مواويل إنسانية عكست معالم الحياة الثقافية

وقعها صالح عبد الحي في مسيرة حياته

مواويل إنسانية عكست معالم الحياة الثقافية
TT

مواويل إنسانية عكست معالم الحياة الثقافية

مواويل إنسانية عكست معالم الحياة الثقافية

في مشهد لا يزال صداه يرن في واقعنا الراهن مع وباء «كورونا»، الذي ضرب العالم في مقتل، وفي غُمرة حربه ضد الطاعون، يتصارع مفتش الصحة الدكتور أشرف مع رموز الجدل والشعوذة في قريته مُمثلين في حلاق الصحة، والعمدة، والعطار، يلوح الفشل أمامه كل مرة، وهو في مواجهة مفتوحة مع الجهل، ولكن مفتش الصحة يقاوم حتى النهاية، ليُواجه الطاعون الذي ضرب البلد، هكذا تلوح أجواء فيلم «عاصفة على الريف» من إنتاج عام 1941 بطولة يوسف بك وهبي وأمينة رزق، وحوار بتوقيع الكاتب المسرحي بديع خيري، وفي خلفية الأحداث تسللت أغنية خفيفة شجيّة من ألحان الشيخ زكريا أحمد، وغناء صدّاح لصالح عبد الحي.
صوت الراحل صالح عبد الحي، الذي لم يُطل كثيراً عبر شريط السينما المصرية، هو أحد أبرز الأصوات التي تعد بمثابة مرآة للإرث الثقافي والفني العربي منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى النصف الأول من القرن العشرين، فلا يمكن قراءة سيرته دون التوقف عند محطات حاسمة في تاريخ مصر والعالم، حتى تكاد تستمع لشجن مواويله و«طقطوقاته» وأنت تُشاهد أثر «الكساد الكبير» الذي ضرب الولايات المتحدة الأميركية (1929 - 1933)، وهو الحدث الغربي الذي يُنهي رحلة صالح عبد الحي ورفاقه في عالم المسرح الغنائي الشرقي، في حدث لا يخلو من خسارة فنية وشخصية وإنسانية لا يتعاطف معها كساد عالمي شرس يفتك باقتصاد العالم وأحلام ناسه.
لعل هذا المشهد واحداً من مشاهد لافتة نسجها الكاتب والباحث المصري محب جميل، ضمن فصول كتابه «صالح عبد الحي - فارس الطرب»، وهو الكتاب الصادر عن جمعية «عِرَبْ» للموسيقى في بيروت بالتعاون مع الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)، وقام بتقديمه الناقد الموسيقي اللبناني أسعد مخّول.
يرسم الكاتب مشهداً بانورامياً لمعالم الحياة الثقافية التي سبقت مولد صالح عبد الحي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، لعل أبرزها افتتاح الخديو إسماعيل دار الأوبرا المصرية عام 1869 بعرض لأوبرا «ريجوليتو» للموسيقار الإيطالي فيردي، ثم تلا ذلك عرض أول لأوبرا «عايدة»، وبالتدريج بدأت السمات العثمانية عقب الاحتلال البريطاني (1802 - 1922) لمصر تتقلص في الحياة العامة، وارتقاء حركة الطباعة، وحركة الغناء داخل القاهرة التي تجاوزت شهرتها القطر المصري وصولاً لبيروت وبغداد وحلب ودمشق، وبعد سنوات من استقرار تلك الأوضاع، جاء صالح عبد الحي إلى الدنيا عام 1896، الذي سيصير بصوته الجهوري اللامع أحد أبرز وجوه الطرب الشرقي الذين طافت شهرتهم أرجاء مصر والشام خلال النصف الأول من القرن العشرين.
يمُر الكتاب، الذي يقع في 110 صفحات، على ملامح طفولة صالح عبد الحي التي عاشها دون أب، في كنف أمه وخاله المطرب الشهير آنذاك عبد الحي حلمي، يشب الطفل على التعلق بليالي الجمعة، حيث تكثر الأفراح والليالي، وينتشر المطربون في مقاهي القاهرة «كان يتسلل من البيت مساء كل جمعة ويعود إليه مطلع الفجر». تمر الأيام ويتوفى خاله الذي لم يترك وراءه مليماً واحداً، فيجد الطفل صالح نفسه مسؤولاً عن مصروف البيت، ليدخل عالم الطرب والغناء، لتتحول حياته رأساً على عقب، لينضم لجماعة «الصهبجية»، ويقرر اعتناق لقب خاله بدلاً من والده، فأصبح من صالح عبد الجواد إلى صالح عبد الحي.
يتطرق الكتاب إلى مذكرات صالح عبد الحي التي تركها في أكثر من محل بالكتاب، منها ما كتب عن الغناء في أفراح باشوات وبكوات مصر في هذه الفترة: «كانت الأفراح تُضاء بالشموع، في كل نجفة توضع مائة شمعة تجعل الليل نهاراً. وأول فرح أضيء بالكهرباء غنيت فيه أنا»، وفي موضع أخر يتذكر عبد الحي الفرح الذي أحياه وحضره سعد باشا زغلول وحسين باشا رئيس الحكومة في ذلك الوقت، وهي شذرات يصفها الكاتب بأنها صورة بانورامية تعد واحدة من الوثائق التاريخية النادرة عن شكل الحياة المجتمعية في مصر آنذاك.
ثم يتوقف الكاتب عند محطة المسرح الغنائي الذي دخله صالح عبد الحي من باب الصوت، لا التمثيل، ليسير في ذلك على خُطى كل من سلامة حجازي وسيد درويش وغيرهما، حتى فتحت له سلطانة الطرب منيرة المهدية، باباً واسعاً بتقديمها له دوراً لأداء رواية «كليوباترا ومارك وأنطون» على المسرح، مروراً بقراره تأسيس فرقة مسرحية غنائية خاصة به حتى كانت الأزمة الاقتصادية التي أثرت على مناحي الحياة المختلفة، بما فيها المسرح، ومن رحم أزمة المسرح كان موعده مع وصلات الإذاعة والتسجيلات.
شهدت التسجيلات على القدرات الصوتية الهائلة لصالح عبد الحي، من حيث التطريب، وإضافة الزخارف الصوتية، والسلاسة في المرور بين المقامات، فقد قام بتسجيل الموال والدور والموشح والقصيد إلى جانب عدد من الطقاطيق. يستعيد مؤلف الكتاب كلمة المؤرخ كمال النجمي في وصفه «ويهز صالح رأسه، ويميل بطربوشه بيده يمنة ويسرة، وزره الحريري الأسود يهتز بعنف كأنه هو أيضاً مأخوذ بما يسمع، وبعد أن يُطلق صالح في (يا ليل ويا عين) طلقات متواليات كطلقات الرصاص أو كزخات المطر ينتشي عائداً إلى الدور في صوت يتصنّع الهدوء عقب تلك العاصفة من الليالي والعيون».
ولعل تلك المشهدية التي يصف بها النجمي أداء صالح عبد الحي في تماهيه الكامل مع الموال صوتياً وجسدياً، هو أحد مفاتيح تأمل حالة وشخصية صالح عبد الحي، التي احتفظ بها حتى بعد التحاقه بالإذاعة المصرية، يقول الكاتب «كان عموداً راسخاً، وصوته كان من بين أوائل الأصوات التي انطلقت على الهواء مباشرة في يومها الأول، إلى جانب صوت الشيخ محمد رفعت وأم كلثوم وموسيقى سامي الشوا ومحمد عبد الوهاب». وعبر هذا الأثير، كان عبد الحي يؤدي القوالب التقليدية في الغناء الشرقي، وكان متمسكاً بهذا اللون لدرجة التصادم، رافضاً التوجه لأنماط غنائية حديثة أكثر رواجاً، «كان صالح ينظر إلى الموسيقى الشرقية على أنها فصيحة أصيلة لديها مخزون ثقافي وإنتاجي هائل لا يمكن إهماله أو تجاوزه بأي شكل من الأشكال. فقد كان على خلاف مع حركة التجديد المتواصلة التي انتهجها محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بينما كان شديد التأثر والحفاوة بكل من منيرة المهدية وأم كلثوم على سبيل المثال. وكان يحب صوت الشيخ محمد رفعت في الراديو أثناء ترتيل آيات القرآن الكريم. وكانت أحب الألحان إلى قلبه من محمد القصبجي وزكريا أحمد ورياض السنباطي وكذلك محمود الشريف».
يرصد الكاتب ملامح الانزواء والعزلة التي أحاطت بمغني «ليه يا بنفسج» و«بحر الصبابة» في نهايات حياته، ما بين مرض، وحياة اجتماعية فارغة من زوجة وأبناء، وجفاء الأصدقاء، وأحلام أخيرة بالغناء ولو بالمجان في سرادقات للناس لإسماعهم الطرب الشرقي الأصيل، مع زحف التيارات الجديدة التي لم ترق له، وفي خضم هذه المعاناة، يأتي الرحيل، عام 1962، ومعه يستدعي المؤلف أصواتاً ثمّنت صوت صالح عبد الحي وتجربته، منها صوت الأديب الراحل عباس محمود العقاد في قوله عنه «كان صوته كالماء العذب النقي، يأخذ من كل إناء لونه كما يأخذ من كل إناء شكله».



تركي آل الشيخ: مبادرة الزواج الجماعي ستكون حافزاً لمراحل مقبلة في مناطق السعودية

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
TT

تركي آل الشيخ: مبادرة الزواج الجماعي ستكون حافزاً لمراحل مقبلة في مناطق السعودية

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)

أكد المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، أن «مبادرة الزواج الجماعي» التي تم الإعلان عنها تمثل حافزاً لمراحل إضافية خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تعكس أن «موسم الرياض» ليس مجرد واجهة سياحية وترفيهية فحسب، بل يمثل مسؤولية اجتماعية ذات أهمية كبيرة.

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)

ودعا آل الشيخ جميع الجهات والأفراد للمساهمة في هذه المبادرة التي تمثل مسؤولية اجتماعية مهمة، يستفيد منها أبناء وبنات الوطن، وتنعكس بشكل إيجابي على حياتهم ومستقبلهم.

جاء ذلك على هامش رعايته، مساء الثلاثاء، حفل توقيع عدد من الاتفاقيات مع عدد من الجهات المشاركة في «الزواج الجماعي»، الذي سيقام على أكبر مسرحين من مسارح منطقة بوليفارد سيتي، في يناير (كانون الثاني) المقبل، حيث سيكون مسرح أبو بكر سالم قاعة لزواج الرجال، فيما سيكون مسرح محمد عبده أرينا قاعة لزواج النساء.

وأوضح رئيس الهيئة العامة للترفيه، في كلمة ألقاها عقب توقيع الاتفاقيات، أن هذه الليلة تُعد محطة مهمة في تاريخ «موسم الرياض»، حيث تعكس عادات وتقاليد ديننا الحنيف، وقيم الشعب السعودي في مجال المسؤولية الاجتماعية.

وأشار إلى أن الفكرة التي بدأت صغيرة قبل نحو شهرين، ستنطلق رسمياً في يناير المقبل بمشاركة 600 شاب وشابة سعوديين، ليبدأوا حياتهم في خدمة الوطن واستكمال نصف دينهم.

جانب من توقيع رئيس هيئة الترفيه مع وزير الإسكان (واس)

ووقّع المستشار تركي آل الشيخ، ووزير البلديات والإسكان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة «سكن»، ماجد بن عبد الله الحقيل، اتفاقية تنص على تلقي التبرعات من كبار المانحين والشركاء والأفراد والداعمين لتمكين المستفيدين من «مبادرة الزواج الجماعي»، ضمن «موسم الرياض»، والاستفادة من منصة «جود الإسكان» لتوفير الوحدات السكنية للمتزوجين، وذلك وفق الاشتراطات المطلوبة لدى برنامج «سكني».

وفي هذه الجزئية، أوضح المستشار أن المستفيدين من المبادرة «سيبدأون حياتهم بسكن ومهر جاهز، إلى جانب حفل زفاف كبير، وخدمات إنترنت مجانية لمدة عام»، وغيرها من الخدمات.

ولفت رئيس الهيئة العامة للترفيه إلى أن المبادرة ستبدأ بهذا العدد على أن تكون حافزاً لمراحل ثانية وثالثة تطبق في مختلف مناطق السعودية، وتابع: «أدعو الجميع أن نبادر لبدء خطوة أخرى بعد شهر رمضان المبارك، وأن تكون عادة غير منقطعة، موسم الرياض ليس فقط واجهة سياحية وترفيهية وثقافية ورياضة، ولكن مسؤولية اجتماعية مهمة».

المستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه (هيئة الترفيه)

كما وقّع الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه، المهندس فيصل بافرط، مع مجموعة الاتصالات السعودية (STC) التي مثلها الرئيس التنفيذي للمجموعة، المهندس عليان بن محمد الوتيد، حيث سيتم توفير خدمة الإنترنت المجاني لمستفيدي حفل الزواج لمدة عام.

فيما تم توقيع اتفاقية مع البنك السعودي الفرنسي (BSF) ممثلاً بالرئيس التنفيذي للبنك بدر السلوم، يقدم بموجبها دعماً مادياً بقيمة مليون ريال.

المستشار تركي آل الشيخ أكد أن مبادرة الزواج الجماعي ستكون حافزاً لمراحل مقبلة في مناطق السعودية (واس)

وتم توقيع اتفاقية مع شركة «عجلان وإخوانه»، ممثلة بعجلان بن محمد العجلان، الرئيس التنفيذي للمجموعة، توفر بموجبها هدايا تزيد قيمتها على مليوني ريال.

كما جرى توقيع اتفاقية مع مجموعة شركات «أبو الحسن للتجارة والاستثمار»، ممثلة بمدير تطوير الأعمال في المجموعة، فهد المانع.

المستشار تركي آل الشيخ وماجد الحقيل عقب توقيع الاتفاقية (واس)

كما تم خلال مراسم حفل التوقيع حضور عدد كبير من الشركات التي أسهمت في تقديم الخدمات للأزواج في هذه المناسبة الخيرية الكبرى، حيث قدّمت شركات الضيافة العشاء، وديكورات الحفل، وفستان وبشوت الأزواج، إضافة إلى العطور والبخور، وخدمات الحلاقة والتزيين للأزواج، وتحليل ما قبل الزواج، والشاي والقهوة، ودورات الإرشاد والتنمية الأسرية.