الصين تعلن هزيمة «كوفيد ـ 19»... وتقر بتداعياته الاقتصادية الوخيمة

تعتزم ضخ مبالغ ضخمة لدعم النمو ومواجهة البطالة

نواب صينيون لدى تأبينهم ضحايا «كوفيد - 19» بدقيقة صمت خلال جلسة الجمعية الوطنية أمس (أ.ف.ب)
نواب صينيون لدى تأبينهم ضحايا «كوفيد - 19» بدقيقة صمت خلال جلسة الجمعية الوطنية أمس (أ.ف.ب)
TT

الصين تعلن هزيمة «كوفيد ـ 19»... وتقر بتداعياته الاقتصادية الوخيمة

نواب صينيون لدى تأبينهم ضحايا «كوفيد - 19» بدقيقة صمت خلال جلسة الجمعية الوطنية أمس (أ.ف.ب)
نواب صينيون لدى تأبينهم ضحايا «كوفيد - 19» بدقيقة صمت خلال جلسة الجمعية الوطنية أمس (أ.ف.ب)

أعلنت الصين، أمس، انتصارها على فيروس كورونا المستجد الذي أثّر على اقتصادها بشكل كبير ويواصل تفشيه في العالم.
وإذ أصاب الوباء أكثر من خمسة ملايين شخص وأودى بحياة أكثر من 332 ألفا في العالم وفق الأعداد الرسمية المعلنة والتي تُعتبر أقلّ من الواقع بكثير، فقد تمكنت الصين، حيث ظهر الفيروس في أواخر عام 2019، من احتوائه على أراضيها. إلا أن الولايات المتحدة تتهمها بالتأخر في التصدي للوباء، ويحملها الرئيس دونالد ترمب المسؤولية عن «عدد الوفيات الهائل في العالم».
وأعلن رئيس الوزراء الصيني لي كي تشيانغ، لدى افتتاح جلسة الجمعية الوطنية الشعبية السنوية: «حققنا نجاحا استراتيجيا كبيرا في معالجتنا لأزمة كوفيد - 19». وللمرة الأولى في تاريخها المعاصر، تخلّت بكين عن تحديد أهداف النمو الاقتصادي للعام الحالي، لعدم تمكنها من تحديد تأثير تفشي الوباء. وأمام ثلاثة آلاف نائب يضعون الكمامات، أشار رئيس الوزراء إلى أنه لا تزال هناك «مهمة هائلة» يجب إنجازها في مواجهة تداعيات الفيروس على الاقتصاد الصيني الذي سجّل انكماشاً في الفصل الأول من العام، وهو أمر غير مسبوق.
وأعدّت الصين سلسلة تدابير لإعادة إطلاق نشاطها الاقتصادي، لكن من دون المغامرة في تحديد نسبة النمو التي يجب الوصول إليها. وفيما نجحت في احتواء الوباء على أراضيها، فإن تداعيات الفيروس على اقتصادها ستستمرّ ولا يزال يتعذر توقعها. وقال رئيس الوزراء في خطاب استمرّ نحو ساعة في قصر الشعب في بكين، «ستشهد بلادنا بعض العوامل التي يصعب توقعها» بسبب تفشي وباء كوفيد - 19 الذي يشلّ العالم والاقتصاد العالمي. ويعتبر الخبير في الاقتصاد الصيني سونغ هوزي من معهد ماركو بورو للأبحاث أن النظام الصيني «حريص على المستقبل»، لأنه يعتقد أن «استئناف (النشاط) سيكون بطيئاً ومتقلباً»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وحذّر رئيس الوزراء من أن البلاد «تواجه تحديات غير مسبوقة في تطورها، وستدوم لفترة من الوقت». وتُضاف إلى أزمة فيروس كورونا المستجدّ، تهديدات بفرض رسوم جمركية إضافية من جانب الرئيس الأميركي الذي يريد أن «يدفّع» بكين ثمن إخفائها وفق قوله، بداية تفشي الوباء. وللمرة الأولى في التاريخ، تراجع الاقتصاد الصيني في الفصل الأول من العام (- 6.8 في المائة) تحت تأثير الفيروس الذي أوقف تقريباً النشاط في البلاد. وتراجع النمو العام الماضي إلى 6.1 في المائة، مسجلاً أسوأ مستوى له منذ نحو 30 عاماً في وقت كانت الحرب التجارية مع واشنطن تتكثّف.
وإذا كان النشاط يُستأنف تدريجياً، فإن الشركات تواجه صعوبات في ملء دفاتر الطلبيات في حين أن أوروبا وأميركا الشمالية، الزبونتين الرئيسيتين للصين تواجهان شللاً بسبب الفيروس. ومن أجل دعم الاقتصاد المتعثّر، ستسمح الدولة بأن يبلغ عجزها هذا العام 3.6 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي (مقابل 2.8 في المائة العام الماضي). وسيرتفع بألف مليار يوان (128 مليار يورو)، وفق قول رئيس الوزراء.
ويرى المحلل تومي شي من مصرف «أو سي بي سي» أنه «في حال كان الوضع (الاقتصادي) سيئا للغاية، يمكن للصين أن ترفع أكثر عجز ميزانيتها». فيما أفادت صحيفة «غلوبل تايمز» الناطقة بالإنجليزية والمعروفة بقربها من النظام، بأن العجز قد يبلغ 8 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء إصدار سندات «كورونا بوندز»، وهي قرض من الدولة بقيمة ألف مليار يوان للاستجابة إلى تفشي الوباء. وسيسمح المبلغ الإجمالي البالغ ألفي مليار يوان (256 مليار يورو) بدعم الوظائف وسيكون مخصصاً بالكامل للسلطات المحلية. ويُطلب من الأخيرة «أن تتقشّف» وأن تعطي الأولوية للوظائف، في وقت بلغت نسبة البطالة 6 في المائة.
والمعدّل القياسي للبطالة يعود إلى فبراير (شباط) بـ6.2 في المائة، لكنه لا يعكس الوضع في المنطقة الحضرية ولا يشمل ملايين المهاجرين العاملين الذين تأثروا بتفشي الوباء. ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة تسينغوا المرموقة في بكين، مايكل بيتيس، إن المسؤولين الصينيين «قلقون للغاية» جراء تداعيات الفيروس على الوظائف. ويعتبر بيتيس أن لهذا السبب بكين مستعدة «لتمويل أمور غير ضرورية»، مثل بنى تحتية لا لزوم لها وشقق ستبقى فارغة، «لمنع معدل البطالة من الارتفاع».
وهذا هو السيناريو الذي تبنّته السلطة أثناء الأزمة المالية في عامي 2008 - 2009، عبر ضخّ أربعة آلاف مليار يوان (455 مليار يورو) في الاقتصاد. وكان لهذا الأمر عواقب تشمل تضخم الدين وإضعاف السلطات المحلية والتسبب في بطالة زائدة. وكشف رئيس الوزراء أيضاً خطة استثمارات هائلة في البنى التحتية «المستقبلية» التي يُفترض أن تترافق مع ارتفاع مستوى الاقتصاد.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».