هزة سياسية تصيب الحزب الرئاسي في فرنسا

انشقاق نواب يُفقد ماكرون وحكومته الأكثرية البرلمانية المطلقة

هزة سياسية تصيب الحزب الرئاسي في فرنسا
TT

هزة سياسية تصيب الحزب الرئاسي في فرنسا

هزة سياسية تصيب الحزب الرئاسي في فرنسا

ضربت هزة سياسية جديدة حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «الجمهورية إلى الأمام»، بعد تشكيل كتلة جديدة من 17 نائباً تحت اسم «بيئة - ديمقراطية - تضامن» انضم إليها سبعة من الداعمين لماكرون، ما أفقد الرئيس وحكومته أكثريتهما المطلقة.
ووفرت انتخابات صيف 2017 التشريعية أكثرية نيابية مطلقة ومريحة لماكرون تصل إلى 314 نائباً. وبفضل هذه الأكثرية، إضافة إلى دعم نواب مجموعة الوسط المسماة «الديمقراطيون» التي يقودها الوزير السابق فرنسوا بايرو، استطاع ماكرون أن يحكم بسهولة وينفذ برنامجه الإصلاحي الذي انتخب على أساسه.
لكن شيئاً فشيئاً، أخذت الأكثرية تتآكل مع كل أزمة اقتصادية أو اجتماعية، خصوصاً عندما رأى عدد من النواب أن سياسة ماكرون تنهج يميناً ولا تأخذ بعين الاعتبار المطالب الشعبية. وفي العامين الأخيرين، تراجع عدد نواب «الجمهورية إلى الأمام» إلى 295 نائباً ، ولكن من غير إعادة خلط الأوراق لأن الأكثرية اللازمة المطلقة تفترض وجود 289 نائباً، إلا أن هذه الأكثرية تبخرت مع تشكيل مجموعة «بيئة - ديمقراطية - تضامن» أمس.
تجدر الإشارة إلى أن اليمين الفرنسي يتمتع بالأكثرية في مجلس الشيوخ، إلا أن الكلمة النهائية في التصويت على مشاريع القوانين تعود لمجلس النواب. ورغم الخسارة التي تعد «رمزية» إلى حد ما لأن ماكرون يستطيع التعويل على دعم مجموعة نواب الوسط ومجموعة أخرى من نواب اليمين الذين يؤيدون سياساته وبالتالي ليس هناك خوف من أن تجد حكومة إدوار فيليب نفسها في وضع حرج، إلا أن الحكومة بالمقابل ستكون مضطرة لأن تأخذ بعين الاعتبار مطالب «الحلفاء» الذين سيرون أنهم أصبحوا في وضع يمكنهم من ممارسة ضغوط عليها وعلى سياساتها.
قبل بضعة أشهر، يجري الحديث عن تشكيل «مجموعة تاسعة» في البرلمان وكانت التوقعات تدل على أن حوالي خمسين نائباً سينشقون عن «الجمهورية إلى الأمام». ولو حصل ذلك لكان بمثابة الكارثة، إلا أن النتيجة جاءت مغايرة إذ إن 17 نائبا فقط انتموا إليها، وهم إما من قدامي الحزب الرئاسي الذين تركوه في السنوات والأشهر الماضية وإما منشقون جدد وعددهم سبعة بينهم سيدريك فيلاني الذي ترشح لرئاسة بلدية باريس منشقاً ومنافساً للمرشح الرسمي للحزب.
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيسا المجموعة وهما النائب ماتيو أورفلين القريب من «حزب الخضر» ومن الوزير البيئوي السابق نيكولا هولو، والنائبة بولا فورتيزا «الجمهورية إلى الأمام»، وصف الأول المجموعة بأنها «مستقلة وليست مجموعة معارضة وستكون إيجابية وستعمل على تقديم مقترحات لتجديد الحياة السياسية» في فرنسا.
ووفق هذين النائبين، فإن المجموعة الجديدة «ليست في الأكثرية وليست في المعارضة» والصفة الغالبة عليها أن أعضاءها ينتمون إلى الجناح اليساري لـ«الجمهورية إلى الأمام» ويعتبرون في غالبيتهم أن ماكرون «حاد» عن الخط الوسطي واتبع سياسة يمينية الطابع اجتماعياً واقتصادياً. وفي أكثر من مناسبة، عبر أعضاء في الحزب المذكور عن «حرجهم» إزاء السياسات الحكومية المتبعة.
ثمة انتقادات رئيسية توجه إلى المنشقين، أولها أنهم انتخبوا بفضل تزكية ماكرون وحزبه لهم وثانيها أنهم عمدوا إلى التخلي عنه بينما راح يؤكد، مع أزمة «كورونا» أنه يريد «انطلاقة جديدة» وسياسات منقطعة عن السياسات السابقة. وثالثها أن مبادرتهم جاءت في وقت «غريب» حيث الجميع مأخوذ بكيفية الحد من تبعات الوباء. وأخيراً، فإن الانشقاق لن يغير شيئاً لأن المنشقين ليسوا في وضع يمكنهم من الضغط على الرئيس وحكومته بفضل الدعم الذي ما زالا يتمتعان به في البرلمان وأنه يكفي أن ينضم نائب جديد إلى مجموعة «الجمهورية إلى الأمام» حتى تستعيد الأكثرية المطلقة.
الحجج المذكورة كافة صحيحة. لكن السياسة ليست عملية حسابية فقط إذ إن عوامل عدة تلعب دوراً ومنها العامل النفسي. وفي هذا السياق، يلاحظ المراقبون أن قبضة ماكرون على الحزب والمجموعة تراخت بعد أن كانت مطلقة في العامين الأولين. وبرز ذلك خصوصاً في مرحلة التحضير للانتخابات المحلية، حيث تمرد كثيرون على خيارات الحزب، بما في ذلك في باريس العاصمة أو ليون ثاني المدن الفرنسية.
ولا شك أن الحزب سيعمد إلى ترشيح منافسين للنواب المنشقين في الانتخابات التشريعية المقررة بعد عامين. وعندها سيعرف ما إذا نجح هؤلاء في بناء شعبية خاصة بهم ولا يعيشون فقط على شعبية الرئيس.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».