شركة روسية تحاول «شق الجليد» لنقل الغاز من دون عبور قناة السويس

ناقلة الغاز «كريستوفر دي مارجيري» في طريقها من يامال الروسية إلى الصين عبر ممر بحر الشمال المتجمد (رويترز)
ناقلة الغاز «كريستوفر دي مارجيري» في طريقها من يامال الروسية إلى الصين عبر ممر بحر الشمال المتجمد (رويترز)
TT

شركة روسية تحاول «شق الجليد» لنقل الغاز من دون عبور قناة السويس

ناقلة الغاز «كريستوفر دي مارجيري» في طريقها من يامال الروسية إلى الصين عبر ممر بحر الشمال المتجمد (رويترز)
ناقلة الغاز «كريستوفر دي مارجيري» في طريقها من يامال الروسية إلى الصين عبر ممر بحر الشمال المتجمد (رويترز)

تحاول شركات إنتاج النفط والغاز الروسية، في المناطق المجاورة للقطب الشمالي، تحسين قدرات النقل عبر ممر «بحر الشمال»، الذي تعمل روسيا على تطويره، نظراً إلى قربه من أقاليمها الغنية جداً بالخامات الطبيعية، لا سيما النفط والغاز. في هذا السياق تخطط شركة «نوفاتيك»، وهي أكبر شركة مستقلة (خاصة) تُنتج الغاز في روسيا، لاختبار إمكانية تصدير الغاز المسال إلى الصين، في هذا الوقت من السنة، عبر الممر «المتجمد»، عوضاً عن المسار التقليدي الذي تستخدمه عادةً، ويمر عبر قناة السويس. وإذ تعول الشركة على الاستفادة من تجربتها هذه في تخفيض نفقات التصدير، والزمن الذي تستغرقه ناقلات الغاز للوصول إلى الأسواق الخارجية، لا سيما في شرق آسيا، تشير المعلومات الأولية إلى أن هذه الرحلة قد لا تحقق النتائج المرجوة نظراً إلى الظروف المناخية.
وفي سياق متصل، ألقت أزمة الاقتصاد الروسي بثقلها على خطة تصنيع كاسحات جليد تسهم في تحسين حركة النقل التجاري عبر ممر بحر الشمال. وأكد مسؤول من مجمع يقوم بتصنيع 9 كاسحات جليد، ارتفاع تكلفة الإنتاج بنسبة 25%، نتيجة هبوط الروبل الروسي.
وكشف بيانات مؤسسة «مارين ترافيك MarineTraffic» لمراقبة الملاحة البحرية، عن انطلاق ناقلة الغاز «كريستوفر دي مارجيري»، التابعة لـ«سوف كوم فلوت»، أو (الأسطول الروسي التجاري الحديث)، من ميناء في شبه جزيرة «يامال» شمال سيبيريا، يوم 18 مايو (أيار) محمّلةً بشحنة غاز مسال من مصنع «يامال للغاز المسال»، أحد مصانع شركة «نوفاتيك» بالقرب من حقل يامال، وهو من أضخم حقول إنتاج الغاز في شمال روسيا.
وعلى الرغم من أن مياه بحر الشمال لا تزال متجمدة، يبدو أن «نوفاتيك» قررت استكشاف إمكانية إطالة الفترة من العام التي يمكن الاعتماد خلالها على هذا الممر لتصدير الغاز من أقصى شمال روسيا إلى أسواق آسيا. هذا ما تدل عليه حركة ناقلة الغاز، التي توجهت شرقاً في مسار مباشر نحو ميناء إنغشان شمالي الصين، عوضاً عن الالتفاف غرباً نحو المسار التقليدي.
وقالت صحيفة «كوميرسانت» الروسية، إن الناقلة المحمّلة بشحنة غاز من صادرات «نوفاتيك» يُفترض أن تبحر عبر الممر الشرقي (من بحر الشمال)، وتعبر مضيق بيرينغ، وتصل إلى الميناء الصيني في غضون 25 يوماً، أي إن شحنة الغاز يُفترض أن يتم تسليمها للصين في 11 يونيو (حزيران) القادم، إلا أن الرحلة تواجه صعوبات قد تؤثر على موعد وصول الناقلة إلى الميناء الصيني، وربما تؤدي إلى زيادة تكلفة التصدير. إذ تشير المعطيات إلى أن الناقلة لم تتمكن وحدها من الإبحار، وترافقها كاسحة جليد، تشق لها الطريق وسط طبقة الجليد السميكة التي تغطي البحار في تلك المنطقة. ويرى مراقبون أن هذه المحاولة، لا سيما خلال أبريل (نيسان) – مايو (أيار)، اللذين يعدان الشهرين الأكثر صعوبة للملاحة على طول ممر «بحر الشمال»، بسبب الجليد، قد تأتي بنتائج تخيّب آمال الشركة الروسية.
ومعروف أن الملاحة عبر البحار الموجودة ضمن ما يطلق عليه الروس «ممر بحر الشمال» تبدأ عادةً مع ذوبان الجليد في شهر يوليو (تموز)، وتستمر حتى أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام. لذلك يكون ممر بحر الشمال قابلاً للملاحة خلال 4 إلى 5 أشهر فقط، بينما تقوم كاسحات جليد، بينها كاسحات جليد نووية بشق الممرات البحرية أمام السفن في الأشهر المتبقية، وغالباً يكون شق الممرات معقداً للغاية مع دخول فصل الشتاء وحتى مطلع الربيع، هذا فضلاً عن أن عدد كاسحات الجليد الموجودة غير كافٍ بعد لضمان حركة الملاحة على مدار السنة.
وخلال فترة توقف النقل عبر هذا الممر، تقوم روسيا عادةً بنقل صادراتها من أقصى الشمال إلى الأسواق الخارجية، عبر الالتفاف على أوراسيا، مروراً بقناة السويس ومضيق ملقا. وتستغرق الرحلة على هذا الممر من شمال روسيا حتى الصين 36 يوماً. ولأن الرحلة ذاتها (من شمال روسيا حتى الصين) تستغرق 20 يوماً فقط في أشهر الصيف عبر ممر بحر الشمال، تحاول الشركات الروسية، وفي مقدمتها «نوفاتيك»، الاستفادة من كاسحات الجليد لاستخدام هذا الممر في فصل الشتاء أيضاً.
وبينما تبقى طبيعة المناخ واحداً من جملة عوامل تدفع عدداً كبيراً من المراقبين للتشكيك بإمكانية الاعتماد الواسع على ممر بحر الشمال في حركة التجارة العالمية، وأن يكون منافساً لممرات عالمية مثل قناة السويس، ترك هبوط الروبل الروسي نتيجة الأزمة الحالية أثراً سلبياً على خطة تصنيع كاسحات جليد وناقلات نفط وغاز قادرة على الإبحار عبر الجليد، لاستخدامها في النقل عبر ممر بحر الشمال في الشتاء.
وقال ألكسندر بوشيفاي، مدير الوكالة الفيدرالية الروسية للنقل النهري والبحري، في حديث لوكالة «تاس»، إن انخفاض قيمة الروبل خلال الأشهر الماضية، سيؤدي إلى ارتفاع ثمن المعدات والتقنيات المستوردة المستخدمة في تصنيع كاسحات الجليد، وبالتالي توقع المسؤول الروسي أن ترتفع بنسبة نحو 25% تكلفة بناء 9 كاسحات جليد، يُعد تصنيعها جزءاً رئيسياً من خطة شاملة لتحديث وتوسيع البنية التحتية الرئيسية لممر بحر الشمال.



تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر مسح حكومي، يوم الأربعاء، تدهور معنويات المستهلكين في اليابان خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ مما يثير الشكوك حول وجهة نظر البنك المركزي بأن الإنفاق الأسري القوي سيدعم الاقتصاد ويبرر رفع أسعار الفائدة.

وتسبق النتائج اجتماع السياسة النقدية لبنك «اليابان» يومي 23 و24 يناير (كانون الثاني)؛ حيث يتوقع بعض المحللين زيادة محتملة في أسعار الفائدة من 0.25 في المائة الحالية.

وانخفض مؤشر يقيس معنويات المستهلكين إلى 36.2 نقطة في ديسمبر، بانخفاض 0.2 نقطة عن الشهر السابق، وفقاً للمسح الذي أجراه مكتب مجلس الوزراء.

وأظهرت بيانات منفصلة أن فجوة الناتج في اليابان التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والمحتمل للاقتصاد، ظلّت سلبية في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) للربع الثامن عشر على التوالي. وتعني فجوة الناتج السالبة أن الناتج الفعلي يعمل بأقل من الطاقة الكاملة للاقتصاد، ويُعدّ ذلك علامة على ضعف الطلب.

وتؤكد هذه النتائج ضعف الاقتصاد الياباني مع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التي تؤثر في الاستهلاك والصادرات.

ومع ذلك، أشارت بعض الشركات الكبرى إلى عزمها الاستمرار في تقديم زيادات كبيرة في الأجور. وقالت شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية للملابس «يونيكلو»، إنها سترفع أجور العاملين بدوام كامل في المقر الرئيسي وموظفي المبيعات بنسبة تصل إلى 11 في المائة، بدءاً من مارس (آذار) المقبل.

