تضخم أوروبا على وشك الاصطدام بـ«الصفر»

نتائج سيئة تمتد من بريطانيا حتى دول شرق القارة

يأمل البريطانيون والأوروبيون أن يؤدي تقليص إجراءات العزل إلى تحسن الحالة الاقتصادية (أ.ف.ب)
يأمل البريطانيون والأوروبيون أن يؤدي تقليص إجراءات العزل إلى تحسن الحالة الاقتصادية (أ.ف.ب)
TT

تضخم أوروبا على وشك الاصطدام بـ«الصفر»

يأمل البريطانيون والأوروبيون أن يؤدي تقليص إجراءات العزل إلى تحسن الحالة الاقتصادية (أ.ف.ب)
يأمل البريطانيون والأوروبيون أن يؤدي تقليص إجراءات العزل إلى تحسن الحالة الاقتصادية (أ.ف.ب)

خيمت نتائج التضخم الدانية بسرعة من الصفر على الأجواء الأوروبية، امتدادا من بريطانيا التي تتخذ خطواتها التنفيذية الأخيرة للانفصال عن الاتحاد، مرورا بدول منطقة اليورو الغنية تقليديا، ووصولا إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي الأقل ثروة في الشرق.
وتراجع معدل التضخم في بريطانيا في أبريل (نيسان) إلى أدنى مستوياته منذ أغسطس (آب) 2016، أي منذ «استفتاء بريكست» وما صاحبه من تقلبات عنيفة وقلق شاسع.
وكشفت بيانات رسمية الأربعاء أن مؤشر أسعار المستهلكين انخفض إلى 0.8 بالمائة على أساس سنوي في أبريل، مقارنة مع 1.5 بالمائة في مارس (آذار) وهو ما يتفق إلى حد كبير مع توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز». وهوت أسعار المستهلكين 0.2 بالمائة في أبريل فحسب، حيث تسببت جائحة «كورونا» في تراجع أسعار النفط العالمية ودفعت شركات بيع الملابس لخفض الأسعار، في حين هبطت أيضا أسعار الكهرباء.
ويقول بنك إنجلترا المركزي إن التضخم قد ينخفض إلى أقل من واحد بالمائة في الشهور القليلة المقبلة. وقال بن برودبنت نائب محافظ البنك إنه قد ينخفض إلى أدنى من الصفر بنهاية العام الحالي، لكنه أضاف أنه لا يتوقع أن يكون ذلك بداية فترة طويلة من انكماش الأسعار.
وفي وقت سابق هذا الشهر، أعلن مكتب الإحصاءات الوطنية الذي يصدر مؤشر أسعار المستهلكين أن قراءات التضخم من المرجح أن تكون متقلبة مع فشل خبراء الإحصاء في استقاء أسعار مجموعة واسعة من السلع بسبب إجراءات العزل العام المتعلقة بفيروس «كورونا».
وقال مكتب الإحصاءات إن شركات بيع الملابس التي تضررت بفعل قرارات الحكومة المتعلقة بلزوم معظم السكان منازلهم لجأت لخفض الأسعار أكثر من المعتاد في محاولة لبيع ما لديها من مخزون. واستقر معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني الطاقة والغذاء والخمور والتبغ، عند 1.5 بالمائة على أساس سنوي.
في غضون ذلك، باع مكتب إدارة الديون في المملكة المتحدة سندات بعائدات بالسالب للمرة الأولى. ووفقا لوكالة «بلومبرغ» فقد باعت بريطانيا الأربعاء سندات بقيمة 3.75 مليار جنيه إسترليني (4.6 مليار دولار) تستحق عام 2023.
وجاءت عائدات هذه السندات عند سالب 0.003 بالمائة. وتجاوز الطلب كمية السندات المعروضة بأكثر من الضعف. وجاء الطرح في ظل وجود سندات قائمة، تراجعت عائداتها بأكثر من 60 نقطة أساس هذا العام إلى 0 بالمائة.
وفي القارة الأوروبية الأم، أفادت بيانات نهائية نشرها مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي يوروستات الأربعاء بأن التضخم السنوي لمنطقة اليورو في أبريل بلغ 0.3 بالمائة، وهو أدنى مستوى في قرابة أربع سنوات، إذ خفض المكتب تقديراته السابقة في ظل نزول أسعار النفط أكثر من التوقع السابق.
وكانت تقديرات سابقة للمكتب تشير إلى ارتفاع أسعار المستهلكين في التسع عشرة دولة التي تستخدم اليورو 0.4 بالمائة على أساس سنوي في أبريل، لكنه خفض أمس الرقم إلى 0.3 بالمائة وهو الأدنى منذ أغسطس 2016.
ويتأكد بهذا مسار تباطؤ التضخم منذ بدء العام، إذ هبط من 0.7 بالمائة في مارس، و1.2 بالمائة في فبراير و1.4 بالمائة في يناير، ليزداد بعدا عن هدف البنك المركزي الأوروبي لمعدل يقل قليلا فحسب عن اثنين بالمائة على المدى المتوسط.
وقال يوروستات إن أسعار الطاقة نزلت 9.7 بالمائة على أساس سنوي في أبريل، انخفاضا من تقديره السابق لهبوط 9.6 بالمائة. وباستبعاد أسعار النفط، أظهرت بيانات يوروستات أن التضخم زاد إلى 1.4 بالمائة في أبريل من 1.3 بالمائة في مارس، وهو ما يعود بشكل رئيسي إلى ارتفاع الأسعار بمتاجر البقالة. ومقارنة مع الشهر السابق، أبقى يوروستات على قراءة معدل التضخم في منطقة اليورو عند 0.3 بالمائة.
وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي ككل، انخفض التضخم في أبريل إلى 0.7 في المائة من 1.2 بالمائة، وكان المعدل في أبريل 2019 هو 1.9 في المائة.
وجرى تسجيل أدنى المعدلات السنوية للتضخم في سلوفينيا «سالب» 1.3 في المائة، وبعدها إستونيا واليونان وكلاهما 0.9 في المائة، بينما كانت أعلى معدلات التضخم في التشيك 3.3 في المائة، وتلتها بولندا والمجر. وبالمقارنة السنوية لأبريل، فقد انخفض التضخم في 26 دولة في الاتحاد، بينما ظل مستقرا في دولة واحدة.



غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.