بن عزيز... عدو الحوثيين الشرس يرجّح قرب نهاية النفوذ الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني (الشرق الأوسط)
رئيس الأركان اليمني (الشرق الأوسط)
TT

بن عزيز... عدو الحوثيين الشرس يرجّح قرب نهاية النفوذ الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني (الشرق الأوسط)
رئيس الأركان اليمني (الشرق الأوسط)

لم تكن محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الأركان اليمني، الفريق صغير بن عزيز، الأولى التي ينجو منها من كيدهم، لكنها المرة الأولى التي يخسر فيها العدو الشرس للحوثيين الذي يملك سجلاً طويلاً من الخصومة الشديدة معهم منذ بداية تمردهم على الدولة اليمنية منتصف العام 2004. لقد فقد ابنه ونجل أخيه ضمن سبعة قتلى بهجوم يعتقد بأنه استهداف حوثي لموقع للجيش اليمني في مأرب (شرق صنعاء) أمس.
الفريق صغير بن عزيز توقع قرب نهاية الحوثيين والنفوذ الإيراني في اليمن، وذلك في أول تعليق له بعد الحادثة. وقال في تغريدة على «تويتر»، «كلما أوغلوا في الدم والتدمير زدنا قوة وصلابة وزادت قناعتي بقرب نهاية الكهنوت الحوثي وإيران».
مثلما لم يهتز وهو يقاتل الحوثيين وحيداً في الحرب السادسة مع ميليشيا الحوثي، حيث أصر على استمرار مواجهتهم في منطقته العمشية التابعة لمديرية حرف سفيان في محافظة عمران (شمال صنعاء) والتي تشكل البوابة الأساسية إلى قلب محافظة صعدة أصيب بن عزيز في تلك المواجهة وواصل مقاومة تقدم الحوثيين الذين حاصروا منزله، وأرسل الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح وزير دفاعه حينها محمد ناصر أحمد لنقله بمروحية إلى صنعاء.
واتكاء على هذا الرصيد من المقاومة للمشروع السلالي لميليشيا الحوثي، جاء تعيينه رئيساً للفريق الحكومي المعني بالإشراف على إعادة انتشار القوات في مدينة وموانئ الحديدة في نهاية عام 2018 استناداً إلى اتفاق استوكهولم، وأدى دوراً أساسياً في مواجهة محاولة الحوثيين على التفاف على تنفيذ الاتفاق ومسرحية استبدال عناصرهم في الموانئ بآخرين يرتدون لباس شرطة خفر السواحل، قبل أن يعين في يوليو (تموز) الماضي رئيساً لهيئة الأركان وقائداً للعمليات المشتركة.
ولأن الحوثيين يدركون طبيعة هذا الخصم فلم يتركوا له متنفساً في إعادة ترتيب أوضاع قوات الجيش، خاصة أنه بدأ باتخاذ خطوات إصلاحية مهمة في هياكل قوات الجيش اليمني بهدف تعزيز احترافيته فحشد الحوثيون كل قادتهم، وفي طليعتهم عبد الخالق الحوثي قائد الميليشيا التي اقتحمت صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، ورئيس جهاز مخابرات الميليشيات أبو علي الحاكم، وبدأوا بمهاجمة مواقع قوات الجيش في مديرية نهم، وساعدهم على ذلك وفق تأكيدات مصادر عسكرية كثيرة أطراف إقليمية عبر عناصر حزبية كانت قد سيطرت على قيادة بعض الوحدات.
كان رهان الحوثيين والأطراف الإقليمية على انهيار الوضع العسكري في هذا المحور، خاصة بعد سقوط معسكر فرضة نهم بيد الحوثيين عندما قامت عناصر حزبية بالانسحاب من الموقع دون قتال، ومع هذا الرهان كانوا يمنّون أنفسهم بإسقاط مأرب حينما دفعوا بكل قواتهم لمهاجمتها من ثلاثة محاور، الأول من الغرب من اتجاه صرواح، والثاني من اتجاه بني ضبيان - خولان، والثالث من اتجاه محافظة الجوف، لكن العزيمة التي يعمل بها بن عزيز مكّنته من امتصاص الصدمة وصد أكبر هجوم على مأرب استمر ثلاثة أسابيع وتقدمت القوات من جديد في جبهتي نهم والجوف.
ولا تكمن قوة رئيس أركان الجيش اليمني في خصومته القوية لميليشيا الحوثي، لكن انحداره من عمق قبلي محسوب جغرافياً على مناطق شمال الشمال اليمني، إلى جانب نزاهته وقدراته الإدارية والقتالية وشخصيته الملهمة لكثير من الشباب الداعي للقومية اليمنية، كلها عوامل قوة إضافية جعلت منه مستهدفاً في المقام الأول من ميليشيا الحوثي التي تدرك معنى وجود قائد ميداني للجيش بمثل هذا الرصيد، ومن أطراف تضررت أيضاً من الإصلاحات التي يجريها في قوام وحدات الجيش وماليته.
ومع أنه دخل البرلمان اليمني في آخر دورتين انتخابيتين نائباً عن حزب المؤتمر الشعبي، إلا أنه ابتعد عن المناكفات الحزبية، واختط لنفسه موقفاً واحداً مناهضاً للمشروع الطائفي ومواجهة التدخل الإيراني في اليمن؛ ولهذا انخرط من موقعة في مديرية حرف سفيان الواقعة في المدخل الغربي لمحافظة صعدة في كل الحروب التي خاضتها الدولة اليمنية ضد الميليشيات التي أعلنت التمرد في 14 يونيو (حزيران) 2004 بقيادة مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي قبل مقتله على يد الجيش اليمني في أغسطس (آب) من العام نفسه.
وتبين السيرة الذاتية للرجل أنه التحق بالخدمة العسكرية في قوات ما كانت تعرف بـ«الحرس الجمهوري» عام 1983، وبعد سبعة أعوام رقي إلى رتبة الملازم الثاني عام 1990. وبعد 17 عاماً حصل على رتبة العميد، أي في عام 2007، وتقلد مناصب عسكرية عدة، كان آخرها قائداً للعمليات المشتركة، ورئيساً للعمليات، ونائباً لكبير المعلمين بمعسكر طارق بن زياد التابع للحرس الجمهوري.
كما حصل على دورات متخصصة في الأمن الوقائي عام 1984 من منظمة التحرير الفلسطينية، ودورة صاعقة عام 1986 من قوات الحرس الجمهوري، ودورة معلمين قوات خاصة من قيادة قوات الأمن المركزي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».