كشف المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبي، فائز السراج، عن أن راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي ورئيس «حركة النهضة» (إسلامية)، أجرى في ساعة متأخرة من أول من أمس مكالمة هاتفية مع السراج، قدم له فيها تهانيه باستعادة حكومة «الوفاق» الوطني قاعدة «الوطية» الاستراتيجية من قوات المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني» الليبي، وهو ما قد يضع علامات استفهام على مواقف تونس المحايدة تجاه أطرف الصراع في ليبيا المجاورة.
وقال الجانب الليبي إن الغنوشي عبر عن ارتياحه لعودة القاعدة القريبة من حدود تونس إلى حكومة «الوفاق»، مشدداً على أنه «لا حل عسكرياً للصراع في ليبيا»، وعلى ضرورة العودة للمسار السياسي.
وأعرب السراج عن «شكره وامتنانه لمشاعر الأخوة التي أبداها الغنوشي»، وأشاد بعمق العلاقات وحرص تونس على أمن واستقرار ليبيا، معرباً عن «تطلعه لتعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين»، وفق بلاغ نشر على الصفحة الرسمية لحكومة الوفاق.
ويرى مراقبون أن هذه المكالمة من شأنها أن تؤجج الصراعات الآيديولوجية بين عدد من الأحزاب التونسية، بعد أن تكتم عليها رئيس البرلمان، خصوصاً أنها طرحت أمس تساؤلات عدة في المشهد السياسي، على اعتبار أن السلطات الرسمية التونسية أكدت أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، التزامها بالحياد على المستوى العلني، وهو موقف مخالف تماماً لما أقدم عليه رئيس البرلمان راشد الغنوشي عندما قام بتهنئة طرف ليبي على حساب طرف سياسي آخر. كما أن الرئيس التونسي قيس سعيد صرح في وقت سابق بأنه يدعم الشرعية في ليبيا المعترف بها دولياً، ومن قبل الأمم المتحدة، وهو ما يعني أن هذا الموقف يصب بشكل واضح في مصلحة حكومة الوفاق.
ورداً على هذه المكالمة وخطوات أخرى أقدم عليها الغنوشي، دعت أطراف سياسية معارضة إلى اعتماد الوضوح والشفافية في العمل البرلماني والسياسي، وطالبت الغنوشي بإعلان مبادراته الدبلوماسية والسياسية للعموم «بكل صراحة وشفافية حتى لا يضطر التونسيون لتلقي الأخبار من أطراف خارجية».
كما تساءلت أحزاب معارضة إن كان التعتيم على خبر تهنئة السراج على المستوى المحلي «أمراً متعمداً، أم إن رئيس البرلمان التونسي نسي أن يوصي فائز السراج بضرورة كتمان السر»، وقالت بنبرة متهكمة: «هل ينفع تونس أن تنحاز لطرف من أطراف الصراع في ليبيا، وهي التي أعلنت عبر دبلوماسيتها الرسمية التي يمثلها رئيس الجمهورية، عن التزام الحياد الإيجابي في الملف الليبي؟».
وفي هذا السياق، قال زهير المغزاوي، رئيس «حركة الشعب»، المشارك في الائتلاف الحكومي، إن مكالمة الغنوشي ستقحم البرلمان مجدداً في «سياسة المحاور الإخوانية»، مشيرا إلى أن الأزمة الليبية «تمثل موضوعاً خلافياً، ومن الضروري الالتزام بالموقف الرسمي التونسي»، وعدّ أن الغنوشي تجاوز صلاحياته من خلال هذه المكالمة الهاتفية، وأن السياسة الخارجية «تعود إلى رئيس الجمهورية وليس لرئيس البرلمان».
وسبق أن اتهمت كتل برلمانية الغنوشي بالانحياز لصالح «المحور القطري - التركي» على حساب بقية المواقف والأطراف المتداخلة في الأزمة الليبية، فيما دعا «الحزب الدستوري الحر» (معارض) إلى مساءلة رئيس البرلمان على خلفية علاقاته مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
من ناحية أخرى، عبرت «حركة النهضة» عن استنكارها لما سمتها «حملة التشويه والتحريض الممنهجة» التي يتعرض لها عدد من قياداتها، وفي صدارتهم رئيسها الغنوشي، مؤكدة أنها ستقوم بمقاضاة كل الأطراف المتورطة في هذه الحملة «الدنيئة والمغرضة».
وجاء في بلاغ أصدرته الحركة أنها «تأسف للمدى الذي بلغته هذه الحملة من إسفاف وأكاذيب، لا تمتّ إلى الواقع بصلة، ومن محاولة لبث الفتنة بين التونسيين، باستخدام مواقع مشبوهة وأقلام مأجورة، وأيضاً عبر فضائيات وشبكات إعلامية أجنبية، معروفة بعدائها للتجربة الديمقراطية التونسية دون مبرر».
وفي علاقة بما يروج من إشاعات حول ثروته، ذكر البلاغ أن الغنوشي قام بالتصريح بممتلكاته لدى الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد (هيئة دستورية)، بصفته رئيساً لـ«الحركة» ونائباً بالبرلمان ممثلاً عن «حزب النهضة» ورئيساً للبرلمان.
تهنئة الغنوشي للسراج تطرح تساؤلات حول {حياد تونس} في الصراع الليبي
رئيس «حركة الشعب» يحذّر من إقحام البرلمان مجدداً في {سياسة المحاور الإخوانية}
تهنئة الغنوشي للسراج تطرح تساؤلات حول {حياد تونس} في الصراع الليبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة