تجدد المعارك بين «الشرعية» و«الانتقالي» عقب انهيار «هدنة العيد»

تجدد المعارك بين «الشرعية» و«الانتقالي» عقب انهيار «هدنة العيد»
TT

تجدد المعارك بين «الشرعية» و«الانتقالي» عقب انهيار «هدنة العيد»

تجدد المعارك بين «الشرعية» و«الانتقالي» عقب انهيار «هدنة العيد»

لم تكد تتوقف المعارك بين القوات الموالية للحكومة اليمنية الشرعية والقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة أبين (شرق عدن) حتى استؤنفت أمس (الاثنين)، بقصف مدفعي متبادل أدى إلى قطع الطرق الرئيسية المارة من أبين في اتجاهي حضرموت وعدن.
وكانت وساطة محلية لزعماء القبائل في أبين توصلت إلى إبرام هدنة بين قوات الطرفين لمدة ثلاثة أيام؛ ابتداء من أول أيام عيد الفطر (الأحد)، قابلة للتمديد، إلا أنها سرعان ما انهارت أمس، بحسب ما أفادت به مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط». وتزامن تجدد المواجهات التي تدور في محورين شرق مدينة زنجبار (كبرى مدن أبين) مع تشييع القوات الحكومية في محافظة شبوة المجاورة لقائد اللواء 153 مشاة محمد صالح العقيلي، بعد يومين من مقتله مع عدد من رفاقه أثناء مشاركته في المعارك ضد «الانتقالي الجنوبي».
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن المعارك اندلعت بين قوات الطرفين فجراً وسط اشتداد القصف المدفعي المتبادل ومحاولة القوات الحكومية كسر التحصينات التي أقامتها قوات «الانتقالي» في منطقتي «الشيخ سالم» و«الطرية» للدفاع عن مدينتي زنجبار وجعار أكبر مدينتين في محافظة أبين. وأدى استئناف المعارك - بحسب مصادر محلية - إلى توقف حركة المرور في الاتجاهين من عدن وزنجبار وجعار باتجاه حضرموت شرقاً، وكذلك من حضرموت وشقرة باتجاه عدن وأبين غرباً، وذلك بعد أن كانت الوساطة القبلية توصلت إلى إبرام اتفاق يسمح بمرور المسافرين.
وكانت مصادر قبلية في محافظة أبين أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن شيوخ قبائل المراقشة في المحافظة التقوا مع القادة الميدانيين للطرفين وعرضوا هدنة قصيرة لمدة ثلاثة أيام بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي يتم خلالها وقف القتال بشكل كامل في منطقة الشيخ سالم وطرية ونواحيها، وأن الطرفين وبعد تواصلهما مع قيادتهما وافقا على المقترح، ودخلت الهدنة حيز التنفيذ من ساعات الصباح الأولى ليوم الأحد. ونصت الهدنة المنهارة على تولي الوسطاء مراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار والتدخل فوراً لمعالجة أي انتهاك للاتفاق للحفاظ عليه ومنع انهياره وبما يساعد السكان والمزارعين في تلك المناطق على قضاء أيام عيد الفطر بعيداً عن القتال وليتمكنوا من الوصول إلى مزارعهم.
وبموجب الاتفاق، فإنه وإلى جانب وقف كامل للأعمال القتالية بين القوات الحكومية والمجلس الانتقالي سمح بحركة السيارات وتنقل السكان بالاتجاهين نحو مدينة زنجبار عاصمة المحافظة التي تسيطر عليها قوات المجلس الانتقالي، ومدينة شقرة التي تقع تحت سيطرة القوات الحكومية، كما سمح للمزارعين والنحالين تحديداً بالوصول إلى مناحلهم ومزارعهم في مناطق المواجهات.
كما سمح الاتفاق للبدو بالوصول إلى مناطقهم، على أن البند الثالث من الاتفاق ينص على السماح لمؤسسة الكهرباء بالدخول إلى مناطق المواجهات وإعادة إصلاح خطوط نقل الطاقة من عاصمة المحافظة إلى مدينة شقرة التي قطعت خلال المواجهات بين الطرفين والتي بدأت.
وفي حين يدعو كثير من السياسيين اليمنيين إلى وقف المعارك والعودة إلى تنفيذ «اتفاق الرياض» الموقع بين الطرفين في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كان زعيم «الانتقالي الجنوبي» عيدروس الزبيدي وصل الأسبوع الماضي إلى السعودية بناء على دعوة من المملكة في سياق الجهود الرامية إلى إنهاء القتال.
