الاقتصاد الألماني يتجنب الدخول في دائرة الركود بالربع الثالث من العام الحالي

حقق نموا نسبته 1.2 % على أساس سنوي

جانب من تداول الأسهم الألمانية (رويترز)
جانب من تداول الأسهم الألمانية (رويترز)
TT

الاقتصاد الألماني يتجنب الدخول في دائرة الركود بالربع الثالث من العام الحالي

جانب من تداول الأسهم الألمانية (رويترز)
جانب من تداول الأسهم الألمانية (رويترز)

أظهرت بيانات رسمية صادرة أمس تعافي الاقتصاد الألماني بالربع الثالث من العام الحالي بما يتوافق مع قراءة أولية ظهرت في منتصف الشهر الجاري. وقال مكتب الاتحاد الإحصائي الألماني إن الاقتصاد حقق نموا بنسبة بلغت 0.1 في المائة بما يتوافق مع القراءة الأولية في الفترة من يوليو (تموز) وحتى نهاية سبتمبر (أيلول). وعلى أساس سنوي حقق الاقتصاد الألماني نموا بالربع الثالث من العام الجاري بنسبة بلغت 1.2 في المائة.
وبلغ حجم الاقتصاد الألماني بنهاية الربع الثالث من العام 739.96 مليار يورو (919.5 مليار دولار) مقارنة مع 714.75 مليار يورو بنهاية الربع الثاني من العام الجاري و718.4 مليار يورو في الربع الثالث من العام الفائت.
وقالت محللة للاقتصاد الكلي لدى «ويلز فارغو» لـ«الشرق الأوسط» إن نجاح الاقتصاد الألماني في النجاة من براثن الركود جاء بفعل الاستهلاك الأسري الخاص الذي لعب الدور الأكبر في نمو الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الأكبر في منطقة اليورو.
وتظهر البيانات المنشورة على الموقع الإلكتروني لمكتب الإحصاءات الألماني نمو الاستهلاك الأسري الخاص بواقع 0.7 في المائة وهي أسرع وتيرة نمو له في نحو 3 أعوام.
وأسهم الاستهلاك الكلي بواقع نصف نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي بالربع الثالث من العام الجاري.
وبلغت نسبة نمو الصادرات بالربع الثالث من العام الجاري 4.8 في المائة فيما بلغت زيادة الواردات 3.6 في المائة لتبلغ نسبة مساهمة التجارة الأجنبية في الاقتصاد الألماني 0.7 في المائة.
وتساهم الصادرات من السلع والخدمات في تحقيق أكثر من ربع الدخل الألماني، كما يعتمد أكثر من 5 فرص العمل على الصادرات بشكل مباشر أو غير مباشر. ونمت الاستثمارات العامة 0.6 في المائة وفي المقابل خصم الاستثمار 0.7 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث.
وقالت لورا كينغ، اقتصادي أول لدى ويلز فارغو للأبحاث، إن «الصادرات القوية ونمو أفضل من المتوقع للاستهلاك نجحا في انتشال الاقتصاد الألماني من براثن الركود بالربع الثالث من العام الجاري بعد أن سجل الاقتصاد انكماشا في الربع الماضي».
وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بالربع الثاني من العام الجاري 0.1 في المائة على أساس فصلي فيما سجل نموا بلغت نسبته 0.8 في المائة في الربع الأول من العام.
ومن شأن تسجيل قراءتين سلبيتين متتاليتين أن يجعل الاقتصاد الألماني داخل دائرة الركود علما بأن الاقتصاد الأول في منطقة اليورو لم يشهد تراجعا سوى في ربعين فقط منذ مطلع العام الماضي.
وأضافت كينغ أنه «لوحظ أيضا وفقا للبيانات زيادة في إسهام الفرد بالناتج المحلي الإجمالي بالربع الثالث وهو مؤشر جيد على ارتفاع نسبة التشغيل وتراجع البطالة في اقتصاد هام لمنطقة اليورو بآسرها».
وتظهر البيانات الألمانية زيادة إسهام الفرد في الناتج المحلي بالربع الثالث بواقع 0.3 في المائة على أساس فصلي.
ووفقا للبيانات أيضا فقد بلغ عدد الأشخاص المساهمين في نمو الاقتصاد بالربع الثالث نحو 42.9 مليون شخص بزيادة قدرها 384 ألف شخص أو 0.9 في المائة مقارنة مع الربع المقابل من العام الماضي.
وكانت توقعات المفوضية الأوروبية تشير إلى دخول الاقتصاد الألماني في دائرة الركود بالربع الثالث من العام مع توقعات بقراءة صفرية لنمو الاقتصاد.
وفي شأن متصل، تعافت الثقة بقطاع الأعمال بألمانيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وكسرت الاتجاه الهابط الذي استمر على مدى 6 أشهر في مؤشر على أن أكبر اقتصاد في أوروبا ربما اكتسب قوة دفع جديدة بعدما تفادى السقوط في براثن الركود بالربع الثالث من العام.
وقال معهد إيفو للأبحاث مطلع الأسبوع الجاري إن مؤشره للثقة في قطاع الأعمال، يعتمد على مسح يشمل 7 آلاف شركة ارتفع إلى 104.7 نقطة من 103.2 في الشهر السابق.
وأضاف كلاوس فولراب الاقتصادي في المعهد في بيان صحافي أن تراجع اليورو لأقل مستوى في عامين مقابل الدولار وانخفاض أسعار النفط ساهما في تحسن الثقة بين الشركات في ألمانيا.
وتابع فولراب قائلا إنه «من السابق لأوانه أن نقول إننا نرى تغيرا في الاتجاه. إنه مؤشر إيجابي لكن ينبغي الانتظار حتى ديسمبر (كانون الأول) كي نرى إذا كان الاتجاه سيستمر».
وتشكل ألمانيا بعد الولايات المتحدة واليابان والصين رابع أكبر اقتصاد في العالم. وعلاوة على ذلك تعتبر أيضا أكبر وأهم سوق في دول الاتحاد الأوروبي بعدد سكانها البالغ 82.3 مليون نسمة.

* الوحدة الاقتصادية لـ«الشرق الأوسط»



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.