أقنعة واختبارات وتدريبات من دون احتكاكات... أبرز عقبات الدوري الإنجليزي

بعد أن وافقت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز على عودة الفرق للتدريبات في مجموعات صغيرة، لا تزيد كل منها على خمسة لاعبين، أملاً في العودة للتدريبات الجماعية في الأسبوع المقبل، ومن ثم استئناف المباريات بعد ذلك، يبقى هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها وإيجاد حلول لها قبل أن تتمكن أندية الدوري الإنجليزي الممتاز من العودة إلى التدريبات الجماعية. وحتى لو عاد اللاعبون إلى الملاعب، فإن الأمور ستصبح أكثر تعقيداً. وصوتت الأندية بالإجماع على قرار استئناف التدريبات في اجتماع عُقِدَ الاثنين، مع التشديد على أن يتقيد اللاعبون بقواعد التباعد الاجتماعي مع منع الاحتكاكات في التمارين. وتابع القائمون على الدوري الإنجليزي الممتاز استئناف التدريبات في دوريات بلدان أخرى، مثل إسبانيا وإيطاليا.
ويسعى الدوري الإنجليزي الممتاز لاستئناف مبارياته بدءاً من الثالث عشر من يونيو (حزيران) المقبل. أما الخطوة الأولى في طريق السماح للعالم بمشاهدة الدوري الإنجليزي الممتاز مرة أخرى فتتمثل في عودة التدريبات، بحيث يكون كل لاعب بعيداً عن اللاعب الآخر في البداية لمسافة تصل إلى مترين.
ويخشى الأطباء من أن يستمر تأثير فيروس كورونا على الرئتين والقلب على المدى الطويل، ومن حقيقة أن أولئك الذين أصيبوا بالفيروس قد تتأثر رئتهم ولا تتمكن من العمل بكامل قوتها في وقت قريب. وقد اشتكى لاعبون في نادٍ أوروبي من عدم قدرتهم على ممارسة التدريبات لأكثر من خمس دقائق بعد تعافيهم من الإصابة بالفيروس، ما جعل الكثيرين يتساءلون عن تأثير عودة التدريبات في الوقت الحالي.
يقول الدكتور أنيل مالهوترا، طبيب قلب يعمل لدى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم: «يجب إجراء تقييمات فردية للمخاطر على الجميع. يحصل اللاعبون على رواتب من أجل الركض داخل الملعب، وهو الأمر الذي يجعل قلوبهم تعمل بأقصى سرعة ممكنة، سواء كان هؤلاء اللاعبون يلعبون في نادي الدرجة الثالثة سكونثورب يونايتد أو في مانشستر يونايتد. وفي نهاية المطاف نتحمل نحن الأطباء المسؤولية للتأكد من سلامة الجميع وقدرتهم على العودة للعب. يجب على طبيب النادي أن يجلس ويجري تقييماً سريرياً، وإذا أبلغ اللاعبون عن أي أعراض، فسنستمر في إجراء مزيد من الاختبارات».
وفي تركيا، تم تعقيم جميع لاعبي نادي بشيكتاش من رؤوسهم وحتى أخمص أقدامهم قبل السماح لهم بالدخول إلى مباني النادي، كما بات قياس درجات الحرارة هو المعيار الجديد، وبدأت بعض الأندية التدريبات في ظل ارتداء اللاعبين لقفازات مطاطية. وسوف يأخذ الدوري الإنجليزي الممتاز خطوة أبعد من ذلك، حيث سيشجع اللاعبين على ارتداء الأقنعة. ولن يتم السماح للاعبين بالذهاب إلى غرف خلع الملابس، وهو ما يعني أن اللاعبين سيقودون سياراتهم وهم يرتدون ملابس التدريب ويعودون إلى منازلهم، وهو النظام الذي بدأ تطبيقه بالفعل في الخارج. وأشار طبيب بأحد الأندية إلى أنه ستتم مراقبة بعض اللاعبين بعناية بسبب المخاوف من إمكانية عودتهم إلى العالم الخارجي بعد أن عاشوا في عزلة لمدة شهرين تقريباً.
وعلاوة على ذلك، سيكون من الصعب للغاية أن يبقى اللاعبون بمفردهم وبعيداً عن بعضهم داخل الملعب أثناء القيام بحصة تدريبية قوية استعداداً للمباريات. وسيتعين على المديرين الفنيين أن يلجأوا إلى حلول تتسم بالإبداع من أجل الاستمرار في جذب انتباه اللاعبين، بعد أن ظلوا لمدة شهرين كاملين يتواصلون معاً عبر البرامج الإلكترونية ويتدربون عبر برامج تدريب شخصية. وقال أحد اللاعبين لصحيفة «الغارديان» إن التدريب عبر الفيديو عبارة عن «مضيعة للوقت».