وتدخل المواجهات بين الطرفين بعد تجددها أمس، أسبوعها الثالث بعد أن كانت القوات الحكومية شنت الهجوم في مسعى لاستعادة زنجبار وجعار وصولاً إلى انتزاع العاصمة المؤقتة عدن الخاضعة لسيطرة «الانتقالي» منذ أغسطس (آب) الماضي. وتحولت المعارك بين قوات الحكومة الشرعية والقوات الموالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى دوامة ملتهبة لاستنزاف قوات الطرفين دون وجود أي تقدم لحسم المعركة.
ويتكتم الطرفان على حجم الخسائر في صفوفهما، إلا أن مصادر طبية وأخرى محلية قدرت سقوط 60 قتيلاً وعشرات الجرحى من الطرفين خلال معارك الكر والفر والقصف المدفعي المتبادل.
ويقول الموالون لقوات «الانتقالي» التي استقدمت تعزيزات من عدن ولحج إنهم يحرزون تقدماً في مواجهة القوات الحكومية ويطمحون في السيطرة على منطقة «قرن الكلاسي»، وصولاً إلى مدينة شقرة الساحلية التي تعد قاعدة رئيسية للقوات الحكومية التي كانت أيضاً استقبلت تعزيزات من شبوة ومناطق أخرى خاضعة للشرعية.
وكان مجلس الأمن الدولي وتحالف دعم الشرعية والأمم المتحدة وجهوا دعوات للتهدئة من أجل توفير الموارد والجهود لمكافحة تفشي فيروس «كورونا» الذي انتشر في أغلب المحافظات اليمنية، والرجوع إلى «اتفاق الرياض» الموقع بين الطرفين في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي برعاية سعودية.
وتسببت المعارك والصراع السياسي على الإدارة في مفاقمة الأوضاع الإنسانية المتدهورة في مدينة عدن والمناطق المجاورة الأخرى، خصوصاً في ظل تفشي وباء كورونا المستجد والأمراض الوبائية الأخرى جراء السيول.
وفي الوقت الذي تقول فيه الحكومة الشرعية إنها «متمسكة بتنفيذ اتفاق الرياض كمنظومة متكاملة»، كانت دعت في أحدث بياناتها المجلس الانتقالي إلى «التراجع فوراً عن الخطوات الأحادية وما سماه إعلان الإدارة الذاتية والذهاب إلى التصعيد العسكري».
وأكدت الحكومة اليمنية أن «الانتقالي» يتحمل مسؤوليته ما لم يعد إلى جادة الصواب ويتراجع عن إعلانه الانقلابي الذي يقوض اتفاق الرياض ويهدد مؤسسات الدولة ويفاقم معاناة المواطنين، بحسب ما أوردته عنها المصادر الرسمية.
وعقب اندلاع المواجهات في أبين، كان رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» عيدروس الزبيدي ظهر في خطاب تلفزيوني قال فيه إن «ميليشيا حزب الإصلاح وقوى الإرهاب المسيطرة على الشرعية تتحمل مسؤولية فشل اتفاق الرياض، بعد حشد قواتها إلى شقرة لتفجير الوضع في محافظة أبين»، على حد تعبيره.
ودعا الزبيدي قواته للتصدي لما وصفه بـ«العدوان الغاشم»، معتبراً أنها تخوض «حرباً مصيرية (...) من أجل أن ينعم الجنوب بالحرية وينال استقلاله الذي ناضل من أجله طويلاً»، بحسب تعبيره.
ويعول أغلب اليمنيين في عدن وبقية المحافظات المجاورة على أن تتمكن الجهود السعودية من احتواء الأزمة المسلحة بما يفضي للعودة إلى تنفيذ بنود «اتفاق الرياض» الذي كان نص على خطوات سياسية وأخرى عسكرية، وصولاً إلى تشكيل حكومة شراكة مهمتها تعزيز التنمية في المناطق المحررة وتوحيد القدرات لمواجهات الانقلاب الحوثي.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كيف أصبحت الموزة المثبتة على الحائط بشريط لاصق بمليون دولار؟

الموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان (أ.ب)
الموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان (أ.ب)
TT

كيف أصبحت الموزة المثبتة على الحائط بشريط لاصق بمليون دولار؟

الموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان (أ.ب)
الموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان (أ.ب)

يمكنك شراء موزة بأقل من دولار واحد في أي سوبر ماركت، ولكن ماذا عن الموزة المثبتة بشريط لاصق على الحائط في معرض فني؟ قد تباع هذه الموزة بأكثر من مليون دولار في مزاد مقبل في دار «سوثبي» (إحدى أشهر صالات المزادات) في نيويورك.

وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، فالموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان.

وظهرت الموزة لأول مرة في عام 2019 بوصفها إصداراً من ثلاث فواكه في معرض «آرت بازل ميامي بيتش»، حيث أصبحت موضوعاً مثيراً للجدل.

هل كانت مزحة؟ فقد أخذ فنان آخر الموزة من الحائط وأكلها! وتم إحضار موزة احتياطية.

تكاثرت الحشود الباحثة عن صورة مع العمل، والآن، تقدر قيمته بين مليون دولار و1.5 مليون دولار في مزاد «سوثبي» في 20 نوفمبر (تشرين الثاني).

لن يشتري المزايدون الفاكهة نفسها التي كانت معروضة في ميامي، حيث تقول دار «سوثبي» إن الموزة كانت دائمة الاستبدال وكذلك الشريط اللاصق.

من جانبه، وصف رئيس شعبة الفن المعاصر في دار «سوثبي»، ديفيد جالبرين، العمل بأنه عميق ومثير. وقال جالبرين: «ما يفعله كاتيلان حقاً هو خلق مرآة إلى عالم الفن المعاصر، وإثارة التفكير حول قيمة الأعمال الفنية، وما نحدده نحن بوصفه عملاً فنياً».

ويقول جالبرين إن كاتيلان نفسه، على الأرجح، لم يكن يقصد أن يؤخذ عمله على محمل الجد. لكن كلوي كوبر جونز، الأستاذة المساعدة في كلية الفنون بجامعة كولومبيا، قالت إنه يجدر التفكير في السياق.

وقد عرض كاتيلان العمل لأول مرة في معرض فني زاره جامعو الفن الأثرياء، حيث كان من المؤكد أن «الكوميدي» سيحظى بقدر كبير من الاهتمام على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت إن هذا قد يعني أن الفن يشكل تحدياً من نوع ما لجامعي الفن للاستثمار في شيء سخيف.

وقالت كوبر جونز أيضاً إنه إذا كان «الكوميدي» مجرد أداة لفهم عالم جامع الفن الرأسمالي المنعزل، «فإنها ليست فكرة مثيرة للاهتمام»، لكنها تعتقد أنه قد يتجاوز السخرية من الأثرياء.

غالباً ما يُنظر إلى كاتيلان على أنه «فنان مخادع»، كما قالت، «لكن عمله غالباً ما يكون عند تقاطع نوع من الفكاهة والغرابة العميقة. إنه غالباً ما يبحث عن طرق لاستفزازنا، ليس فقط من أجل الاستفزاز، ولكن ليطلب منا أن ننظر في بعض الأجزاء الأكثر قتامة من التاريخ، ومن أنفسنا».

تكاثرت الحشود الباحثة عن صورة مع الموزة (أ.ب)

الجانب المظلم للموز

هناك جانب مظلم للموز، فهي فاكهة لها تاريخ متشابك مع الإمبريالية واستغلال العمالة وقوة الشركات.

«من الصعب أن نتوصل إلى رمز أفضل وأبسط للتجارة العالمية من الموز»، كما قالت كوبر جونز.

سيتم طرح عمل «الكوميدي» في الوقت نفسه الذي تعرض فيه دار «سوثبي» للمزادات إحدى اللوحات الشهيرة في سلسلة «زنابق الماء» للفنان الفرنسي كلود مونيه، والتي من المتوقع أن تبلغ قيمتها نحو 60 مليون دولار.

وعندما طُلب منه مقارنة موزة كاتيلان بلوحة كلاسيكية مثل «الحوريات» لمونيه، قال جالبرين إن الانطباعية لم تكن تعدّ فناً عندما بدأت الحركة، مضيفاً: «لم يسبق لأي عمل فني مهم أو عميق أو ذي مغزى خلال المائة أو المائتي عام الماضية، أو حتى تاريخنا في هذا الشأن، أن أثار نوعاً من الانزعاج عندما تم الكشف عنه لأول مرة».