يصور حريقاً عند مدخل محطة مترو الأنفاق المركزية في هونغ كونغ (رويترز)

استخدمت الصين وروسيا أحداث مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا الأميركية لتوجيه اتهامات بـ»التمييز العنصري» ضد الولايات المتحدة التي طلبت مع بريطانيا عقد اجتماع غير رسمي لمجلس الأمن لمناقشة قرار الصين فرض قانونها للأمن القومي على هونغ كونغ، وهي مقاطعة تحظى بحكم ذاتي موسع بموجب الإعلان الصيني - البريطاني المشترك لعام 1984.
وأعاد البريطانيون هونغ كونغ الى الصين عام 1997، على أن تحكم المنطقة ضمن مبدأ «دولة واحدة ونظامان». لكن مجلس الشعب الوطني الصيني (مجلس النواب) أصدر أخيراً قراراًفي شأن «إنشاء وتحسين النظام القانوني وآليات تنفيذه لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة لحماية الأمن القومي» في الصين. وعقد هذا الإجتماع لمجلس الأمن في ظل تصاعد التوتر الأميركي - الصيني على خلفية تفشي جائحة «كوفيد 19» وتزايد الخلافات التجارية بين البلدين. وفرض انتشار فيروس «كورونا» في نيويورك تعديلات جوهرية على إجراءات العمل في مجلس الأمن، مما أتاح للصين تعطيل طلب الولايات المتحدة عقد جلسة رسمية كانت طلبتها سابقاً. وهذا ما دفع الجانبين الأميركي والبريطاني الى طلب عقد اجتماع غير رسمي من خارج جدول الأعمال للبحث في قرار السلطات الصينية فرض قانون الأمن القومي على هذه المنطقة.
وكشف دبلوماسي غربي لـ»الشرق الأوسط» أن «الجانبين الصيني والروسي ردا بعدوانية على المطالب الأميركية وركزا خصوصاً على معايرة واشنطن بطريقة تعامل السلطات الأميركية مع المواطنين السود والملونين، ومنها ما يحصل حالياً من صدامات في ولاية مينيسوتا وغيرها». وأوضح أن «الجلسة بدأت ببيان تلته المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت والقائم بأعمال البعثة البريطانية جوناثان آلن. وعلى الأثر رد عليهما المندوب الصيني تشانغ جون ونائب المندوب الروسي ديميتري بوليانسكي. وبعد تراشق بالإتهامات، تسنى لبقية ممثلي الدول الأعضاء الإدلاء بمواقف بلدانهم من هذه المسألة».
وقالت كرافت خلال الإجتماع إنه «في عام 1984، قدمت الصين وعداً لبريطانيا ولشعب هونغ كونغ». واعتبرت أنه «وعد رسمي وملزم بحضور المجتمع الدولي وسجل هنا في الأمم المتحدة كمعاهدة رسمية، بأن الحرية والازدهار في هونغ كونغ سيجري احترامهما وصونهما بعد التسليم». وحضت الأعضاء على »مواجهة الحقيقة المخزية - وهي أن وعد الصين كان فارغاً منذ البداية»، مضيفة أن «إجراءات الصين لتقويض الإعلان الصيني - البريطاني المشترك والقانون الأساسي تجرد المجتمع الحر الذي عزز نجاح هونغ كونغ منذ عام 1997». وسألت أعضاء المجلس عما إذا كانوا سيتخذون »موقفاً شريفاً للدفاع عن حقوق الإنسان وأسلوب الحياة الكريم الذي يتمتع به الملايين من مواطني هونغ كونغ ويستحقونه مثل جميع الأشخاص المحبين للحرية، أم أننا سنسمح الحزب الشيوعي الصيني لانتهاك القانون الدولي وفرض إرادته على شعب هونغ كونغ». ودعت كل الدول الأعضاء الى «الانضمام إلينا في مطالبة الصين بعكس مسارها على الفور والوفاء بالتزاماتها القانونية الدولية تجاه هذه المؤسسة وتجاه شعب هونغ كونغ».
وكذلك أفاد آلن أن «مخاوف» بريطانيا سببها قرار الصين فرض تشريع للأمن القومي على هونغ كونغ، مؤكداً أن «هذا التشريع يخاطر بتقليص الحريات التي تعهدت الصين دعمها كمسألة تتعلق بالقانون الدولي»، مضيفاً: «نحن قلقون للغاية من أنه إذا جرى تنفيذه، سيؤدي الى تفاقم الانقسامات العميقة القائمة في مجتمع هونغ كونغ». وشدد على أن القرار «يتعارض مباشرة مع التزامات الصين الدولية بموجب أحكام الإعلان المشترك الملزم قانوناً والمسجل في الأمم المتحدة والمملكة المتحدة والصين». وتوقع من الصين أن «تتصرف كلاعب دولي مسؤول وأن تفي بالتزاماتها ومسؤولياتها التعاقدية تجاه شعب هونغ كونغ بموجب الإعلان المشترك»، آملاً في أن تتأمل الحكومة الصينية بـ«المخاوف الجادة والمشروعة التي أثارها هذا الاقتراح داخل هونغ كونغ وحول العالم».
ورد تشانغ بأن الولايات المتحدة وبريطانيا طلبتا عقد الإجتماع المفتوح أولاً «لأغراض سياسية خاصة»، مؤكداً أن الصين أبدت «معارضة شديدة»، فضلاً عن أن «الغالبية العظمى من أعضاء المجلس لم تؤيد الاقتراح الأميركي». وقال إن بلاده طالبت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بـ«لتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتوجيه اتهامات لا أساس لها ضد الصين»، مشدداً على أن «تشريع الأمن القومي لهونغ كونغ لا يشكل أي تهديد للسلم والأمن الدوليين. ويجب على مجلس الأمن ألا يتدخل بأي شكل من الأشكال».وذكر بأنه «منذ يونيو (حزيران) العام الماضي، وقعت أعمال عنف منظمة وخطيرة ونشاطات انفصالية في هونغ كونغ بدعم من بعض القوى الأجنبية، مما شكل تهديداً حقيقياً للأمن القومي الصيني»، مضيفاً أنه «كان من الضروري (...) أن يقوم مجلس الشعب الوطني الصيني بتحسين الإطار القانوني وآليات الإنفاذ لهونغ كونغ لحماية الأمن القومي». وأكد أن «الأساس القانوني لإدارة الحكومة الصينية لهونغ كونغ هو الدستور الصيني والقانون الأساسي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، وليس الإعلان الصيني - البريطاني المشترك». ورأى أن الولايات المتحدة وبريطانيا «تدخلتا بشكل صارخ في شؤون هونغ كونغ، وشجعتا مثيري الشغب، وهددتا حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة». ودعا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الى «التوقف فوراً عن التدخل في شؤون هونغ كونغ، ووقف ممارسات الهيمنة وسياسات القوة على الفور، والاهتمام بشؤونهما الخاصة بدلاً من إثارة التوترات المشاكل في كل مكان».
وغردت البعثة الصينية الدائمة لدى الأمم المتحدة على «تويتر»أن «ما يستحق اهتمام العالم»هو »فشل الولايات المتحدة في معالجة التمييز العنصري (...) وفي حماية المهاجرين وأطفالهم (...) وفي حماية شعبها من العنف المسلح».
وكذلك غرد بوليانسكي أن الخطوة الأميركية «المحرجة لم تكن مدعومة من أكثرية واضحة بين أعضاء مجلس الأمن»، معتبراً أنها «من القضايا الخلافية والمنحازة التي لا علاقة لها بالسلم والأمن الدوليين». وقال إنه «يجب عدم طرحها في مجلس الأمن». واعتبر أن «الولايات المتحدة فشلت في الإجابة عن أسئلة مشروعة حول تماسك نداءاتهم للتهدئة للمتظاهرين في مينيابوليس مع تحريض المتظاهرين في هونغ كونغ». وتساءل: «لماذا تنكر الولايات المتحدة حق الصين في استعادة السلام والنظام في هونغ كونغ، بينما تفرق بوحشية الحشود في الداخل (الأميركي)؟».
بالإضافة الى الصين، لم يبد أعضاء آخرون مثل إندونيسيا وسانت فنسنت وغرانادين حماسة لعقد اجتماع حول القوانين الصينية الجديدة، عملاً بمبدأ عدم مناقشة مسألة داخلية لدولة ما داخل مجلس الأمن.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».