البرلمان الإيراني الجديد يبدأ مهامه اليوم... وروحاني يمدّ {يد الصداقة}

ظريف مرشح محتمل للإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة

لاريجاني يستقبل رئيس الأركان وقادة «الحرس الثوري» والجيش والشرطة  في آخر أيام رئاسته البرلمان أمس (خانه ملت)
لاريجاني يستقبل رئيس الأركان وقادة «الحرس الثوري» والجيش والشرطة في آخر أيام رئاسته البرلمان أمس (خانه ملت)
TT

البرلمان الإيراني الجديد يبدأ مهامه اليوم... وروحاني يمدّ {يد الصداقة}

لاريجاني يستقبل رئيس الأركان وقادة «الحرس الثوري» والجيش والشرطة  في آخر أيام رئاسته البرلمان أمس (خانه ملت)
لاريجاني يستقبل رئيس الأركان وقادة «الحرس الثوري» والجيش والشرطة في آخر أيام رئاسته البرلمان أمس (خانه ملت)

قبل أقل من 48 ساعة على افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان الإيراني، مدّ الرئيس حسن روحاني «يد الصداقة» للنواب الجدد الذين يباشرون اليوم مهامهم لفترة 4 سنوات.
وبادر روحاني في تغريدة عبر «تويتر» إلى إعلان موقف حكومته من تشكيلة البرلمان الجديد الذي تسيطر عليه أغلبية من خصوم روحاني، وقال: «البرلمان تخطى 40 عاماً، وفي بداية العقد الخامس، يأمل الناس في تعاون يدوم لسنة بين الحكومة الثانية عشرة والبرلمان الحادي عشر» وأضاف: «الحكومة من الآن تمدّ يد الصداقة للبرلمان الجديد».
وستكون أكبر خسارة لروحاني خروج حليفه رئيس البرلمان علي لاريجاني، الذي تجنب خوض الانتخابات التشريعية الأخيرة ووضع حداً لرئاسته التي استمرت 12 عاماً.
ولعب لاريجاني دوراً أساسياً في دعم حكومة روحاني، خصوصاً في تمرير نص الاتفاق النووي في 2015، وعرقل إحالة روحاني إلى القضاء بعد إخفاقه في الاستجواب المثير للجدل صيف 2018، وهو ما أبعد الرئيس الإيراني عن سيناريو طرح الثقة.
وساند، أمس، لاريجاني الحكومة عشية بدء أعمال البرلمان الجديد، قائلا إن «حل مشكلات البلاد مرهون باتفاق القوى أهم خطوة ثورية ضد ظلم الأميركيين».
وعلى هامش انشغال البلاد بأزمة «كورونا»، شهدت أوساط البرلمان حراكاً متسارعاً في الأمتار الأخيرة من نهاية البرلمان برئاسة لاريجاني.
وخسر أغلب النواب مقاعدهم في سباق الانتخابات التي جرت في 21 فبراير (شباط) الماضي، سواء عبر رفض طلباتهم للترشح أو خسارتهم في الانتخابات. وهناك نواب مؤثرون في البرلمان انسحبوا مبكراً من الانتخابات لأسباب مختلفة؛ على رأسهم لاريجاني، الذي تربطه تكهنات بالعودة إلى ترؤس الأمانة العامة في «المجلس الأعلى للأمن القومي» بدلاً من علي شمخاني.
وكانت تقارير تُدولت عن خلافات بين شمخاني وروحاني على مدى السنوات الماضية، لكن أي منهما لم يعلق بعد على ما يتردد في الأوساط السياسية.
من جانب آخر، يعدّ لاريجاني أحد المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة، رغم أنه حدد مستقبله في العودة إلى التدريس بالجامعات، خلال لقاء تلفزيوني الأسبوع الماضي.
وأكثر ما يقلق حكومة روحاني رئاسة خصمه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وعمدة طهران السابق محمد باقر قاليباف، الذي تصدر قائمة المحافظين في العاصمة، ويخوض منافسة محتدمة على كرسي الرئاسة مع حميد رضا حاجي بابايي، أبرز نواب «جبهة الصمود» المتشددة.
ولا تقتصر مخاوف روحاني على هذا الأمر؛ بل هناك خصم أكثر حدّة من قاليباف يتربص بروحاني، وهو الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، بعدما فاز 50 مسؤولاً رفيعاً من حكومته بمقاعد في البرلمان الحالي، أغلبهم ضمن كتلة «جبهة الصمود»، الأمر الذي فتح باب التكهنات منذ الآن بشأن عودة محتملة لأحمدي نجاد، من أجل خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وقال محمود واعظي، مدير مكتب روحاني، أول من أمس، رداً على تقارير حول محاولات حكومية للتأثير على انتخابات رئاسة البرلمان واللجان البرلمانية، إن الأمر «موضوع داخلي في البرلمان»، نافياً التقارير بشدة، وقال: «لم نتدخل في هذا المجال، لا في السابق ولا في المستقبل».
وفي الوقت عينه، وجّه واعظي رسالة واضحة بقوله: «لا نرغب إطلاقا في أن نرى تدخلاً من الأشخاص والأجهزة غير المسؤولة، في القضايا التنفيذية ومهام الحكومة».
في الأثناء، شرح المساعد التنفيذي للبرلمان غلام رضا نوري، أمس في مؤتمر صحافي، برامج جلسة افتتاح البرلمان الإيراني اليوم بمشاركة 276 نائباً منتخباً من أصل 279 شخصاً فازوا في الجولة الأولى للانتخابات، إضافة إلى مسؤولين وقادة الأجهزة العسكرية.
وخرج اثنان من النواب المنتخبين مبكراً بعدما لقيا حتفهما بسبب الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد.
ونقلت وكالة «ايسنا» الحكومية عن نوري قوله إن الجلسة الافتتاحية ستكون مختلفة عن سابقاتها بسبب الأوضاع الصحية الناجمة عن تفشي فيروس «كورونا» التي فرضت قيوداً على المجتمع برمته.
وقال نوري إن الدعوات ستكون «محدودة»، وقدم الاعتذار لأطراف كانت تتلقى في السنوات الماضية دعوات لحضور مثل هذه المناسبات، مضيفاً في الوقت نفسه إن البرلمان سيبدأ أعماله في الوقت المقرر قانوناً.
وسيقدم البرلمان غداً هيئة الرئاسة المؤقتة، على أن يجتمع البرلمان غداً لإجراء انتخابات داخلية لانتخاب الرئيس ونائبيه وأعضاء هيئة الرئاسة ورؤساء اللجان البرلمانية، وقد تطول الانتخابات لأيام.
وقال نوري إن رضا تقوي، النائب عن مدينة طهران، سيكون الرئيس المؤقت، وسيكون نائبه مصطفى مير سليم. وسيكون أصغر عضوين في البرلمان، ضمن تشكيلة هيئة الرئاسة. وأشار نوري إلى خضوع النواب لفحص وباء «كورونا»، لافتاً إلى أنهم سيحضرون الجلسة في حال كانت نتائج الفحوص سلبية.
إلى ذلك؛ كشفت صحيفة «شرق» الإصلاحية، أمس، عن توجه بين إصلاحيين لترشيح وزير الخارجية محمد جواد ظريف للانتخابات الرئاسية.
وأشار تقرير الصحيفة إلى تراجع القاعدة الشعبية للتيار الإصلاحي، نظراً للمشكلات الحالية والضغوط الاقتصادية التي يتعرض لها الإيرانيون.
ومع وضع هذه القضايا في الحسبان، أشارت الصحيفة إلى تكهنات حول خطط التيار الإصلاحي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومنها تداول اسم ظريف مرشحاً نهائياً للإصلاحيين.
وبحسب الصحيفة، فإن المؤيدين للفكرة يراهنون على «شعبية ظريف بين النخب السياسية والشارع الإيراني، بحسبان ما لديه من رأسمال اجتماعي». والفكرة قائمة على أن ظريف غير محسوب على التيار الإصلاحي، لكنه لديه قواسم مشتركة معه. وترجح الصحيفة، وفق هذا السيناريو، أن يتوصل الإصلاحيون إلى اتفاق نهائي مع ظريف.
وفضلاً عن خسارة رأس المال الاجتماعي، يخشى إصلاحيون إقصاء مرشحيهم على يد «مجلس صيانة الدستور»، على غرار ما جرى لمرشحيهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وتنوه الصحيفة بأن الخيار «الأنسب (للإصلاحيين) هو دعم شخص لديه نسبة كبيرة من الأصوات واحتمال الموافقة على أهليته أكثر من الإصلاحيين الآخرين الذين لم تتم الموافقة على أهليتهم في الانتخابات التشريعية».
والأمر الآخر الذي يفكر فيه الإصلاحيون إن ترشح ظريف، أنهم سيكونون في غنى عن التحالف مع قوة محافظة، لكي يتجنبوا تهمة «المرشح المستأجر»، مما يؤدي إلى تضرر مكانتهم لدى الرأي العام، وفقاً للصحيفة.
وكان ظريف قد أبدى رغبته، خلال مقابلات صحافية عدة، في التدريس الجامعي عقب انتهاء مهامه الحالية في أغسطس (آب) 2021.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.