مظاهرات في شرق الجزائر تضامناً مع معتقلي «الحراك»

TT

مظاهرات في شرق الجزائر تضامناً مع معتقلي «الحراك»

عاشت مدن في منطقة القبائل بشرق الجزائر، مظاهرات يومي عيد الفطر، على سبيل التضامن مع معتقلي الحراك الشعبي، واحتجاجاً على استدعاء عديد من شباب المنطقة إلى مراكز الشرطة والدرك، لاستجوابهم بخصوص نشاطهم المؤيد للحراك في الميدان، وكتاباتهم المعارضة للسلطات بشبكة التواصل الاجتماعي.
وبدأت الاحتجاجات ليل السبت واستؤنفت ليل الأحد، وتم تنظيمها في بني ورتيلان بولاية سطيف، ومناطق عدة بولايتي تيزي وزو وبومرداس. وتشهد هذه الولايات - على غرار كل مناطق البلاد - حظراً للتجوال، في إطار تدابير مكافحة وباء «كورونا»؛ لكن قوات الأمن لم تتدخل لمنع نشطاء الحراك من تنظيم مظاهرتهم التي نشروا فيديوهات عنها على نطاق واسع. وردد المتظاهرون الشعارات المعهودة المناهضة للحكومة، على غرار «العصابة ما زالت تتحكم في السلطة». ووعد المحتجون بـ«عودة الحراك بأكثر قوة، بعد نهاية الوباء، لتحقيق مشروع التغيير الذي قام من أجله».
وقال جعفر سيدي موسى، وهو ناشط بجمعية ثقافية بمدينة بجاية التي تنتمي لمنطقة القبائل، لـ«الشرق الأوسط»، إن الناشطين المنخرطين بالحراك في المدينة، اتفقوا على تنظيم مظاهرة يومياً بوسط بجاية «كشكل من الضغط على السلطات، لوقف الاستدعاءات الأمنية والمتابعات القضائية، وإطلاق سراح المعتقلين»، مشيراً إلى أن بجاية «كانت أول منطقة تنتفض ضد الرئيس (السابق) عبد العزيز بوتفليقة، لما أعلن رغبته في الترشح لولاية خامسة، وذلك قبل أن ينفجر الشارع في 22 فبراير (شباط) من العام الماضي».
وبوسط العاصمة وأحياء الضاحية الجنوبية، ذات الكثافة السكانية العالية، احتج ناشطون بطريقة خاصة، تتمثل في قرع الأواني المنزلية داخل بيوتهم في وقت واحد.
وبث فنانون جزائريون مقيمون في الخارج، حفلات موسيقية على الإنترنت ليل السبت، أشهرهم المغنية آمال زان، والشيخ سيدي بيمول، عبَّروا من خلالها عن رفضهم سجن النشطاء والسياسيين، وطالبوا بالإفراج عنهم. ومن بين المساجين الذين ذكرتهم أغانيهم، المناضل كريم طابو، رئيس حزب قيد التأسيس، والصحافي خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود» في الجزائر.
ونشرت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين»، وهو تنظيم لا تعترف به السلطات ويرأسه ناشط يدعى قاسي تاسناوت، يوم 19 من الشهر الحالي، لائحة تضم 59 مناضلاً وناشطاً يوجدون بالسجن، بعضهم أدانهم القضاء بأحكام متفاوتة، و10 منهم مسجونون منذ مطلع مارس (آذار) 2019، ينتظرون المحاكمة، وهم متهمون حسب «اللجنة»، بتخريب ممتلكات ومرافق عمومية أثناء مظاهرات في بداية الحراك، عرفت مواجهات عنيفة مع قوات الأمن. وغالبية المتابعين يتهمهم القضاء بـ«المس بالوحدة الوطنية»، ويطلق على قطاع منهم «معتقلو الراية الأمازيغية». وكانت عائلات المعتقلين تترقب الإفراج عنهم؛ خصوصاً الذين لم تتم محاكمتهم، عشية العيد؛ لكن ذلك لم يحدث. وأكدت عائلة الصحافي درارني لصحافيين، أن والده سيراسل الرئيس عبد المجيد تبون بعد العيد، لمناشدته إطلاق سراحه. وكانت غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف في العاصمة، قد رفضت طلب محاميه وضعه في الإفراج المؤقت.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.