انفجار غامض في إدلب يستهدف رتلاً تركياً وسط تحليق لطيران روسي

الجيش التركي وقوات النظام وفصائل معارضة يحشدون شمال غربي سوريا

دخان يتصاعد في ريف إدلب بعد تفجير استهدف جنوداً أتراكاً أمس (الشرق الأوسط)
دخان يتصاعد في ريف إدلب بعد تفجير استهدف جنوداً أتراكاً أمس (الشرق الأوسط)
TT

انفجار غامض في إدلب يستهدف رتلاً تركياً وسط تحليق لطيران روسي

دخان يتصاعد في ريف إدلب بعد تفجير استهدف جنوداً أتراكاً أمس (الشرق الأوسط)
دخان يتصاعد في ريف إدلب بعد تفجير استهدف جنوداً أتراكاً أمس (الشرق الأوسط)

وقع انفجار أثناء مرور رتلٍ عسكري تابع للقوات التركية وفصائل المعارضة السورية المسلحة الموالية لها بالقرب من بلدة الغسانية، في جنوب غربي إدلب، بالقرب من طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4)، أثناء تحليق الطيران الروسي في المنطقة.
وتضاربت المصادر في تحديد أسباب الانفجار. وقالت مصادر محلية إن الانفجار نجم عن عبوات ناسفة استهدفت الرتل التركي، المؤلف من مدرعات وعدد من الجنود، الذي كان متجهاً صوب نقطة المراقبة العسكرية التركية بالقرب من بلدة بداما بريف إدلب، وتسبب في إصابة اثنين من الأتراك؛ أحدهما مجنَّد والآخر ضابط أُصيبَ بجروح خطيرة في الساق، إلى جانب عدد من مقاتلي الفصائل، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وذكرت مصادر أخرى أن الانفجار وقع أثناء طلعات الطيرات الروسي تمهيداً لتسيير دورية عسكرية مشتركة مع القوات التركية على طريق «إم 4».
وحصلت استهدافات متكررة للقوات التركية من قبل مجهولين، التي تجري دوريات عسكرية استكشافية على طول الطريق الدولي «M4»، حيث استهدفت مجموعات مجهولة دورية تركية في مارس (آذار) الماضي، ما أدى إلى إصابة عدد من الجنود الأتراك، تبعه العثور على سيارتين مفخختين بعبوات متفجرة، يوم الجمعة الماضي، بالقرب من بلدة محمبل وكفرشلايا غرب إدلب، استعداداً لتفجيرهما. وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي مروحيات تركية تتجه إلى موقع الانفجار لنقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات في الولايات القريبة من الحدود السورية لتلقي العلاج.
في الوقت ذاته، أفاد «المرصد» بوقوع انفجار عنيف ضرب قرية الطيبات الواقعة بالقرب من منطقة الغسانية في ريف جسر الشغور الغربي، نجم عن انفجار مستودع ذخيرة يعود لـ«الحزب الإسلامي التركستاني»، حليف «هيئة تحرير الشام»، بالتزامن مع تحليق لطائرة حربية روسية في أجواء المنطقة.
وأضاف أن الانفجار خلّف 6 قتلى من التركستان، وتنظيمات جهادية أخرى، بالإضافة لسقوط عدد من الجرحى، ما رجّح ارتفاع حصيلة القتلى.
من ناحية أخرى، وقعت اشتباكات بعد منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء على محور تقاد بريف حلب الغربي، بين الفصائل من جانب، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب آخر، في حين قصفت قوات النظام أماكن في الفطيرة وسفوهن ومحيط كنصفرة بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي.
جاء ذلك عقب ساعات من سقوط طائرة مسيّرة مزوّدة بذخائر وانفجارها في أطراف بلدة كفرناصح، في ناحية الأتارب، قرب طريق معبر باب الهوى - حلب. في الوقت ذاته، أرسل الجيش التركي، مساء أول من أمس، تعزيزات عسكرية جديدة إلى نقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد شمال إدلب، في رتل عسكري ضخم ضم مدرعات ثقيلة وناقلات جنود ومعدات وتجهيزات لوجيستية، من خلال معبر كفر لوسين الحدودي مع ولاية هطاي جنوب تركيا.
ويُعدّ هذا هو الرتل التركي الرابع الذي يدخل إدلب خلال أسبوع واحد.
وقال القيادي في «الجيش الحر» العقيد مصطفى بكور أمس: «رصدنا خلال الأيام القليلة الماضية حشوداً عسكرية للنظام والميليشيات الإيرانية لمقاتلين وآليات عسكرية، تمركزت في عدد من المواقع العسكرية على مختلف خطوط المواجهة في ريفي إدلب وحماة الغربي، إضافة إلى نشاط كثيف للطيران المسير والاستطلاع الروسي والإيراني في أجواء القسم الشمالي لسهل الغاب غرب حماة والمناطق الواقعة جنوب طريق «M4»، الأمر الذي يوحي بتحضيرات عسكرية من قبل النظام والإيرانيين.
ولفت إلى أن هناك «مخاوف وتحذيرات دائمة من قبل الجانب التركي لفصائل المعارضة بضرورة الاستعداد الدائم من قبل مقاتليها، تحسباً لأي عملية عسكرية للنظام في محافظة إدلب ومناطق أخرى خارج سيطرة النظام، ما دفع بفصائل المعارضة خلال الأيام الماضية إلى دفع مزيد من التعزيزات العسكرية على خطوط التماس مع قوات النظام والميليشيات الإيرانية، تزامناً مع استقدام أرتال عسكرية تابعة للقوات التركية وانتشارها في عدد من المواقع والمناطق جنوب إدلب، تضم «آليات ومدرعات وجنوداً».
من جهته، قال رئيس «وحدة الرصد والمتابعة 80»، التابعة لـ«الجيش الحر»، إن 12 موقعاً ومعسكراً للنظام والإيرانيين في ريف إدلب، تشهد تحرُّكاً يشير إلى استعدادات عسكرية لإطلاق عملية جديدة تهدف إلى السيطرة على مناطق جديدة في إدلب، لافتاً إلى أن ذلك «يوحي بتحضيرات عسكرية لعملية مرتقبة ضد المناطق المحررة، لا سيما أن عدداً كبيراً من العسكريين التابعين للنظام التحقوا بهذه المعسكرات، ترافق مع تسريبات تشير إلى قرب العملية العسكرية التي من المحتمَل أن تكون وجهتها المناطق الواقعة جنوب طريق (M4)».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.