تحفظات عن «النظام الرئاسي المغلق» في وثيقة الدستور الجزائري

مطالب بتخلي الجيش عن التدخل في السلطة المدنية

TT

تحفظات عن «النظام الرئاسي المغلق» في وثيقة الدستور الجزائري

واجهت الرئاسة الجزائرية انتقادات شديدة بخصوص مسودة الدستور، التي طرحتها للنقاش منذ السابع من مايو (أيار) الحالي، قد تدفعها إلى مراجعتها جذرياً. ومن أهم المآخذ «المكانة الطاغية للجيش في المجتمع ومؤسسات الدولة»، والتي نصت عليها كل دساتير البلاد منذ الاستقلال، زيادة على احتفاظ رئيس الجمهورية فيها بكل الصلاحيات تقريباً، بينما كان يرتقب أن يتنازل عن كثير منها لهيئات عدة، خاصة البرلمان.
وأكثر ما أثار الجدل في وثيقة الدستور مسألة «مشاركة الجيش في عمليات حفظ السلام في الخارج»، حيث رأى عدد من المراقبين في ذلك، «مسعى من الجزائر للبحث عن دور دولي لا يمكن أن تناله إلا بفضل خبرة جيشها الطويلة في مجال محاربة الإرهاب».
في هذا السياق، أكد خالد شبلي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة عنابة (شرق)، أن مسودة الدستور «تحدث تغييراً في عقيدة الجيش. فهي دفاعية منذ الاستقلال، تقوم على مبدأ حماية التراب الوطني واستقلال البلاد وحماية سيادتها. أما التعديلات التي تقترحها الرئاسة فتجعل منها عقيدة تدخلية، مع ما يحمله ذلك من احتمال أن تخدم أجندات دول كبرى في الأزمات الدولية». وطرحت «قضية تدخل الجيش خارج حدود البلاد»، في بداية الأزمة الليبية عام 2011، خاصة مع تدفق السلاح بشكل لافت على الحدود وتسلل مقاتلين، بحسب ما كانت تنقله بيانات وزارة الدفاع. وقد رفضت القيادة السياسية، آنذاك، قيام الجيش بعمليات عسكرية داخل التراب الليبي. وعاد الموضوع ليطرح بحدة خلال الحرب الجارية في الجارة الشرقية.
وينظر محمد هناد، أستاذ العلوم السياسية، لما جاء في وثيقة الدستور من زاوية أخرى، حيث كتب في حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي «لا يمكننا الحديث عن الاتجاه نحو إقامة جمهورية جديدة، إلا مع بداية انسحاب القيادة العسكرية من الساحة السياسة. وسيكون من العلامات الأولى على ذلك تجديد قيادات الجيش الحالية، طبقاً لقانون الخدمة العسكري، إضافة إلى تعيين وزير للدفاع الوطني، الذي من المفروض أن يكون مدنياً». وأكد هناد أن «الجمهورية الجديدة»، شعار السلطة الجديدة التي استخلفت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «لا يمكن أن تتحقق فعلاً ما لم يرجع القادة العسكريون إلى دورهم الأصلي ويتقيدوا به، وهو أمر لا يحتمل أي خلط. وحتى إن ظل هؤلاء يؤكدون عدم تدخل الجيش الجزائري في السياسة، وانصرافه إلى المزيد من الاحترافية، فإنه لم يحدث أي شيء لحد الآن إلا بإرادتهم، ووفق رؤيتهم، لدرجة أنهم اعتبروا نجاح الحراك الشعبي ذاته كان بفضلهم. وعليه، فإنه من الصعب علينا التسليم بأنهم يستطيعون التخلي عن خريطة طريق هم واضعوها». أما بخصوص ما أطلق عليه مراقبون «نظام رئاسي مغلق»، تضمنته وثيقة الدستوري، فقد كان هو الآخر محل انتقاد شديد من طرف المعارضة، وبعض الفاعلين غير المتحزبين، ممن عرضت عليهم الرئاسة المشروع بغرض إبداء الرأي. ومن بينهم الباحث في التاريخ ومناضل القضية الأمازيغية، محمد ارزقي فراد، الذي قال في رسالته للرئاسة مبديا رأيه في مشروعها «ما زالت وثيقة تعديل الدستور المقترحة تكرّس هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وعلى السلطة القضائية، ولا تلزم الرئيس باحترام الأغلبية البرلمانية في تعيين الحكومة، وهذا ما يعني أن مبدأ التداول على السلطة غير وارد».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.