مرض الصرع، حسب منظمة الصحة العالمية، هو اضطراب مزمن يصيب الدماغ يعاني منه حوالي 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. ويتميز الصرع بنوبات متكررة، هي نوبات وجيزة من الحركة اللاإرادية التي قد تخص جزءاً من الجسم (جزئية) أو الجسم كله (عامة)، ويصاحبها أحياناً فقدان الوعي والتحكم في وظائف الأمعاء أو المثانة.
وتنجم هذه النوبات عن فرط الشحنات الكهربائية التي تطلقها مجموعة من خلايا الدماغ. ولا يعني حدوث نوبة واحدة أن الشخص مصاب بالصرع، إذ يصاب 10 في المائة من الناس حول العالم بنوبة واحدة خلال حياتهم.
وعادة ما يستطيع اختبار مخطط كهربائية الدماغ (EEG) أن يرصد بدقة التغيرات في نشاط الدماغ التي تظهر في صورة خطوط موجية وذلك باستخدام أقراص معدنية صغيرة (مسارات كهربائية) مثبتة على فروة الرأس، وهو ما قد تُفيد في تشخيص أمراض المخ، خاصة الصرع.
لكن نهجاً إحصائياً جديداً طوَّره البروفسور هيرناندو أومباو -أستاذ الإحصاء الحيوية بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)- وزميلاه، يوان وانغ - من جامعة ويسكونسن - ماديسون - ومو كيه. تشونغ - من جامعة كاليفورنيا في إيرفين - نجح في استخلاص معلومات أكثر تفصيلاً من طريقة حديثة لقياس إشارات الدماغ في نوبات الصرع، وهو ما يضيف رؤية جديدة بخصوص نشأة هذه الإشارات وانتشارها.
يُعدّ الفحص البصري لتسجيلات مخططات كهربائية الدماغ، لمرضى الصرع قبل وفي أثناء النوبة وسيلة فعّالة إلى حد كبير، لتحديدِ منطقة الدماغ التي يمكن أن تستفيد من العلاج الجراحي للمرض، لكنها ليست كافية للحالات الأكثر صعوبة.
وهنا يظهر الدورُ الذي قد يلعبه نهج البروفسور أومباو وزميلاه في فهم سمات مخطط كهربائية الدماغ بعمق، واكتشاف أنماط الشذوذ في مناطق الدماغ حتى قبل حدوث النوبة. ويمكن لهذا النهج أن يُوفّر أداة مفيدة إكلينيكياً لتحديد موضع النوبة، وفقاً لما يقول تشونغ ووانغ.
ينبثق هذا النهج من حقل الرياضيات الذي يُحلّل مجموعات البيانات الكبيرة والمعقدة من خلال دراسة تمثيلات أشكال البيانات وتفاعلاتها، حيث يوفِّر تحليل هذه الأشكال معلومات عن الأنماط الكامنة في البيانات. وقد استخدم الفريق النهج الجديد الذي ابتكره - وأطلق عليه اسم «إطار التحليل الطوبولوجي للبيانات» - للتعرف على ما يمكن تبيُّنه من تسجيل مخطط كهربائية الدماغ الذي أُجري قبل وفي أثناء نوبة الصرع.
ويتميز هذا النهج الإحصائي بأنه يُلغي «الضوضاء» من تسجيل مخطط كهربائية الدماغ، وهو ما يوفّر إشارات أوضح؛ ومن ثمَّ تُرسم مجموعة من الأشكال التي ترتبط مباشرة بالإشارات في التسجيلات. وتوفِّر الأشكال الهرمية النهائية (مشاهد الاستمرارية) - التي تمثّل الإشارات القادمة من كل قطب كهربائي يُوضع على فروة الرأس - صورة جيّدة عن مكان نشأة النوبة في الدماغ وكيفية انتشارها.
وباستخدام النهج الذي طوَّره الفريق، أظهر تحليل تسجيل مخطط كهربائية الدماغ الذي أُجري لمريض مصاب بالصرع، أن النوبة نشأت من منطقة داخل الأقطاب الكهربائية التي تقيس الإشارات من الفص الصدغي الأيسر من الدماغ أو حولها، ومن ثمَّ انتشرت إلى الفص الصدغي الأيمن.
وللتأكّد من دقّة النتائج، أظهرتْ دراسات محاكاة إضافية، أن الاختبار كان محكماً وحساساً، حتى عندما غمرت الضوضاء الإشارة.
يقول أومباو: «ينبغي لاختصاصيي مرض الصرع تعزيز أدوات تحليل البيانات لديهم بإضافة أساليب كهذا الذي يلتقط السمات الطوبولوجية، كجزء من تقييمهم لبؤر النوبات في حالات الصرع الأكثر صعوبة».
وعن آفاق أبحاثه المستقبلية، يخطّط الفريق بعد ذلك لاختبار إطار عمله على عينات كبيرة من تسجيلات مخططات كهربائية الدماغ، للتحقّق من صحة نتائجه إكلينيكياً. ويطوّر أومباو أيضاً وسائل إحصائية لدراسة تأثير الصدمات الدماغية –مثل الصرع أو السكتة الدماغية– في شبكة الاتصال بين مناطق الدماغ ومجموعات الخلايا العصبية.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الصرع هو اضطراب مزمن يصيب الدماغ ويتأثر به الأشخاص من جميع الأعمار. ويعتبر المرض العصبي الأوسع انتشاراً على الصعيد العالمي. ويعيش 80 في المائة من الأشخاص المصابين بالصرع في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ويستجيب الأشخاص المصابون بالصرع للعلاج في نحو 70 في المائة من الحالات. لكن لا يحصل نحو ثلاثة أرباع الأشخاص المصابين بالصرع الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على العلاج اللازم. وفي أنحاء كثيرة من العالم، يعاني الأشخاص المصابون بالصرع وأسرهم من الوصم والتمييز.
7:49 دقيقة
أداة دقيقة لتحديد مصدر نوبة الصرع
https://aawsat.com/home/article/2300406/%D8%A3%D8%AF%D8%A7%D8%A9-%D8%AF%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D8%B5%D8%AF%D8%B1-%D9%86%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%B9
أداة دقيقة لتحديد مصدر نوبة الصرع
أداة دقيقة لتحديد مصدر نوبة الصرع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة