مظاهرات فرغسون تنتقل إلى ولايات عدّة تنديدا بقرار القضاء

الشرطة تتعرض لرصاص كثيف وإضرام النار في مبان عدة

مظاهرات فرغسون تنتقل إلى ولايات عدّة تنديدا بقرار القضاء
TT

مظاهرات فرغسون تنتقل إلى ولايات عدّة تنديدا بقرار القضاء

مظاهرات فرغسون تنتقل إلى ولايات عدّة تنديدا بقرار القضاء

تعرضت شرطة فيرغسون في ولاية ميسوري لرصاص كثيف وأُضرِمت النيران في مبان عدة، في أعمال عنف تلت الإعلان مساء أمس (الاثنين)، عن قرار إسقاط الملاحقات بحق شرطي أبيض قتل شابا أسود أعزل الصيف الماضي، وفق ما أعلن قائد شرطة تلك المنطقة في شمال الولايات المتحدة.
وواجهت الشرطة انفجار أعمال العنف منذ إعلان القرار القضائي، وتعرض الشرطيون لحوادث إطلاق نار كثيرة ورشق بالحجارة وغيرها من المقذوفات وفي الساعة 02.30 (07.30 تغ)، وكانت النيران مشتعلة في 12 بناية وفق ما أعلن جون بلمار قائد شرطة مقاطعة سانت لويس، في مؤتمر صحافي.
وقال بلمار، إنه أحصى 150 طلقة نارية؛ لكن الشرطة لم ترد ولم يسقط أي قتيل.
وتنديدا بالقرار، نزل آلاف الأميركيين إلى الشوارع في جميع أنحاء الولايات المتحدة من سياتل إلى نيويورك مرورا بشيكاغو ولوس أنجليس مساء أمس.
وبعد إعلان قرار هيئة المحلفين، توجه مئات المتظاهرين إلى ساحة تايمز سكوير في نيويورك حاملين لافتات سوداء كتب عليها «العنصرية تقتل» و«لن نبقى صامتين» وتندد بـ«عنصرية الشرطة».
وردد المحتجون الذين تزايدت أعدادهم مع الساعات «لا عدالة لا سلام»، فيما شبه البعض الشرطة بمنظمة «كو كلاكس كلان» ووجهوا إليها شتائم، على ما أفادت به صحافية في وكالة الصحافة الفرنسية.
وكانت مروحية تابعة للشرطة تحلق فوق أشهر ساحة في العالم، وقد حضر قائد شرطة نيويورك بيل براتون إلى تايمز سكوير، حيث ألقى أحد المحتجين على وجهه طلاء أحمر.
وتجمع المتظاهرون أيضا في ساحة يونيون سكوير إلى جنوب مانهاتن، فيما قررت مجموعة ثالثة من المحتجين التوجه إلى هارلم سيرا على الأقدام، فتقدمت في الجادة السابعة خلف لافتة تطالب بـ«العدالة من أجل مايكل براون» الشاب البالغ من العمر 18 سنة، الذي قتل بالرصاص في فيرغسون في أغسطس (آب).
وفي واشنطن، تجمع بضع مئات المحتجين أمام البيت الأبيض هاتفين «ارفعوا أيديكم.. لا تطلقوا النار»، الشعار الذي اعتمده المتظاهرون منذ وقوع المأساة في مدينة فيرغسون الصغيرة في ميسوري (وسط).
ورفعوا لافتات كتب عليها «أوقفوا ترهيب الشرطة العنصري» و«حياة السود لها أهمية»، على ما أفاد مراسل «الصحافة الفرنسية» في البيت الأبيض الذي رأى الموكب يتوجه نحو مبنى الكابيتول.
كذلك، نظمت مظاهرات في بوسطن وفيلادلفيا ودنفر وسياتل وكذلك في شيكاغو وسولت ليك سيتي، ولم يذكر وقوع أي حادث يذكر.
وفي أوكلاند (كاليفورنيا غرب الولايات المتحدة)، قطع نحو 2000 شخص، بحسب شبكة «سي بي إس» طريقا سريعا، مما أدى إلى «الكثير» من الاعتقالات، حسب صحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكلز».
وفي لوس أنجليس، حاول متظاهرون عبثا سلوك الطرقات العامة؛ لكن الشرطة منعتهم من ذلك وتظاهر نحو 200 شخص في الأحياء الجنوبية حيث غالبية السكان من السود.
وذكرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن بعض المتظاهرين المتجمعين أمام مركز للشرطة هتفوا «الموت للشرطيين القتلة».
كما أعلن قرار هيئة المحلفين عدم ملاحقة الشرطي دارن ويلسون خلال مؤتمر صحافي مساء.
من جهته، وجه الرئيس باراك أوباما من البيت الأبيض نداء إلى الهدوء وقال «إننا أمة تقوم على احترام القانون»، داعيا جميع الذين يعارضون قرار القضاء إلى التعبير عن معارضتهم «بطريقة سلمية»، مشددا على أن عائلة مايكل براون نفسها دعت إلى تفادي العنف.
وبما أن أعمال الشغب استمرت ليلا، طلب حاكم ميسوري جاي نيكسون تعزيزات إضافية من الحرس الوطني لمساعدة الشرطة.
وسرعان ما أثار قرار هيئة المحلفين مساء أمس، عدم ملاحقة الشرطي دارن ويلسون الذي قتل في أغسطس الشاب مايكل براون (18 سنة) بالرصاص، أعمال عنف.
ودعا الرئيس باراك أوباما من البيت الأبيض إلى الهدوء وقال «نحن أمة تقوم على احترام القانون»، طالبا من كل الذين يطعنون في القرار أن يفعلوا ذلك «بطريقة سلمية»، مشددا على أن عائلة مايكل براون نفسها دعت إلى تفادي كل أعمال عنف.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.