ارتباك حكومي في الأردن حول قرارات عودة الحياة تدريجياً

عودة تدريجية لموظفي القطاع الحكومي ومن المقرر التشغيل بالطاقة الكاملة بدءاً من يوم الأحد المقبل (رويترز)
عودة تدريجية لموظفي القطاع الحكومي ومن المقرر التشغيل بالطاقة الكاملة بدءاً من يوم الأحد المقبل (رويترز)
TT

ارتباك حكومي في الأردن حول قرارات عودة الحياة تدريجياً

عودة تدريجية لموظفي القطاع الحكومي ومن المقرر التشغيل بالطاقة الكاملة بدءاً من يوم الأحد المقبل (رويترز)
عودة تدريجية لموظفي القطاع الحكومي ومن المقرر التشغيل بالطاقة الكاملة بدءاً من يوم الأحد المقبل (رويترز)

تشتكي قطاعات واسعة من ارتباك الحكومة الأردنية عشية قرارات لها في عودة الحياة تدريجياً في البلاد، وعودة القطاع الحكومي للعمل بكامل طاقته يوم الأحد المقبل، مع استمرار العمل بتسيير المركبات وفق نظام أرقام اللوحات الفردي والزوجي، وإغلاق المحافظات، وصعوبة تنقل المواطنين بينها.
ولم تتوقف متوالية الارتباك الحكومي عند حال تشغيل الموظفين في القطاعين العام والخاص، بل امتدت لتصل ضبابية مصير قطاعات ما زالت مغلقة، وتحت تهديد قرارات الدفاع، لتتضارب تصريحات لجنة الأوبئة الوطنية مع وزير الصحة سعد جابر، الذي أكد بأنها ستعود للعمل مطلع شهر يونيو (حزيران) المقبل، ومنها دور العبادة، زاعماً بأن الأمر جاء كتوصية من اللجنة الوطنية، وهو ما تبرأت منه اللجنة في تصريحات متزامنة.
الارتباك الرسمي دفع بولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله خلال ترؤس اجتماع لمجلس السياسات بـ«الحرص على عدم الإعلان عن أي قرارات إلّا بعد إقرارها بشكل رسمي، تفادياً للإرباك»، وهو ما تم أخذه على وزراء من الحكومة الأردنية خلال سباقهم في التصريحات المربكة، والتي كان آخرها استئناف تشغيل السياحة الداخلية الأسبوع المقبل، وسط إجراءات غلق محافظات وإغلاق المواقع السياحية، وعدم تسيير المواطنين بينها إلا بموجب تصاريح محددة.
وفي حين تستمر الحكومة في الدفاع عن قراراتها، اتهم نواب أردنيون مساعي رئيس الوزراء عمر الرزاز بإطالة أمد الأزمة، مستفيداً من غياب مجلس النواب، وضبابية فرص إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الصيف الحالي، وهو الاتهام المدعوم من أقطاب نيابية ونخب سياسية تحدثت باجتماعات مغلقة عن «تعسف حكومي خلال أزمة (كورونا)، والتشدد تحت يافطة الوضع الوبائي»، بحسب النائب المعارض عن قائمة «معاً» خالد رمضان.
وتجاوزت الحكومة في مشهد آخر على دور مجلس النواب الرقابي، بعد أن استلمت من مجلس الأعيان (الغرفة الثانية لمجلس الأمة الذي يعينه الملك) توصيات تتعلق بالتعامل مع ظروف أزمة «كورونا» الراهنة، والتي أوصت بعدم تخفيض أسعار المحروقات وفق التسعيرة الشهرية القاضية بتخفيضه كلما تراجعت أسعار النفط عالمياً، وهي توصية غير شعبية، تتجاوز على دور المجلس النيابي، الذي دفع بسلة توصيات اقتصادية منذ أول أيام الأزمة، دون أن تأخذ بها الحكومة أو تعلن عن تسلمها. وذهب رئيس اللجنة المالية، خالد البكار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى نيته إعداد «ورقة رقابية»، توضح جوانب من التعسف الحكومي خلال فترة تطبيق قانون الدفاع الذي بدأ العمل به منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، وبشكل يخالف توجيهات العاهل الأردني التي نصت على «ممارسة قانون الدفاع في أضيق نطاق ممكن»، منتقداً «التضييق على الحريات الصحافية، والتجاوز على الدور الرقابي لمجلس النواب»، في حين تساءل البكار عن قرارات فردية لرئيس الحكومة، تمثلت في التعيينات لوظائف قيادية اتخذها بعيداً عن معايير المساءلة.
وعلى الرغم من محدودية تسجيل الإصابات يومياً، وانحسار إجمالي عدد الحالات المصابة بمرض فيروس كورونا المستجد منذ اكتشاف أولى الحالات مطلع مارس الماضي، بـ720 إصابة، بقي منهم على أسرّة الشفاء 153 فقط، ووفاة 9 أردنيين لأسباب ارتبطت بأمراض مزمنة وهم من كبار السن، لا تزال الحكومة تصر على الحظر الشامل ليوم الجمعة، وهو القرار الذي انتقده أعضاء من لجنة الأوبئة الوطنية في وقت سابق.
في سياق متصل، قررت الحكومة الأردنية أمس فتح المساجد والكنائس يوم الخامس من يونيو المقبل، وجاء في القرار الرسمي أن تقام صلاة الجمعة فقط في المساجد، وليس باقي الصلوات، ضمن تطبيق إجراءات وقائية صارمة والحرص على التباعد الاجتماعي.
وحسمت الحكومة قراراها لصالح التدرج في فتح دور العبادة، تاركة قرار إعادة فتح القطاعات الاقتصادية الأخرى معلقاً من دون تقديم إيضاحات أكثر، وأكد وزير الأوقاف الأردني، أن السماح بعودة المصلين لإقامة صلاة الجمعة في المساجد «لكونها فريضة ولا تصح إلا في المساجد».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».