وقال رئيس متجر «لوسون» للتجزئة، سادانوبو تاكيماسو، للصحافيين، يوم الثلاثاء: «نود رفع الأجور بشكل مستقر ومستدام».

وأنهى بنك «اليابان» برنامج تحفيز ضخم في مارس، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو، على أساس الرأي القائل إن اليابان على وشك تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وأشار محافظ بنك «اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة إذا استمرت اليابان في إحراز تقدم نحو الوصول إلى معدل تضخم بنسبة 2 في المائة بشكل دائم. وقال أيضاً إن البنك المركزي سوف يفحص البيانات حول ما إذا كان زخم الأجور سوف يتعزّز هذا العام، عند اتخاذ قرار بشأن موعد رفع أسعار الفائدة. ويصف بنك «اليابان» الاستهلاك حالياً بأنه «يتزايد بشكل معتدل بوصفه اتجاهاً»، ويتوقع أن يظل الاقتصاد الياباني على المسار الصحيح لتحقيق تعافٍ متواضع.

وعلى الرغم من المؤشرات السلبية، قال محافظ بنك «اليابان» السابق، هاروهيكو كورودا، المعروف بإطلاق برنامج التحفيز الضخم الذي استمرّ عشر سنوات، إن من المرجح أن يواصل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة مع وصول التضخم إلى المسار الصحيح للوصول إلى هدفه البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال كورودا، في ورقة بحثية قُدمت إلى المجلة السنوية لمجلس النواب التي صدرت في 24 ديسمبر الماضي، إنه على الرغم من رفع أسعار الفائدة المتوقع، فإن اقتصاد اليابان سيحقّق نمواً يتجاوز 1 في المائة هذا العام وما بعده مع دعم الأجور الحقيقية المتزايدة للاستهلاك.

وأضاف كورودا: «يبدو أنه لا يوجد تغيير في الموقف الأساسي لبنك اليابان المتمثل في رفع أسعار الفائدة تدريجياً مع التركيز على التطورات الاقتصادية والأسعار... هذا لأن دورة الأجور والتضخم الإيجابية مستمرة، وهو ما من المرجح أن يُبقي التضخم مستداماً ومستقراً عند هدفه البالغ 2 في المائة».

وتابع كورودا أنه من غير المؤكد إلى أي مدى سيرفع بنك «اليابان» أسعار الفائدة في نهاية المطاف بسبب صعوبة تقدير المستوى الذي لا يبرّد ولا يسخّن الاقتصاد الياباني. وأشار إلى أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لن تُلحق الضرر بالشركات على الأرجح؛ لأنها تحتفظ بوفرة من النقد، في حين ستجني الأسر «مكاسب كبيرة» من ارتفاع الفائدة المدفوعة لمدخراتها الضخمة. وقال إن أكبر ضغط قد يقع على عاتق الحكومة بسبب التكلفة المتزايدة لتمويل الدين العام الضخم في اليابان، مضيفاً أن رصيد السندات الحكومية -عند 1100 تريليون ين (6.96 تريليون دولار)- أصبح الآن ثلاثة أمثال حجمه في عام 2000.

واستطرد كورودا قائلاً إنه إذا ارتفعت عائدات السندات إلى متوسط المستوى البالغ 2.7 في المائة الذي بلغته آنذاك، فإن مدفوعات الفائدة السنوية ستصل إلى 30 تريليون ين، داعياً إلى ضرورة ترتيب البيت المالي الياباني.

وفي ميزانية السنة المالية المقبلة، تخطّط الحكومة لإنفاق 10 تريليونات ين في مدفوعات الفائدة. في عهد كورودا، أطلق بنك «اليابان» خطة ضخمة لشراء الأصول في عام 2013 التي جمعت لاحقاً بين أسعار الفائدة السلبية والسيطرة على عائد السندات، في محاولة لرفع التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وبينما أشاد المؤيدون بالخطوات اللازمة لإخراج اليابان من الركود الاقتصادي، يشير المنتقدون إلى آثار جانبية مختلفة، مثل الضربة التي لحقت بأرباح البنوك التجارية من انخفاض أسعار الفائدة لفترة طويلة والتشوّهات السوقية الناجمة عن عمليات شراء الأصول الضخمة.

ودافع كورودا عن السياسات، قائلاً إن الضرر الذي لحق بأرباح البنوك الإقليمية كان محدوداً. وأضاف أن تدهور وظيفة سوق السندات كان تكلفة ضرورية لإنعاش النمو بشكل كافٍ.