أكد سكان في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن لـ«الشرق الأوسط» أن أبناء المدينة يعولون على الجهود التي تبذلها السعودية حالياً من أجل طي صفحة الصراع المحتدم بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ووقف المعارك الدائرة شرق مدينة زنجبار في أبين.
جاء ذلك في وقت تجددت فيه المواجهات، أمس (الخميس)، بين القوات الموالية لكل فريق باستخدام القصف المدفعي المتبادَل شرق مدينة زنجبار، وذلك عقب إخفاق وساطة محلية في إبرام تهدئة خلال أيام عيد الفطر المبارك، بحسب ما أفادت به مصادر قبلية مطلعة.
ويقول سامي سعيد وهو عامل في مجال البناء لـ«الشرق الأوسط»: «سئمنا من الصراع والحروب في عدن». ويضيف سعيد (34 عاماً): «نريد عودة الاستقرار في المدينة وتحسين الخدمات، ونتمنى أن تنجح السعودية في إقناع (الشرعية) و(الانتقالي) بالتوصُّل إلى حل يخدم مصلحة أبناء عدن».
من جهته، يؤكد مفيد سالم وهو عامل في إحدى المبادرات الشبابية لإسناد سكان المدينة أن مصلحة أبناء عدن هي في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية وإصلاح الخدمات، وليس في الصراع والحروب التي اتهم من وصفهم بـ«أمراء الحرب» بإذكائها.
ويعتقد مفيد (27 عاماً) أن السعودية «قادرة على الضغط على كل الأطراف لوقف المعارك والعودة إلى تنفيذ (اتفاق الرياض)، وصولاً إلى التفرغ لملف الخدمات وإعادة إعمار عدن وغيرها من مدن الجنوب والتصدي للمشروع الحوثي في الشمال».
وكان اندلاع المعارك في أبين أثار غضباً واسعاً في الأوساط اليمنية إذ يرى الكثير من الناشطين والحقوقيين أن الأوضاع التي تمر بها البلاد في عدن والمحافظات الجنوبية لا تحتمل المزيد من القتال وإهدار الموارد، في ظل تدهور الأوضاع الصحية وانهيار البنى التحتية.
يشار إلى أن وفد المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي كان قد وصل العاصمة السعودية الرياض الثلاثاء الماضي، بدعوة سعودية في إطار التواصل والتشاور المستمر بين قيادة المجلس وقيادة التحالف ممثلة بالمملكة العربية السعودية، وفق بيان رسمي للمجلس.
وفي حين أكد الزبيدي التزام المجلس الانتقالي بالشراكة مع التحالف العربي بقيادة السعودية لمواجهة المشاريع التخريبية التي تستهدف الأمن القومي العربي، كانت مصادر في الحكومة الشرعية سربت بنوداً مقترحة للتوقيع عليها لإلحاقها بـ«اتفاق الرياض» قبل أن تعود وتنفي صحة تلك التسريبات.
وكان «الانتقالي» والشرعية وقّعا في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي «اتفاق الرياض» برعاية سعودية لجهة طي صفحة المواجهات التي كانت اندلعت في أغسطس (آب) الماضي، وأسفرت عن سيطرة الانتقالي على عدن ومناطق أخرى من أبين ولحج.
وبينما حالت الخلافات المتصاعدة بين الطرفين دون تطبيق بنود الاتفاق المؤلف من شقّ سياسي وآخر عسكري وأمني أدى تصاعد التوتر بينهما إلى تفجر الوضع عسكرياً، قبل أكثر من أسبوعين شرق مدينة زنجبار، وذلك عقب إعلان «الانتقالي» ما وصفه بـ«الإدارة الذاتية» في عدن والمحافظات الجنوبية.
على الصعيد الميداني أفادت مصادر قبلية بأن المواجهات بين قوات الطرفين تجددت، أمس (الخميس)، عقب هدوء نسبي في اليومين الماضيين كانت تحاول خلاله وساطة قبلية من المنطقة إبرام هدنة خلال أيام العيد، بعد أن كانت الوساطة نجحت في عقد اتفاق يسمح بمرور المسافرين إلى عدن ومنها مرورا بمحافظة أبين حيث مناطق القتال الواقعة شرق زنجبار.
في السياق نفسه أفادت اللجنة الأمنية في محافظة شبوة بأن القوات الحكومية عززت بقوات إضافية إلى مدينة شقرة الساحلية في محافظة أبين استقدمتها عبر محافظة شبوة، مروراً بمديرية المحفد المجاورة في محافظة أبين، غير أن القوات تعرضت لمكمن من قبل مسلحين في المحفد، ما أدى إلى مقتل جنديين وإصابة آخرين وإصابة دبابة كانت على متن ناقلة عسكرية.
واتهمت اللجنة في بيان المسلحين بالانتماء إلى تنظيم «القاعدة» ومساندة «الانتقالي» مشيرة إلى أن القوات الحكومية قامت بملاحقة المهاجمين، في حين واصلت التعزيزات العسكرية طريقها إلى مدينة شقرة. وتحولت المعارك التي كانت اندلعت قبل أكثر من 10 أيام في محافظة أبين اليمنية (شرق عدن) بين قوات الحكومة الشرعية والقوات الموالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى دوامة ملتهبة لاستنزاف قوات الطرفين دون وجود أي تقدم لحسم المعركة.
وفي الوقت الذي يتكتم فيه الطرفان على حجم الخسائر في الأرواح والمعدات لا تزال المواجهات ومحاولات الالتفاف المتبادلة قائمة من قبل الطرفين، حيث تحاول الشرعية التقدم نحو مدينتي زنجبار وجعار.
ويقول الموالون لقوات «الانتقالي» التي استقدمت بدورها تعزيزات من عدن ولحج إنهم يحرزون تقدماً في مواجهة القوات الحكومية، ويطمحون في السيطرة على منطقة «قرن الكلاسي»، وصولاً إلى مدينة شقرة الساحلية التي تعد قاعدة رئيسية للقوات الحكومية، التي كانت أيضاً استقبلت تعزيزات من شبوة ومناطق أخرى خاضعة للشرعية.
وكان مجلس الأمن الدولي وتحالف دعم الشرعية والأمم المتحدة وجهوا دعوات للتهدئة، من أجل توفير الموارد والجهود لمكافحة تفشي فيروس «كورونا» الذي انتشر في أغلب المحافظات اليمنية، والرجوع إلى «اتفاق الرياض» الموقع بين الطرفين في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي برعاية سعودية.
وتسببت المعارك والصراع السياسي على الإدارة في مفاقمة الأوضاع الإنسانية المتدهورة في مدينة عدن والمناطق المجاورة الأخرى، خصوصاً في ظل تفشي وباء «كورونا المستجد» والأمراض الوبائية الأخرى جراء السيول.
وفي الوقت الذي تقول الحكومة الشرعية إنها «متمسكة بتنفيذ (اتفاق الرياض) كمنظومة متكاملة»، كانت دعت في أحدث بيانتها المجلس الانتقالي إلى «التراجع فوراً عن الخطوات الأحادية، وما سماه إعلان الإدارة الذاتية والذهاب إلى التصعيد العسكري».
وأكدت الحكومة اليمنية أن «الانتقالي» يتحمل مسؤوليته ما لم يعد إلى جادة الصواب، ويتراجع عن إعلانه الانقلابي الذي يقوّض «اتفاق الرياض»، ويهدد مؤسسات الدولة ويفاقم معاناة المواطنين، بحسب ما أوردته عنها المصادر الرسمية.
وعقب اندلاع المواجهات في أبين كان رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» عيدروس الزبيدي ظهر في خطاب تلفزيوني بثته قناة «عدن المستقلة» التابعة للمجلس قال فيه إن «ميليشيا حزب الإصلاح وقوى الإرهاب المسيطرة على الشرعية تتحمل مسؤولية فشل (اتفاق الرياض)، بعد حشد قواتها إلى شقرة لتفجير الوضع في محافظة أبين».
ودعا الزبيدي قواته للتصدي لما وصفه بـ«العدوان الغاشم»، معتبراً أنها تخوض «حرباً مصيرية (...)، من أجل أن ينعم الجنوب بالحرية وينال استقلاله الذي ناضل من أجله طويلاً».
عدنيون يعوّلون على الجهود السعودية لإنهاء الصراع واستئناف التنمية
عدنيون يعوّلون على الجهود السعودية لإنهاء الصراع واستئناف التنمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة