حركة التجارة العالمية عند أدنى مستوى في 4 سنوات

عودة التوترات الأميركية ـ الصينية تعصف بالصادرات اليابانية

لا تتوقع منظمة التجارة العالمية أن ينتهي التراجع القياسي قريباً إذ تسبب فيروس «كوفيد - 19» في توقف الاقتصاد العالمي (رويترز)
لا تتوقع منظمة التجارة العالمية أن ينتهي التراجع القياسي قريباً إذ تسبب فيروس «كوفيد - 19» في توقف الاقتصاد العالمي (رويترز)
TT

حركة التجارة العالمية عند أدنى مستوى في 4 سنوات

لا تتوقع منظمة التجارة العالمية أن ينتهي التراجع القياسي قريباً إذ تسبب فيروس «كوفيد - 19» في توقف الاقتصاد العالمي (رويترز)
لا تتوقع منظمة التجارة العالمية أن ينتهي التراجع القياسي قريباً إذ تسبب فيروس «كوفيد - 19» في توقف الاقتصاد العالمي (رويترز)

كشفت منظمة التجارة العالمية الخميس عن تراجع الواردات والصادرات الدولية إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات على الأقل، ما يوضح حجم الضرر الاقتصادي الناتج عن جائحة «كورونا» المستجد.
وحذرت المنظمة في تقرير لها، نقلته صحيفة «ذي غارديان»، من أنه لا يوجد دليل بأن ذلك التراجع سينتهي قريبا، إذ تسبب فيروس «كوفيد - 19» في توقف الاقتصاد العالمي، وتوقعت انخفاض نشاط الاستيراد والتصدير سريعا في النصف الأول من هذا العام.
وتراجع مؤشر تجارة السلع الفصلي الذي تصدره المنظمة إلى 87.6 نقطة، مع العلم أن أي قراءة دون مستوى 100 نقطة تشير إلى انكماش، مسجلا أدنى مستوياته منذ إطلاق المؤشر في يوليو (تموز) 2016. وهو ما يلمح إلى انكماش حاد في الربع الثاني من العام الحالي.
وجاء القطاع الأكثر تضررا هو شحنات منتجات السيارات، بسبب انهيار إنتاج السيارات ومبيعات المركبات في الاقتصادات الرئيسية، كما كان هناك انخفاض في قطاع شحن الحاويات والشحن الجوي في جميع المجالات، حيث تلاشى الطلب على السلع المتداولة وسلاسل التوريد بسبب المصانع والموانئ المغلقة التي تعمل بسعة منخفضة.
وذكرت الصحيفة عن خبراء قولهم إن أزمة «كورونا» يمكن أن تسرع من فض العولمة بعد أن وصلت الدول لدرجة كبيرة من التكامل خلال العقد الماضي، حيث بدأ هذا التحرك في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008.
ويأتي ذلك الهبوط، بعد مستويات ضعيفة من النشاط العالمي في العام الماضي، وسط الحرب التجارية التي استمرت ما يزيد عن عام بين الولايات المتحدة والصين، والتي شهدت هدوءا نسبيا منذ يناير (كانون الثاني) مع توقيع اتفاق مبدئي، لكن المفاوضات لم تؤتي ثمارها المرجوة بعد أن ضرب فيروس «كورونا» العالم منذ بداية العام.
في غضون ذلك، كشفت أرقام نشرت الخميس أن اليابان سجلت في أبريل (نيسان) أسوأ تراجع شهري في صادراتها منذ الأزمة المالية في 2009. بينما يشل وباء كوفيد - 19 جزءا كبيرا من الاقتصاد العالمي ويستبعد الخبراء تحسنا قريبا.
وأعلنت وزارة المالية اليابانية أن قيمة صادرات ثالث قوة اقتصادية في العالم تراجعت في أبريل بنسبة 21.9 في المائة على مدى عام إلى 5202.3 مليار ين (44 مليار يورو). وهذا التراجع للشهر السابع عشر على التوالي، هو أعلى انخفاض شهري تسجله الصادرات اليابانية منذ 11 عاما.
وكان خبراء الاقتصاد في وكالة بلومبرغ للأنباء المالية يتوقعون تراجعا أكبر بقليل (22.2 في المائة) في أوج إجراءات العزل في الولايات المتحدة وأوروبا في أبريل، التي شلت اقتصاداتهما. من جهتها، أعلنت الحكومة اليابانية حالة الطوارئ في البلاد في مطلع أبريل ما زاد من تأثير الوباء على اقتصاد البلاد.
وتراجعت صادرات اليابان إلى الولايات المتحدة بنسبة 37.8 في المائة في أبريل على مدى عام، وإلى أوروبا الغربية بنسبة 30.4 في المائة. وتشير الأرقام إلى أن تراجع تصدير البضائع إلى الصين سجل تباطؤا (- 4.1 في المائة) بالمقارنة مع مارس (آذار) (- 8.7 في المائة)، بينما بدأت الصين تحريك عجلة اقتصادها الذي شله فيروس كورونا المستجد في فبراير (شباط).
أما الواردات اليابانية، فقد انخفضت في أبريل بنسبة 7.2 في المائة على مدى عام لتبلغ 6132.7 مليار ين (51.9 مليار يورو) بعد تراجع نسبته 5 في المائة في مارس.
وانخفضت واردات اليابان من أوروبا الغربية خصوصا بنسبة 11.5 في المائة، لكن تلك القادمة من الصين سجلت ارتفاعا نسبته 11.7 في المائة، مقابل تراجع بلغ 4.5 في المائة في مارس. كما سجلت الواردات من الولايات المتحدة ارتفاعا طفيفا (1.6 في المائة).
وقال الخبير الاقتصادي توم ليرموث في مذكرة لمجموعة «كابيتال ايكونومكس» إن انخفاض قيمة الواردات تعزز بـ«هبوط كبير للأسعار». لذلك سجلت اليابان الشهر الماضي عجزا تجاريا بقيمة 930.4 مليار ين (7.8 مليارات يورو).
وقال ليرموث إن الصادرات اليابانية «يفترض أن تواصل هبوطها لبعض الوقت لأن النشاط الاقتصادي للشركاء التجاريين الرئيسيين لليابان يبقى ضعيفا جدا».
وتوقع الخبير الاقتصادي تارو سايتو من معهد الأبحاث الياباني «نيبون لايف إينشورانس» تحسنا في المبادلات التجارية اعتبارا من هذا الصيف، موضحا هو أيضا أن «العودة إلى مستويات ما قبل الفيروس تحتاج إلى وقت طويل».
وترفع إجراءات العزل تدريجيا في أوروبا والولايات المتحدة منذ مطلع مايو (أيار)، لكن الانتعاش الاقتصادي يبدو بطيئا.
وأمام التراجع الواضح في عدد الإصابات الجديدة اليومية بكوفيد - 19 في اليابان، رفعت الحكومة اليابانية حالة الطوارئ في 39 من مناطق البلاد الـ47 الأسبوع الماضي، قبل 15 يوما من الموعد الذي كان مقرراً.
ويفترض أن ترفع الإجراءات أيضا اعتبارا من الخميس في ثلاث مناطق إضافية في غرب البلاد بينها أوساكا وكيوتو، لكن ليس طوكيو وضاحيتها الكبيرة، حسبما ذكرت وسائل الإعلام اليابانية.
وبمعزل عن تأثير كورونا، يثير تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين مخاوف من عود الحرب التجارية بين أكبر شريكين تجاريين لليابان، قوضت العام الماضي صادرات طوكيو.
ودخلت اليابان التي حرمت من عائدات التصدير وتضررت من تراجع استهلاك العائلات وانخفاض الاستثمارات، في الفصل الأول من 2020 حالة ركود للمرة الأولى منذ 2015. بانكماش إجمالي الناتج الداخلي 0.9 في المائة خلال فصل، حسب أرقام نشرت الاثنين. ويفترض أن يكون تراجع إجمالي الناتج الداخلي أكبر في الربع الثاني بينما توقع صندوق النقد الدولي انخفاضه بنسبة 5.2 في المائة لمجمل 2020.
ولتخفيف الصدمة أعلنت الحكومة اليابانية عن خطة مساعدات بقيمة ألف مليار يورو بينما عزز بنك اليابان برامجه لإعادة شراء الأصول منذ مارس وأطلق إجراءات لدعم الإقراض.
ويفترض أن يعقد بنك اليابان اجتماعا للسياسة النقدية الجمعة، ليس مدرجا على جدول أعماله النظامي، ما يوحي بأنه سيتم الإعلان عن إجراءات استثنائية جديدة.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.