داود أوغلو يتوقع «زوال» حزب إردوغان من الساحة السياسية

TT

داود أوغلو يتوقع «زوال» حزب إردوغان من الساحة السياسية

قال رئيس حزب «المستقبل» التركي المعارض، أحمد داود أوغلو، إن حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة رفيقه السابق الرئيس رجب طيب إردوغان سينهار ويختفي من الساحة السياسية قريباً بعد أن فقد شعبيته بسبب ممارساته التي قضت على الحريات والعدالة وقادت إلى الاستبداد وأفقدت تركيا اعتبارها على الساحة الدولية. وأضاف داود أوغلو، أن عدد الأشخاص الذين يشعرون بالرضا حيال مسار الحزب، الذي كان أحد مؤسسيه والذي تولى رئاسته ورئاسة حكومته أيضاً عام 2014 ولمدة عامين قبل أن يستقيل بسبب الخلافات مع إردوغان، أصبحوا قليلين للغاية، مضيفاً «لن يكون هناك شيء في تركيا اسمه حزب العدالة والتنمية في المستقبل».
وقال داود أغلو، الذي انشق عن العدالة والتنمية في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي وأطلق حزبه بعد 3 أشهر من انفصاله عن الحزب، إن تركيا أصبحت تعاني من مشاكل في الحريات والعدالة... خرجت العصابات من السجون وبقي الصحافيون داخلها (في إشارة إلى الإفراج عن سجناء خطرين وزعماء مافيا بموجب قانون العفو عن السجناء الذي أقره البرلمان بطلب من الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي في إطار تدابير مواجهة فيروس كورونا واستثناء الصحافيين والسجناء السياسيين ومعارضي إردوغان من العفو)، وزادت معدلات الفقر».
وأضاف داود أوغلو، في مقابلة تلفزيونية ليل الثلاثاء – الأربعاء «الانحياز للاستبداد تمكن من السيطرة على أشخاص كانوا طبيعيين من قبل (في إشارة إلى إردوغان وحزبه)، ولا شك في أن الاستبداد مرض عالمي، لا أعتقد أن هذا الهيكل الاستبدادي (حزب إردوغان) الموجود بتركيا سيبقى». وذكر داود أوغلو، أنه لم يشعر بحرية أكثر من التي شعر بها يوم ترك منصبه كرئيس للوزراء في مايو (أيار) 2016 بعد 20 شهراً من تسلم منصبه»، مشيراً إلى أن إردوغان حاول خلال الفترة التي سبقت استقالته أن يجعل منه مجرد «دمية».
واتهم داود أوغلو ما يعرف في تركيا بـ«مجموعة البجع» بالوقوف وراء «الانقلاب» على حكومته في 2016، منتقداً قيام إردوغان بزيارة مقر هذه المجموعة. وقال «مجموعة البجع هي التي استخدمت كأداة في عملية الانقلاب ضدي في 2016. لقد شنّت حملة بناء على تعليمات تلقاها أعضاؤها. ورغم كل ذلك قام رئيس الجمهورية (إردوغان) بزيارة المكان الذي تم التخطيط فيه للإطاحة بي من رئاسة الحكومة وحزب العدالة والتنمية». وأضاف، أن الذين شنوا حملة قتل معنوي ضدي في عام 2016 (مجموعة البجع) هم أنفسهم من يشنون الآن حملات مضادة لبعض الوزراء، وكذلك حملات متبادلة فيما بينهم، فمثلاً يتعرض وزير العدل عبد الحميد غل حالياً لحملة ودعاية سوداء على يد أعضاء هذه المجموعة. ومجموعة البجع هي كيان يرأسه الشقيق الأكبر لصهر إردوغان، وزير الخزانة والمالية برات البيراق، وتتبعه أجنحة مختلفة ويسيطر على غالبية وسائل الإعلام في تركيا ولديه جيش إلكتروني وأذرع داخل الجهاز البيروقراطي للدولة ينفذ حملات ضد معارضي إردوغان، وحتى أعضاء حكومته ممن لا يحظون برضا المجموعة أو يخرجون عن نهجها، ويزعم أنها تتحرك بأوامر رئاسية، وإن كانت أحياناً تتحرك بدوافع شخصية للقضاء على المنافسين المحتملين للوزير برات البيراق الطامح للحكم خلفاً لإردوغان.
وقال داود أوغلو، إن فكرة إنشاء حزب «المستقبل» جاءت بعد استقالته من الحزب الحاكم، قائلاً إنها كانت «نتيجة رؤيتنا بأنه لن يكون من الممكن بناء دولة واعدة مع حزب العدالة والتنمية برئاسة إردوغان وإن النظام الرئاسي ضعيف من حيث المعايير الديمقراطية».
وتابع «لم يعد هناك يقين في تركيا... في لقائي الأخير مع إردوغان، قبل الاستقالة، لم يكن الأشخاص داخل المجلس التنفيذي للحزب الحاكم يثقون ببعضهم البعض»، مشيراً إلى أن إحدى القضايا التي ندم على عدم فعلها أثناء فترته كرئيس للوزراء هي تمرير قانون الشفافية السياسية، فالفساد يحدث «خلف الأبواب المغلقة». وأضاف، أن الاستبداد الذي تدار به البلاد أفقد تركيا اعتبارها على المستوى الدولي. هذه الأمور جعلت من الضروري أن أتحرك. وأنا لا أسعى وراء طمع السلطة ولا شيء آخر. وأكد داود أوغلو أنه لم يعد ممكناً إنشاء دولة في تركيا لها اعتبار على الساحة الدولية في ظل وجود نظام حزب العدالة والتنمية، فالنظام الرئاسي هو نظام يؤدي إلى الديكتاتورية في أي لحظة. وانتقد داود أوغلو تردي الوضع الاقتصادي لتركيا، لافتاً إلى أنه عندما كان رئيساً للوزراء كان معدل التضخم 7 في المائة فقط، أما الآن فأصبح رقماً مكوناً من خانتين.
ونوه باقتراح رئيسة حزب «الجيد»، ميرال أكشينار، بخصوص ضرورة جلوس رؤساء جميع الأحزاب السياسية إلى طاولة مستديرة لمناقشة الأوضاع الراهنة في البلاد، قائلاً «كان اقتراحاً حيوياً للغاية، ولقد انتظرنا أن يلبي إردوغان الدعوة ويدعم الاقتراح، لكن اتضح أن أكبر مشكلة تواجهها تركيا هي عدم الاهتمام بالآراء وقلة الاستشارات».



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».