في الوقت الذي تتوفر فيه أسباب لانطلاق ممثل أو لتقدّمه، هناك أسباب لتأخره عن مكانته. ربما لم يعد يجد بين المعروض عليه ما يحافظ به على موقعه فيتوقف عنده أو يتأخر. أو ربما ما عاد يجد ما يبحث عنه فيرضى بما هو متاح. وفي أحيان أخرى، يتوقع لنفسه نجاحاً باهراً في فيلم فيخذله الجمهور ويستقر فيلمه الجديد في قعر الإيرادات.
النجاح هو مهمّة صعبة جداً بالنسبة لأي إنسان وأصعب بالنسبة للممثل، ثم هي شبه مستحيلة إذا ما أراد البقاء على القمّة. نجد هذا جلياً مع عدد كبير من الممثلين الذين انخرطوا في عداد الأفلام المتسلسلة ذات النجاح المضمون. داخل هذه المجموعة من الأفلام يتحوّل الممثل إلى نجم يستحوذ على الإعجاب والجمهور الحاشد. يرتفع أجره ونسبته من الأرباح فيلماً وراء فيلم. لكن ما إن يقرر التخلي عنها (أو حتى تجربة القيام بما هو مختلف عن مسارها التجاري) حتى يتلقف الفشل سريعاً فيعاود أدراجه إلى حيث كان خوفاً من فقدان باقي رصيده.
حدث هذا مع روبرت داوني جونيور ومع سكارلت جوهانسن ومع هاريسون فورد سابقاً وكرستيان بايل وجوني دَب لاحقاً. وقد يحدث مجدداً مع آخرين من أمثال كريس همسوورث شخصية Thor في سلسلة Avengers وتوم هولاند «سبايدر - مان» وبول رَد «آنت - مان» ورايان رينولدز في سلسلة «دَدبول» نراهم اليوم في مراكز متقدمة.تجربة جوني دَب، الذي قاد بطولة «قراصنة الكاريبي» بنجاح كبير في العقد الماضي، تبرز بدلالات واضحة فخلال ثم بعد انتهاء أجزاء «قراصنة الكاريبي» حاول دَب التنويع فظهر في «ذَ لون رانجر» و«مورتيكاي» و«مدينة أكاذيب» إنما من دون نجاح مقبول.
هيو جاكمن يجد نفسه حالياً في الورطة ذاتها. بعد تمثيله شخصية لوغان في سلسلة «رجال - إكس» ومشتقاتها سقط له «المرشّح الأمامي» (The Front Runner) و«تعليم سيئ» وبالكاد عرف نتائج أفضل حين لعب بطولة «البائسون».
- خمسة ضد خمسة
لغاية الوقوف على الوضع الحالي للممثلين الرجال (على أن تكون لدينا عودة إلى الممثلات لاحقاً) تم لهذا الناقد وضع قائمة بالعشرين الأكثر نجاحاً بين الممثلين اعتماداً على ثلاثة معطيات: أولها أن اسم الممثل ما زال يستطيع مساعدة المشروع الذي يقبل بتمثيله على نيل الضوء الأخضر من الاستديوهات.
الثاني أن تكون أعماله في العامين الأخيرين على الأقل ناجحة أو ذات غالبية ناجحة. أما الشرط الثالث فهو أن يكون - تلقائياً مع ما سبق - ما زال مطلوباً أكثر من سواه.
وما تفعله قائمتنا هي الكشف عن أن العديد من نجوم المسلسلات (مثل روبرت داوني جونيور، جوني دَب، هيو جكمَن وسواهم) باتوا أقل حضوراً فاعلاً في العامين الأخيرين من سواهم، بينما لا يزال النجاح من نصيب جيل أصغر سناً يعمل حالياً في نطاق هذه المسلسلات غالباً.
بعض هؤلاء نجدهم في قائمة العشرة الأول التي تتكون، مناصفة من نجوم مسلسلات وهم تحديداً كريس همسوورث وتوم هولاند وكريس إيفنز ودواين جونسون بالإضافة إلى توم كروز المنتمي الى جيل أسبق لكنه ما زال الأكثر نجاحاً من بين أترابه.
الخمسة الآخرون هم من الممثلين غير المنتمين حالياً (أو لم ينتموا سابقاً) إلى أي مسلسل مثل «ذا أفنجرز» أو «سوبر مان» أو «آيرون مان» أو «كابتن أميركا» وهم: براد بت وليوناردو دي كابريو وواكين فينكس ومايكل ب. غوردان وروبرت باتنسون.
