بوتفليقة يجدد عزمه على تعديل الدستور وسط احتدام جدل حول تراجعه عن المسعى

الرئيس الجزائري يقترح تحديد الترشح للرئاسة بولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة

بوتفليقة يجدد عزمه على تعديل الدستور  وسط احتدام جدل حول تراجعه عن المسعى
TT

بوتفليقة يجدد عزمه على تعديل الدستور وسط احتدام جدل حول تراجعه عن المسعى

بوتفليقة يجدد عزمه على تعديل الدستور  وسط احتدام جدل حول تراجعه عن المسعى

قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إنه «حريص على تفادي التسرع والتقليد والارتجال»، بخصوص التعديل الدستوري الذي تعهد به منذ مدة طويلة من دون أن يفعل. ويعتزم الرئيس في وثيقة التعديلات، التي كشف عنها في مايو (أيار) الماضي، تحديد الترشح للرئاسة بولاية واحد قابلة للتجديد مرة واحدة.
وذكر بوتفليقة في رسالة قرأها أمس نيابة عنه مستشاره بالرئاسة محمد علي بوغازي، بمناسبة تنظيم مؤتمر حول «القوانين الدستورية في أفريقيا» بالعاصمة، أن الجزائر «تستعد لتعديل دستورها وهي تحضر لذلك بجدية، وكلها دراية بنضج الأفكار التي أفرزتها المشاورات الواسعة التي نظمت لهذا الغرض، من أجل إشراك كافة شرائح المجتمع والوصول إلى توافق حول المسائل الجوهرية، وضمان فعالية حقيقية للأحكام الدستورية الجديدة»، في إشارة إلى لقاءات جرت في يونيو (حزيران) الماضي، بين وزير الدولة أحمد أويحيى والأحزاب والشخصيات السياسية والجمعيات، لمناقشة وثيقة التعديلات الدستورية التي يقترحها الرئيس. وقاطعت أحزاب المعارضة «الاستشارة الدستورية» بدعوى أنها لا تقدم إضافة للحريات والديمقراطية، ولا تعزز سلطة البرلمان في مراقبة أعمال الحكومة ولا تقوَي صلاحيات القضاء بشأن محاربة الفساد.
وجاء في خطاب بوتفليقة أن «الهدف المتوخى من نظرتنا إلى الأمور (الدستور) هو تسهيل مسار انفتاح المجتمع الجزائري ومرافقته، مع العمل على حفظ استقراره وتجنيبه الاضطرابات التي تعرفها مختلف دول عالمنا، في زمن التحولات العميقة التي يشهدها». وأضاف: «ما عانته الجزائر من ويلات الإرهاب، يجعلها ترفض أي مغامرة (يقصد التسرع في تعديل الدستور) من هذا القبيل، التي غالبا ما تخلف مآسي والتي يرفضها مجتمعنا جملة وتفصيلا».
يشار إلى أن أهم ما تتضمنه وثيقة تعديل الدستور، هو العودة إلى وضعية ما قبل التعديل الدستوري الذي جرى عام 2008. والذي فتح الرئيس بموجبه، لنفسه باب الترشح للرئاسة مدى الحياة. ولم تفهم الطبقة السياسية سبب تغير موقف الرئيس من هذه المسألة.
وأبدى بوتفليقة في بداية حكمه عدم رضاه على دستور الرئيس السابق اليمين زروال، فوصفه بـ«الهجين». وفي 2006 قال إنه يعتزم إدخال تعديلات عميقة عليه، لكنه لم يفعل. وفي 2011 قال إنه «سيدخل عليه تعديلا جذريا في أقرب وقت»، ولم يفعل. وعزز الرئيس صلاحياته وسلطاته في تعديل الدستور الذي جرى في 2008، مقلصا من صلاحيات رئيس الحكومة الذي حوله إلى وزير أول.
يشار إلى أن نشاط الرئيس تراجع بشكل كبير، منذ الإصابة بجلطة دماغية في نهاية أبريل (نيسان) 2013. فهو لا يحضر المؤتمرات والاجتماعات لا داخل الجزائر ولا خارجها.
وأفاد الرئيس في نفس الخطاب بأن حكومته «لن تدخر جهدا من أجل العمل على إحلال السلم وفض النزاعات، سواء في مالي أو في ليبيا أو في أي مكان آخر من أفريقي.
وهذه الجهود هي تعبير منا على التزامنا الثابت تجاه قارتنا». وتجري الجزائر وساطة بين أطراف الأزمة في مالي، منذ أكثر من عام، من دون التوصل إلى حل يرضي المعارضة المسلحة والحكومة. وعرضت على فرقاء الأزمة في ليبيا تنظيم حوار فوق أرضها، لكن الجدل حول حضور رموز من نظام القذافي سابقا حال دون نجاح المسعى.
وتابع الرئيس أن الجزائر «حققت قفزة نوعية من الدرجة الأولى، بالمصادقة على مجموع القوانين الهادفة أساسا إلى تحسين العمل الانتخابي وتوسيع التمثيل النسوي في المجالس المنتخبة، دعما لدور المرأة ومكانتها وتنظيم نشاط الأحزاب والجمعيات وتقنين المجال الإعلامي، وذلك إيمانا منها بأن هذا الخيار يندرج ضمن رؤيتها الشاملة الرامية إلى تعزيز الأسس المؤسساتية للدولة، وتمكين المجتمع من التحكم في مقاليد العصرنة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».