مصر تمضي في مخطط القضاء على العشوائيات

السيسي يفتتح مشروع «بشاير الخير 3» بالإسكندرية ضمن مخطط تطوير المناطق العشوائية (الشرق الأوسط)
السيسي يفتتح مشروع «بشاير الخير 3» بالإسكندرية ضمن مخطط تطوير المناطق العشوائية (الشرق الأوسط)
TT

مصر تمضي في مخطط القضاء على العشوائيات

السيسي يفتتح مشروع «بشاير الخير 3» بالإسكندرية ضمن مخطط تطوير المناطق العشوائية (الشرق الأوسط)
السيسي يفتتح مشروع «بشاير الخير 3» بالإسكندرية ضمن مخطط تطوير المناطق العشوائية (الشرق الأوسط)

رغم ما يعانيه الاقتصاد المصري من صعوبات بسبب تفشي فيروس «كورونا المستجد»، تمضي الحكومة المصرية في مخططاتها نحو القضاء على المناطق العشوائية، باعتبارها أهم المشكلات التي تؤرق المجتمع، وترتبط بالفقر والإرهاب.
وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، مشروع «بشاير الخير 3» لتوفير سكن ملائم لمواطني منطقة «مأوى الصيادين» العشوائية بالإسكندرية. وقال على هامش الافتتاح، إنه «يجب العمل على توفير مساكن مناسبة بتخطيط جيد لكتلة كبيرة من المواطنين، لتفادي المناطق العشوائية والمخالفات في البناء»، مطالباً بوقف تراخيص البناء العشوائية في مدن القاهرة والإسكندرية والجيزة.
ومع انتخابه قبل نحو 6 سنوات، تعهد السيسي بالقضاء على العشوائيات. ووفق خالد صديق، المدير التنفيذي لصندوق تطوير العشوائيات في مصر، فإن مشروع تطوير العشوائيات ينقسم لثلاثة أقسام: الأول المناطق غير الآمنة، والثاني المناطق غير المخططة، وأخيراً الأسواق العشوائية، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه «سيتم الانتهاء من تطوير جميع المناطق غير الآمنة مع نهاية عام 2020 الجاري».
ويسهم القضاء على العشوائيات في وقف إهدار موارد مصر المتعلقة بمتطلبات إصلاحات الكهرباء والمياه والطرق المتكررة في تلك المناطق، كما يشير مدير الصندوق.
ووفقاً لدراسة نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في يونيو (حزيران) 2016، تبلغ مساحة المناطق العشوائية 38.6 في المائة من الكتلة العمرانية في المدن المصرية. ويحوي إقليم القاهرة الكبرى الذي يضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، أغلب تلك المناطق العشوائية، ويعيش فيها 850 ألف شخص تقريباً.
ويتكون مشروع «بشائر الخير 3» الذي افتتحه السيسي أمس، من 11 ألف وحدة سكنية، و3 منشآت خدمية، بينها منشأة تعليمية، و6 مساجد، من بينها مسجدان بمساحة 800 متر مربع، و4 مساجد صغيرة، ومستشفى لعلاج الأهالي، إضافة إلى كنيسة، ومركز شباب، ومكتب بريد، وأنشطة ترفيهية.
وتعد هذه المرحلة هي الأكبر من حيث الوحدات السكنية التي سينتقل إليها عدد كبير من الأهالي الذين يقطنون في المناطق الخطرة بالإسكندرية، والتي كانت مهددة بالانهيار فوق رؤوسهم.
ومن المستهدف أن يستفيد منها أكثر من 50 ألف مواطن من الجيلين الثاني والثالث من المواطنين، باعتبارهم «المستقبل ويجب أن تتم تنشئتهم في حياة كريمة ولائقة لهم»، وفقاً لمساعد رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، اللواء أحمد العزازي. والذي لفت إلى أن تسليم الوحدات السكنية سيتم عن طريق القرعة، وذلك لتحقيق مبدأ الشفافية في توزيع الوحدات السكنية، ومن دون مقابل.
وتتبنى السلطة المصرية استراتيجية تعتمد على الاستثمار في مشروعات عمرانية جديدة، تضم عاصمة إدارية جديدة، و14 مدينة جديدة، وإسكاناً اجتماعياً بديلاً للعشوائيات. ويرى مراقبون أن توجه مصر نحو إنشاء المدن الجديدة أسهم بشكل كبير في تغيير خريطة العمران في مصر.
وتخطط السلطات المصرية لإخلاء القاهرة قريباً من مقار الوزارات والمؤسسات الحكومية، ونقلها للعاصمة الجديدة؛ حيث تعاني العاصمة الحالية المطلة على نهر النيل من اختناق مروري وتكدس سكاني وزحف عمراني.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».