هذا الأخير انطلق، قبل أكثر من عشر سنوات، كوجه في مسلسل شبابي هو «توينلايت» لكن ما إن بزغ قليلاً حتى استقل بنفسه ومضى في طريق اعتقد كثير من المراقبين بأنه طريق لنهاية مبكرة. لكنه عاد وبقوّة مفاجئة بعد سلسلة من الأدوار المساندة في أفلام مثل «ملكة الصحراء» لفرنر هرتزوغ و«ذا كينغ» لديفيد ميشو وكان ممتازاً في دور مساند آخر في فيلم «المنارة» لروبرت إيغرز. كما لعب في «بانتظار البرابرة» للإيطالي سيرو غويرا الدور المساند لجوني دَب وذلك في ربوع العام الماضي.
حالياً، وعلى نحو لا يخلو من المفاجأة، هو بطل فيلم كريستوفر نولان الجديد «مبدأ»(Tenet) وهو من استقر الاختيار عليه لتمثيل شخصية باتمان في الفيلم المقبل «ذا باتمان» أمام أحد رفاقه في قائمة العشرة الأول وهو واكين فينكس الذي سيؤدي دور جوكر، الدور الذي عاد إليه بالأوسكار في فبراير (شباط) هذا العام.
بذلك سيدخل كل منهما إطار المسلسلات عندما يُباشر بتصوير «ذا باتمان»، لكنهما أذكى من أن يعرّض مكتسباته كفنان مستقل للضياع بسبب هذا الانتماء.
هذا ما نجح في تفاديه الممثل مايكل ج. غوردان الذي أدى بطولة «بلاك بانثر» بنجاح ثم أتبعه مباشرة بعملية اختراق للنمط ليظهر في أفلام مختلفة من بينها «كريد» وآخرها «رحمة عادلة» (Just Mercy) في العام الماضي حيث أنجز النجاح المأمول.
أما براد بت وليوناردو ديكابريو فيتقاسمان الصف الأول ذاته مع غوردان وباتنسون وفينكس رغم أنهما لم يبنيا شهرتهما على سلسلة من الأفلام المعلّبة بل بناء على جدارتهما وحسن اختياراتهما من الأعمال المثيرة للاهتمام وآخرها فيلم كونتِن تارنتينو «ذات مرة في هوليوود»، أحد أبرز وأنجح أفلام العام الماضي.
تبعاً لما سبق ولكل هذه التوازنات والمعطيات فإن قائمة العشرة الأول تحتوي على الممثلين التالين نزولاً من المركز العاشر إلى الأول:
كريس إيفنز، توم هولاند، مايكل ب. غوردان، كريس همسوورث، واكين فينكس، توم كروز، ليوناردو دي كابريو، روبرت باتنسون، براد بت ودواين جونسون في المركز الأول.
ما يجعل دواين جونسون يتربع على المركز الأول حقيقة أن أفلامه حصدت في السنوات العشر الأخيرة ما يزيد على 4 مليارات و140 مليون دولار في الولايات المتحدة وحدها ونحو مليار و700 مليون دولار في الصين. ومئات الملايين من باقي الأسواق العالمية. مسلسله السينمائي الأكثر رواجاً حالياً هو «جومانجي» لكنه مسؤول في الأعوام الخمسة الأخيرة عن تعزيز إيرادات مسلسل «سرعة وغضب» Fast and Fury مع شريكه في البطولة فِن ديزل الذي لن نجده لا في قائمة العشرة الأول ولا في قائمة العشرة الثانية بل في المركز 21 وراء دنزل واشنطن وأمام مل غيبسون مباشرة نظراً لأن محاولاته لتنويع أدواره انصبّت غالباً على أداء النمط ذاته في أفلام أكشن تتنوّع كأسماء وتلتقي كأنواع.
ملاحظة مهمّة أخرى كشفت عنها هذه القائمة هي أن معظم من فيها دون الخمسين من العمر وأكبرهم سناً هو توم كروز (58 سنة)، وهذا - لجانب نجاح مسلسل «المهمّة: مستحيلة» في كل مرّة، سبب وجيه للمكانة التي ما زال يحتلّها.
الممثلون بين طغيان المسلسلات السينمائية والخوف منها
بعضهم نجوا وآخرون سقطوا
الممثلون بين طغيان المسلسلات السينمائية والخوف منها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة