التناحر السياسي الإسباني يهدد بأزمة غير مسبوقة

إيفان إسبينوزا من حزب «فوكس» اليميني المتطرف يخاطب نائب رئيس الوزراء بقوله: «أنت ابن إرهابي وسليل أرستقراطية الإرهاب السياسي» (إ.ب.أ)
إيفان إسبينوزا من حزب «فوكس» اليميني المتطرف يخاطب نائب رئيس الوزراء بقوله: «أنت ابن إرهابي وسليل أرستقراطية الإرهاب السياسي» (إ.ب.أ)
TT

التناحر السياسي الإسباني يهدد بأزمة غير مسبوقة

إيفان إسبينوزا من حزب «فوكس» اليميني المتطرف يخاطب نائب رئيس الوزراء بقوله: «أنت ابن إرهابي وسليل أرستقراطية الإرهاب السياسي» (إ.ب.أ)
إيفان إسبينوزا من حزب «فوكس» اليميني المتطرف يخاطب نائب رئيس الوزراء بقوله: «أنت ابن إرهابي وسليل أرستقراطية الإرهاب السياسي» (إ.ب.أ)

لم يساعد تراجع الوباء، وانخفاض عدد الإصابات الجديدة والوفيات اليومية، وانطلاق مراحل الرفع التدريجي لتدابير الإغلاق، في تهدئة الأجواء السياسية المشحونة بشكل لم تعرفه إسبانيا خلال الأزمة الانفصالية الأخيرة في كاتالونيا، ولا في ذروة النشاط الإرهابي لمنظمة «إيتا» الباسكية. ولم تنفع خطة الإنقاذ التاريخية التي أعلنتها المفوضية الأوروبية أمس للنهوض من التداعيات الاقتصادية لأزمة «كوفيد-19» في تبريد الاحتجاجات العمالية التي بدأت تعلن عناوين المرحلة المقبلة. وبعد ساعات فقط من كشف تفاصيل خطة الإنقاذ الأوروبية، الأولى من نوعها في تاريخ الاتحاد، التي ستحصل إسبانيا بموجبها على مساعدات تزيد على 75 مليار يورو، وقروض ميسّرة بقيمة 65 مليارًا، أعلنت شركة «نيسان» اليابانية عن إقفال أكبر مصانعها الثلاثة للسيارات بالقرب من برشلونة في نهاية العام الحالي، وتسريح جميع عمّالها وموظفيها الذين يبلغ عددهم 3 آلاف، إضافة إلى 20 ألفاً آخرين يتعاملون معها بصورة غير مباشرة سيفقدون أيضاً فرص عملهم. وفي الوقت نفسه تقريباً، كانت شركة «فورد» تعلن عن تسريح نصف عمّال مصنعها في مدينة فالنسيا، بينما أعلنت شركة «آلكو» لإنتاج الألومينيوم إقفال مصنعها في لا كورونيا الشمالية.
ويأتي ذلك بعد أيام من الجدل السياسي المشحون بشكل غير مسبوق، داخل البرلمان وخارجه، حيث تشنّ المعارضة اليمينية هجوماً شرساً مركّزاً على الحكومة التي يضطر رئيسها الاشتراكي بيدرو سانتشيز للتفاوض على كل خطوة في البرلمان مع الأحزاب الإقليمية، تحت الابتزاز والشروط التعجيزية، لإنقاذ حكومته التي فازت بثقة مجلس النواب بأغلبية صوت واحد. وكان الجدل البرلماني قد بلغ الخميس منسوباً من الحدّة لم يعرفه منذ سنوات، عندما توجّه الناطق بلسان الحزب الشعبي اليميني إلى نائب رئيس الحكومة زعيم حزب «بوديموس» اليساري، بابلو إيغليزياس، قائلاً: «أنت ابن إرهابي، وسليل أرستقراطية الإرهاب السياسي، وعبء على الديمقراطية في إسبانيا». وكان إيغليزياس قد خاطب الناطق بلسان حزب «فوكس» اليميني المتطرف الذي يشكّل الكتلة الثالثة في البرلمان بقوله: «أنتم تراودكم فكرة القيام بانقلاب، لكن تنقصكم الجرأة للقيام بذلك». وكان إيغليزياس يعلّق على مطالبة «فوكس» باستقالة وزير الداخلية بسبب القرار الذي اتخذه بإقالة اثنين من قادة الحرس المدني، وأثار موجة من الاستياء في صفوف الأجهزة الأمنية أدت إلى سلسلة من الاستقالات الاحتجاجية على قرار الوزير. ويضمّ حزب «بوديموس» اليساري الذي يتزّعمه إيغليزياس بقايا الحزب الشيوعي الإسباني، وهو الحليف الأساسي لسانتشيز في الحكومة.
التي تشكّلت بصعوبة بالغة بعد 3 جولات من الانتخابات العامة لم يحصل فيها أي حزب على الأغلبية الكافية لتشكيل حكومة. ويطالب إيغليزياس بفرض ضريبة بنسبة 1 في المائة على أصحاب الثروات الكبرى في إسبانيا لتمويل مجهود الإعمار بعد أزمة «كوفيد-19»، وهو اقتراح يرفضه سانتشيز الذي قال مطلع العام الماضي في البرلمان، خلال الجلسة التي فشل فيها بالحصول على ثقة المجلس لتشكيل حكومة للمرة الثانية، إن مجرّد التفكير بالتحالف مع زعيم «بوديموس» يحرمه من النوم.
وفي سياق الهجوم المركّز على الحكومة الذي تتنافس على التصعيد فيه القوى والأحزاب اليمينية، ينظّم حزب «فوكس» مظاهرات يوميّة بالسيّارات كل مساء في العاصمة مدريد، ومعظم المدن الكبرى الأخرى، ويخرج أنصاره إلى الشرفات يقرعون الطناجر احتجاجاً على أداء الحكومة، ويطالبون باستقالتها.
وتقول مصادر إن العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس الذي يتنامى قلقه إزاء هذا المشهد السياسي المشحون في مثل هذه الظروف الصعبة، وأمام احتمالات تصعيد اجتماعي بسبب التداعيات الاقتصادية للأزمة، باشر منذ أيام بإجراء اتصالات ومشاورات بعيدة عن الأضواء، في محاولة لتهدئة الأجواء، وتوحيد الصفوف أمام التحديات المقبلة.
وفي موازاة ذلك، بدأت تنظيمات طلابية وحركات اجتماعية شابة تتحرّك في المدن الكبرى استعداداً لمظاهرات «احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية، ومطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية تضمن الحد الأدنى من وحدة الصف والتفاهم من أجل التصدّي لأخطر أزمة تمرّ بها البلاد في تاريخها الحديث». وجاء على لسان أحد الناشطين الذي قال إن الحداد الرسمي الذي أعلنته الحكومة لـ10 أيام على ضحايا «كوفيد-19»: «من الأحرى أن يكون حداداً على الأحزاب السياسية وأدائها».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».