وفي السويد، أصبحت الأندية تتدرب لفترة طويلة، وتضمنت التدريبات حصصاً تدريبية من دون اتصال. وكان يتعين على اللاعب السابق لنادي بريستول سيتي، كيث ميلن، الذي يلعب الآن في نادي أورغريته الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية بالسويد، أن يبتكر شكلاً جديداً من التدريبات. يقول ميلن: «الموقف الحالي يجعلك تفكر فيما ستفعله أثناء التدريبات. هناك كثير من الأشياء التي يمكنك القيام بها دون معارضة، خصوصاً إذا كان ذلك في معسكرات الاستعداد للموسم الجديد، لذلك فالأمر ليس سيئاً على أي حال عندما تعمل على رفع اللياقة البدنية للاعب وتجهيزه للعب مباريات تنافسية. إنك تقوم بالعديد من التمرينات الرياضية التي لا تريد فيها أي اتصال جسدي بالآخرين، لذا فالأمر ليس سيئاً للغاية. إننا نقوم بكثير من التدريبات مع التماثيل التي تستخدم في عرض الملابس والتي نتعامل معها كأنها لاعبو الفرق المنافسة».
سيكون من الجيد للغاية استئناف النشاط الرياضي، لكن يتعين على أي لاعب أو إداري أن يدرك الفارق بين أن تكون لائقاً من الناحية البدنية وأن تكون جاهزاً للمشاركة في المباريات. لقد أشار عدد من اللاعبين إلى أن الأمر سيستغرق ثلاثة أسابيع من التدريبات العادية لكي يتمكن اللاعبون من العودة إلى المستوى التنافسي، كما أن الأمر يتطلب خوض عدد من المباريات الودية. ومن دون لعب مثل هذه المباريات الودية، فإن مستوى اللاعبين سيكون سيئاً في بداية المباريات الرسمية، خصوصاً عندما تقام المباريات دون جمهور. وعلاوة على ذلك، هناك مخاوف من أن الأندية ستضع أولوية للفوز في بعض المباريات وستتجاهل بعض المباريات الأخرى غير المهمة، نظراً لأنها ستخوض عدداً كبيراً من المباريات في فترة محدودة، وهو الأمر الذي سيثير عدداً من التساؤولات حول النزاهة وتكافؤ الفرص.
وسيخضع جميع اللاعبين لاختبارات الكشف عن الإصابة بفيروس كورونا، لكن يجب أن ندرك أن هذا ليس الحل المثالي. وبمجرد ظهور نتائج التحاليل، سيتمكن اللاعبون الذين كانت نتائج اختباراتهم سلبية من العودة إلى التدريبات الجماعية والتواصل مع غيرهم من اللاعبين. ومع ذلك، فإن ما يقرب من ثلث الاختبارات تظهر إيجابية بشكل خاطئ - حسبما ذكر عدد من الأطباء لصحيفة «الغارديان» - وهو الأمر الذي سيجعل العديد من اللاعبين يخضعون لعزلة غير ضرورية، بل وربما يجعل فرقاً كاملة معزولة في الحجر الصحي. وتتمثل إحدى الخطط المحتملة في تقليص وقت الحجر الصحي إلى ثلاثة أيام للاعبين الذين لم تظهر عليهم أي أعراض قبل إعادة اختبارهم. وإذا كان اللاعب يعاني من أعراض، فسيتعين عليه أن يخبر ناديه بذلك، بعد أن وقع على وثيقة يقول فيها إنه سيلتزم بالقواعد، مع التركيز على ضرورة قيام كل نادٍ بتنظيم الأمور الخاصة به بنفسه.
وقد أعرب اللاعبون عن قلقهم من أنهم يعرضون أنفسهم وأسرهم للخطر. وقد أصدر لاعبو نادي إيبار الإسباني بياناً لخص شعور الكثيرين في هذه اللعبة، حيث قال: «إننا نشعر بالقلق من أن ممارسة اللعبة التي نعشقها يمكن أن تؤدي إلى إصابتنا وإصابة عائلاتنا وأصدقائنا، بل والمساهمة في انتشار موجة جديدة من الوباء، وهو الأمر الذي ستكون له عواقب وخيمة على جميع السكان». إنه مجرد تذكير بأن اللاعبين هم بشر في المقام الأول وأن بعضهم سيكون لديهم أقارب أكثر عرضة للإصابة بالفيروس».
وسيتم تطبيق جميع الممارسات الصحيحة لتقليل مخاطر إصابة اللاعبين، لكن كما الحال مع كل ما يتعلق بفيروس كورونا، فإن «المخاطر تكمن في المجهول»، إن جاز التعبير. وقبل تحديد المواعيد النهائية للمباريات، يجب أن تتأكد جميع الأندية من أن بروتوكولات السلامة الخاصة بها تعمل بشكل جيد، وهو الأمر الذي سيتم التأكد منه إذا مر عدد من الأسابيع من التدريبات دون إصابة أي لاعب بفيروس كورونا. لقد تم وضع كل الأسس اللازمة لاستئناف مباريات كرة القدم، لكن الوقت فقط هو الذي سيخبرنا بمدى نجاح هذا الأمر.