السودان: بلاغات جديدة بالفساد في مواجهة البشير عقب عيد الفطر

«لجنة التفكيك» تعمل على تصفية وجود «الإخوان»

TT

السودان: بلاغات جديدة بالفساد في مواجهة البشير عقب عيد الفطر

عزا عضو مجلس السيادة الانتقالي السوداني، محمد الفكي سليمان، التأخير في اتخاذ إجراءات عاجلة في مواجهة رموز النظام المعزول إلى تأخر إقرار القانون، الخاص بتفكيك واجتثاث تمكين نظام الثلاثين من يونيو (حزيران)، الذي تمت إجازته نهاية العام الماضي.
وأوضح الفكي، الذي يشغل منصب الرئيس المناوب للجنة التفكيك، أن محاكمة رموز النظام المعزول جنائياً تدخل في مهام الأجهزة العدلية في البلاد، المتمثلة في النيابة العامة والقضاء، وأن لجنة التفكيك ستقوم بتحرير بلاغات في مواجهة الرئيس المعزول عمر البشير، تتعلق بمسؤوليته عن بيع أصول مؤسسات، عبارة عن فنادق وعقارات من أملاك الشعب السوداني، لم تورد عوائدها من الأموال في الخزينة العامة للدولة.
كما أوضح الفكي إلى أن مسؤولية لجنة تفكيك واجتثاث نظام الرئيس المعزول، هي استرداد الأموال المنهوبة بالداخل، وتطهير الخدمة المدنية من عناصر النظام المعزول، الذين ما زالوا يتحكمون في مفاصل الدولة بالخرطوم والحكومات بالولايات. وقال إن اللجنة أرجأت قراراً بفصل الآلاف من منسوبي النظام المعزول من مؤسسات الخدمة المدنية إلى ما بعد رمضان، وهم من تم تعيينهم للولاء السياسي لنظام الإخوان، مشيراً إلى أن القرارات ستصدر مباشرة عقب عطلة عيد الفطر المبارك.
في سياق ذلك، أكد عضو مجلس السيادة أن اللجنة استردت أموالا طائلة، وأنها مستمرة في دراسة العديد من الملفات المتعلقة بتصفية النظام المعزول، مبرزا أنه رغم بطء عمل اللجنة «إلا أنها تحظى بتأييد كبير من قطاعات الشعب السوداني الذي يرى فيها روح الثورة».
وأشار الفكي إلى أن استرداد الأموال المنهوبة بالخارج، والتي تقدر بمليارات الدولارات، مسؤولة عنه لجنة أخرى تتبع للنيابة العامة، وأنها تجري تنسيقا مع عدد من الشركات في هذا الملف. وقال إن اللجنة استردت مئات الشركات والعقارات والأراضي السكنية والزراعية في فترة وجيزة، تقدر بحوالي ملياري دولار، وتقدرها دراسة أولية لوزارة المالية بـ284 تريليون جنيه سوداني.
واستردت لجنة تفكيك واجتثاث نظام الثلاثين من يونيو أسهما كبيرة في شركة اتصالات، مملوكة لأحد عناصر النظام المعزول، قدرت قيمتها 600 مليون دولار، بالإضافة إلى استرداد مؤسسة النقل النهري التي تقدر أصولها بحوالي 450 مليون دولار.
ونفى الفكي وجود أي خلافات داخل لجنة التفكيك، بقوله إن العمل «يسير بتوافق تام بين المكونين العسكري والمدني، لكن اللجنة تتعرض لهجمة إعلامية منظمة، ونعلم الجهات التي تعمل في الغرف المغلقة المسؤولة عن بث الشائعات والأخبار المفبركة عن لجنة التفكيك». مضيفا أن اللجنة «تشكل خطرا بالغا على النظام المعزول لأنها ستقوم بتصفية حركة «الإخوان» المسلمين في السودان إلى الأبد، عبر استرداد الأموال، التي حصلوا عليها بغير وجه حق، وإفراغ الخدمة من المدنية من كوادرهم».
وأشار الفكي إلى أن الهجمة الإعلامية على لجنة التفكيك لن تتوقف، وأن أجهزة إعلام تتبع للنظام المعزول تشارك في هذه الحرب، «لكن يجري رصدهم وسيتم التعامل معهم عبر الطرق القانونية الرسمية».
وبشأن وباء «كورونا» قال الفكي إن الحكومة تعمل وفقا لإمكانياتها المتاحة لمجابهة الوباء، مقرا بأنها تواجه صعوبات كبيرة في تطبيق حظر التجوال والإغلاق الكامل للبلاد.
ودعا الفكي إلى التعامل بجدية أكبر مع هذا الوباء، والانتقال من مرحلة التوعية والمخاطبة إلى التطبيق الكامل للإجراءات التي أقرتها السلطات في مواجهة المخالفين لقوانين الطوارئ الصحية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم