الحكومة اللبنانية تؤجل بحث التعيينات لتجنب الخلافات

متظاهرون يطالبون بالتحقيق في استنزاف الكهرباء المقطوعة لأموال الخزينة

مظاهرة أمام قصر العدل في بيروت أمس للمطالبة بفتح ملفات الفساد (إ.ب.أ)
مظاهرة أمام قصر العدل في بيروت أمس للمطالبة بفتح ملفات الفساد (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اللبنانية تؤجل بحث التعيينات لتجنب الخلافات

مظاهرة أمام قصر العدل في بيروت أمس للمطالبة بفتح ملفات الفساد (إ.ب.أ)
مظاهرة أمام قصر العدل في بيروت أمس للمطالبة بفتح ملفات الفساد (إ.ب.أ)

قرر مجلس الوزراء اللبناني أمس استمرار العمل بعقد شركة «سوناطراك» الجزائرية لتزويد معامل الكهرباء في لبنان بالفيول حتى نهاية العام الحالي، وذلك بعد أسبوعين على انكشاف فضيحة الوقود المزوّر وتحقيق القضاء اللبناني فيها، في وقت تخطى مجلس الوزراء الخلافات والتصعيد السياسي في ملف التعيينات، حيث لم يحضر ملف تعيين محافظ بيروت.
والتأم مجلس الوزراء في جلسة عادية في قصر بعبدا أمس، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب والوزراء. وركز رئيس الجمهورية في مستهل جلسة مجلس الوزراء على «أهمية التحقيقات القضائية التي تجري في إطار مكافحة الفساد»، وشدد على «ضرورة وصولها إلى نهايتها في كل المواضيع التي تناولتها ولا سيما أن الرأي العام يتابع ما يجري وينتظر مقاربات حاسمة في هذا المجال».
وبحث مجلس الوزراء في جدول أعمال من 16 بندا، بالإضافة إلى أمور طارئة لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها. وتجاوزت الحكومة الخلافات على ملف التعيينات، حيث أشارت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد إلى أنه لم يتم التطرق إلى ملف تعيين محافظ بيروت لمزيد من التشاور.
وبعد أسبوعين على الجدل والتحرك القضائي لمعالجة ملف الفيول المغشوش الذي يُستورد إلى لبنان، قرر مجلس الوزراء استكمال السير بالعقد الموقع بين شركة «سوناطراك» ووزارة الطاقة.
وأعلنت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد بعد الجلسة، أن مجلس الوزراء قرّر استكمال السير بعقد «سوناطراك». وقال وزير الطاقة ريمون غجر بعد الجلسة، في هذا الموضوع إنه «لا يمكن فسخ العقد مع الشركة ويتم الإعداد لدفتر شروط جديد لإعداد مناقصة وتكليف طرف جديد بعد انتهاء العقد في نهاية العام». وأشار إلى أن «سوناطراك أبلغتنا أنها مستعدة للاستمرار بإرسال الشحنات وفق شروطنا».
وأفيد أنه «تم تكليف وزير الخارجية ووزيرة العدل متابعة الموضوع». كما أفيد بتحويل رسائل «سوناطراك» إلى هيئة الاستشارات والقضايا وتكليف وزيريّ الخارجية والعدل متابعة الملف.
وقالت الوزيرة غادة شريم بعد الجلسة: «شركة سوناطراك أبلغتنا أنها لا تتحمل مسؤولية من بعد انطلاق شحنة الفيول والوزير ناصيف حتي سيتابع الأمر، وقد أرسل الملف إلى هيئة الاستشارات والقضايا».
وفي قرار من شأنه أن يجدد الجدل السياسي، قال الوزير غجر: «لن نقوم بتلزيم معمل واحد فقط» لإنتاج الكهرباء ما يعني أن هناك توجهاً لإنشاء معمل سلعاتا لتوليد الكهرباء، وهو الاقتراح الذي سقط في جلسة الحكومة في الأسبوع الماضي إثر تصويت الوزراء في مقابل وزراء التيار الوطني الحر الذين يؤيدون إنشاء المعمل في منطقة سلعاتا في الشمال.
وقال غجر: «لن نقوم بتلزيم معمل واحد فقط فلا نستطيع تأمين الكهرباء 24 على 24 بمعمل واحد وسنعمل في سلعاتا والزهراني بالتوازي»، إضافة إلى معمل دير عمار «الملزم أصلا لشركة علاء الخواجة والدراسات جاهزة حتى في مسألة خطوط النقل»، مضيفا أن «المشروع المطروح متكامل».
وتزامنت الجلسة التي غلب عليها ملف الكهرباء مع تحركات في الشارع ضمن التقنين في الكهرباء التي تنقطع لساعات طويلة، وفيما قال وزير الطاقة إنه من الأسباب الأساسية للتقنين القاسي هو «التأخير الذي يحصل في تسديد الاعتمادات خارج لبنان»، قطع محتجون الطرقات في الشمال احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي.
وفي بيروت، نفذ عدد من المحتجين اعتصاما أمام مؤسسة كهرباء لبنان وأذاعوا بيانا لفتوا فيه إلى «أن المؤسسة أنهكت قدرات الدولة المالية بـ50 مليار دولار وهي دين على قطاع الكهرباء»، واقترحوا «البدء الفوري بإنشاء معمل بقدرة 2000 ميغاواط وتركيبه على الشبكة الأساسية المترابطة مع كل الشبكات اللبنانية، وفتح تحقيقات مالية فورية من قبل القضاء في هذا القطاع الحيوي واستدعاء الجهات المعنية والمسؤولة عن هذا الملف».
وطالب المعتصمون بـ«الإسراع في تشكيل الهيئة الناظمة لمؤسسة كهرباء لبنان التي لم تبت حتى اليوم من أجل الإبقاء على السرقات والسمسرة بين محتكري المشتقات النفطية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.