اغتيالات بريف درعا بعدما منعت روسيا النظام من اقتحام قرى

طالت موالين لدمشق ومعارضين وقعوا اتفاقات تسوية

TT

اغتيالات بريف درعا بعدما منعت روسيا النظام من اقتحام قرى

تصاعدت الاغتيالات في ريف درعا ضد شخصيات مدنية موالية للنظام السوري وقادة وعناصر في المعارضة، أجروا تسوية ومصالحة مع الحكومة، ذلك بعد إرسال روسيا قوات لمنع النظام من اقتحام مناطق في الجنوب السوري.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن «ضابطا برتبة ملازم من مرتبات الفرقة السابعة التابعة لقوات النظام لقي حتفه وأصيب عنصر آخر كان برفقته في بلدة كفر شمس بريف درعا الشمالي، بعد أن أقدم مجهولون على إطلاق النار عليهما بشكل مباشر في البلدة عند مبنى البريد الحكومي، وسط حالة استنفار أمني لقوات النظام في المدينة وتوتر بين المدنيين خوفاً من القيام بعمليات مداهمة أو اعتقالات بحثاً عن الفاعلين في البلدة».
كما تعرض علي الظاهر الملقب «أبو حسين» مساء الاثنين الماضي، وهو أحد قياديي «حزب الله» في درعا لعملية اغتيال في بلدة بصر الحرير بريف درعا الشمالي الشرقي، بعد أن زرع له مجهولون عبوة ناسفة على طريق بصر الحرير - إزرع أدت إلى إصابته بجروح نقل على أثرها إلى المستشفى في مدينة ازرع، ويتحدر الظاهر من مدينة بصرى الشام، وكان قد تعرض لمحاولة اغتيال سابقة نجا منها، وقاد عدة مهمات في محافظة درعا والقنيطرة لصالح الحزب.
وأفاد سكان محليون في منطقة اللجاة بريف درعا الشمالي بـ«سماع دوي انفجارات عدة ليلة الثلاثاء الماضي، تلاها ضربات من مضادات الطيران الأرضية حاولت التصدي لصواريخ استهدفت إحدى القطع العسكرية التي تحوي عناصر من حزب الله في منطقة اللجاة بريف درعا الشمالي الشرقي، كما ضرب الطيران قطعة عسكرية للنظام في محيط مدينة إزرع شمال درعا، يتواجد فيها مجموعة تابعة لإيران».
وأضاف المصدر أن مجهولين في مدينة الصنمين اغتالوا القيادي في اللجان المحلية التابعة للأمن العسكري ثائر مصطفى العباس، بإطلاق النار عليه بشكل مباشر في شارع السوق وسط مدينة الصنمين شمالي درعا. ويعرف عن العباس أنه ساند قوات النظام السوري، أثناء الحملة العسكرية الأخيرة على الأحياء الغربية في مدينة الصنمين قبل أشهر، والتي انتهت بسيطرة النظام على كامل المدينة، وتهجير عناصر المعارضة الذين رفضوا اتفاق التسوية.
وكان مجهولون استهدفوا ضابطا في الشرطة العسكرية التابعة للنظام من محافظة درعا قبل يومين، أدى إلى مقتله وإصابة والده الذي كان برفقته بجروح خطيرة، إثر إطلاق النار على سيارة كانت تقلهما على طريق نمر - دمشق شمال غربي درعا.
وعثر أهالي بلدة الجيزة في ريف درعا الشرقي، صباح يوم الثلاثاء على جثة محمد مبارك البرم بعد اختطافه لمدة يومين على الطريق الواصل بين بلدة الجيزة - الطيبة، ويظهر على جسده آثار تعذيب واضحة، وعمل البرم سابقاً، مسؤول مركز «الشرطة الحرّة» التابعة للمعارضة في بلدة الجيزة، قبل سيطرة النظام على محافظة درعا في يوليو (تموز) 2018. وخضع لاتفاق التسوية، ولم ينضوِ تحت أي تشكيل عسكري تابع للنظام.
ويرى مراقبون أن «تصاعد الاغتيالات في مناطق جنوب سوريا، وخاصة بعد استقدام النظام السوري لتعزيزات عسكرية كانت بهدف اقتحام مناطق التسويات في درعا، يرسم حالة من صراع النفوذ في المنطقة، وأنه قد تكون هناك فئة تحاول استغلال الوضع الراهن جنوب سوريا، وتسعى لتحقيق أهدافها على حساب المنطقة وسكانها، وخاصة بعد أن منعت روسيا تعزيزات الفرقة الرابعة التي وصلت مؤخرا إلى درعا من القيام بأي عملية عسكرية في مناطق خاضعة لاتفاق التسوية برعايتها، وشهدت المناطق التي خضعت لاتفاق التسوية عدة هجمات استهدفت حواجز وعناصر تابعة لقوات النظام السوري منذ بدء الترويج لحملة عسكرية كبيرة في درعا قبل أسبوع».
يذكر أن قوات النظام استقدمت خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية، شملت عناصر وعتاداً ثقيلاً، معظمها من مرتبات الفرقة الرابعة من قوات «الغيث»، وتوزعت على مناطق متفرقة في محيط مدينة درعا والريف الغربي، وسط أنباء تطلقها صفحات محسوبة على «قوات الغيث» بالاستعداد لهجوم مرتقب على مناطق المصالحات في درعا. وبعد اجتماعات بين اللجان المركزية للتفاوض في درعا مع الجانب الروسي ووفد النظام أقر الجانب الروسي منع أي عمليات عسكرية في مناطق خاضعة لاتفاق التسوية، معتبرين أن أطراف التفاوض الأخرى لم تخل بالاتفاق.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.