سلسلة إصدارات فكرية وأدبية وتاريخية عن «قصور الثقافة المصرية»

سلسلة إصدارات فكرية وأدبية وتاريخية عن «قصور الثقافة المصرية»
TT

سلسلة إصدارات فكرية وأدبية وتاريخية عن «قصور الثقافة المصرية»

سلسلة إصدارات فكرية وأدبية وتاريخية عن «قصور الثقافة المصرية»

صدر حديثاً عن هيئة قصور الثقافة المصرية مجموعة جديدة من الأعمال الإبداعية المترجمة، وكتب التاريخ والتراث والفلسفة، فضلاً عن عدد من الإصدارات الروائية، والقصص القصيرة، والمسرحية، ومن بينها «كونكاس بوربا»، وهي رواية من كلاسيكيات الأدب البرازيلي لماشادو دو أسيس، بترجمة سامي الدروبي، وكتاب «أشهر الرسائل العالمية»، ترجمة الدكتور محمد بدران، ويحتوي على نحو 128 رسالة من أشهر الرسائل العالمية خلال الفترة من أوائل القرن التاسع عشر إلى ما يزيد على مائة عام بعدها، وكتبها عدد من الرؤساء والقادة والأدباء، مثل فيرجينا وولف ونابليون وغيرهما، وصدرت ضمن سلسلة «آفاق عالمية» التي يرأس تحريرها الدكتور أنور إبراهيم.
وفي سلسلة «العبور»، جاء ثلاثة كتب، هي: «تاريخ مديرية خط الاستواء» في ثلاثة أجزاء، تأليف الأمير عمر طوسن، وتغطي الفترة من افتتاحها سنة 1869 حتى ضياعها 1889، ويصفها بأنها الفردوس الأرضي المفقود، ويهدي هذا الكتاب لأبناء وادي النيل؛ أما الكتاب الثاني من سلسلة «العبور» التي يرأس تحريرها الكاتب محمد نبيل فعنوانه «حروب محمد علي»، وهو من تأليف السيد فرج، ويتضمن الكتاب نظرة على حياة محمد علي، وكيفية وصوله إلى الحكم، ثم القضاء على الخصوم، ودحر الحملات الإنجليزية، وحملات فتح السودان، وصولاً إلى نظرة عامة على جيش مصر، وما حققه من انتصارات في عهده؛ وأيضاً كتاب «الحداثة والإمبريالية... الغزو الفرنسي وإشكالية نهضة مصر» للدكتور أحمد زكريا الشلق.
ويرصد الكتاب الثالث «قصة احتلال محمد علي لليونان»، وهو من تأليف الدكتور جميل عبيد، ويصفها بأنها قصة صراع عسكري وسياسي ودبلوماسي، لا على مستوى اليونان والدولة العثمانية فقط، بل على المستوى الأوروبي والعالمي.
وضمن سلسلة «أصوات أدبية» التي يرأس تحريرها الكاتب محمود الورداني، صدرت مجموعة قصصية «الغريب والنهر» لعبد الرشيد المحمودي، وديوان «الأغنيات الحزينة لبنت الحطاب» لأمل جمال، ومجموعة قصصية «في سكنى الأدوار العليا» لهناء بدر، وديوان «جنازة مفتعلة» لرانيا خلاف. أما «نصوص ودراسات مسرحية» التي يرأس تحريرها الدكتور علاء عبد العزيز، فقد أصدرت ثلاثة نصوص مسرحية، هي: «أرض أفندينا» لسعيد عرفة، و«مسرح الجريمة» لنورا أمين، و«أبو كالبس وفرانكشتاين» لأشرف علي، فضلاً عن كتاب «المسرح الديني في العصور الوسطي»، تأليف جان فرابيه وأ. م. جوسار، ترجمة وتقديم الدكتور محمد القصاص، ومراجعة د. محمد مندور. وضمن سلسلة «إبداعات» التي يرأس تحريرها الناقد عمر شهريار، صدر ديوان «موت لا يقرأ الخريطة» للشاعر إيهاب الراقد، فضلاً عن المجموعة القصصية «فن المبالغة» للكاتب إسلام عشري.
وضمن سلسلة «الفلسفة» صدر من محاورات أفلاطون «ثياتيتوس وفايدروس»، ترجمة دكتورة أمير حلمي مطر، والمحاورة الأولي عن العلم، ونسبت إلى صاحبها العالم الرياضي ثياتيتوس الذي ظهر في هذه المحاورة مع سقراط. أما الراوي فهو إقليدس الميجاري أكبر تلاميذ سقراط. وفي هذه الطبعة، أضافت مطر محاورة فايدروس. كما صدر كتاب «في التصوف الإسلامي وتاريخه»، تأليف رينولد نيكلسون، وترجمة الدكتور أبو العلا عفيفي. ومن سلسلة «السينما» صدر «دور الأجانب في السينما المصرية»، تأليف الناقد الدكتور ضياء الميرغني. ومن السلسلة العلمية صدر كتاب «كيف تحمي جهازك المناعي»، تأليف الدكتور محمد فتحي، وكتاب «يوميات عالم متجول في دهاليز العلوم»، تأليف الدكتور كمال شرقاوي غزالي.
وقال جرجس شكري، المسؤول عن مشروع النشر بهيئة قصور الثقافة: درست كتاب «المسرح الديني» مع الناقدة الدكتورة نهاد صليحة في معهد النقد الفني، مع كتاب المسرح الديني والهزلي، وما زلت أذكر النسخة المصورة من الكتابين، وقد اقترحته على الدكتور علاء عبد العزيز رئيس تحرير سلسلة نصوص ودراسات مسرحية بعد إعادة توصيفها لتشمل النصوص والدراسات، ووافق على الفور، وكان من المفترض أن يصدر بمقدمة جديدة، ولكن لم نوفق لضيق الوقت.
ولفت شكري إلى أن ورثة الدكتور محمد القصاص تنازلوا عن الحقوق المادية لهذا الكتاب والكتب الأخرى التي صدرت بترجمة أبيهم، ومنها مسرحية الغربان لهنري بيك، ومسرحية الذباب لسارتر.



الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ
TT

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

يعد التغير المناخي من المواضيع المُقلقة والمهمة عالمياً، وهو من الملفات الرئيسية التي توليها الدول أهمية كبرى، حيث تظهر حاجة عالمية وشاملة واتفاق شبه كُلِّي من دول العالم على أهمية الالتزام بقضايا التغير المناخي والاستدامة لحماية كوكبنا للأجيال القادمة.

هذه القضية المهمة عبَّر عنها بعض الفنانين الذين استخدموا الفن لرفع الوعي بالقضايا البيئية. حيث كان الفن إحدى وسائل نشطاء البيئة للتعريف والتأثير في قضايا المناخ والاحتباس الحراري، لاعتقادهم أن الحقائق العلمية وحدها قد تكون غير كافية، ولأهمية التأثير في العاطفة، وهو ما يمكن للفن عمله.

ومن فناني البيئة العالميين الفنان الدنماركي أولافور إيلياسون، الذي عيَّنه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سفيراً للنوايا الحسنة للطاقة المتجددة والعمل المناخي عام 2019م، حيث تركز أعماله المعاصرة والتفاعلية على التعبير عن ظواهر الاحتباس الحراري، وكان أحد أشهر أعماله «مشروع الطقس» الذي عُرض في متحف «تيت مودرن» في لندن، وجذب أعداداً هائلة من الجماهير، إذ هدف هذا العمل التفاعلي إلى الإيحاء للمشاهدين باقترابهم من الشمس، ولتعزيز الرسالة البيئية لهذا العمل ضمِّن كتالوج المعرض مقالات وتقارير عن أحداث الطقس المتغيرة.

المناخ والبيئة

إن التعبير عن قضايا المناخ والبيئة نجده كذلك في الفن التشكيلي السعودي، وهو ليس بمستغرب، حيث يعد هذا الاهتمام البيئي انعكاساً لحرص واهتمام حكومة المملكة بهذه القضية، والتزامها الراسخ في مواجهة مشكلة التغير المناخي، حيث صادقت المملكة على اتفاقية باريس لتغير المناخ في عام 2016، وهو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ. كما أطلقت المملكة مبادرتَي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، لتسريع العمل المناخي وحماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة. وهو ما يجعل الفرصة مواتية للفنانين السعوديين للمشاركة بشكل أكبر في التعبير عن القضايا البيئية، مما يسهم في عكس جهود المملكة تجاه هذه القضايا ومشاركة الجمهور في الحوار حولها.

فعلى سبيل المثال، عبَّرت الفنانة التشكيلية منال الضويان عن البيئة في عمل شهير أنتجته عام 2020م، في معرض DESERT-X في مدينة العلا، بعنوان «يا تُرى هل تراني؟»، حيث كان العمل عبارة عن منصات تفاعلية للقفز في صحراء العلا، في إيحاء غير مباشر بالواحات الصحراوية والبِرَك المائية التي تتكون في الصحراء بعد موسم الأمطار، لكنها اختفت نتيجة للتغير المناخي والري غير المسؤول، وتأثيره البيئي في الطبيعة من خلال شح المياه واختفاء الواحات في المملكة.

الفن البيئي

كما نجد الفن البيئي بشكل واضح في أعمال الفنانة التشكيلية زهرة الغامدي التي ركزت في تعبيرها الفني على المواضيع البيئية من خلال خامات الأرض المستمدة من البيئة المحلية؛ مثل الرمال والأحجار والجلود والنباتات المأخوذة من البيئة الصحراوية كالشوك والطلح، وكيفية تحولها نتيجة العوامل المؤثرة فيها كالجفاف والتصحر والتلوث البيئي، كما في عملها «كوكب يختنق؟» الذي استخدمت فيه أغصان الأشجار المتيبسة وبقايا خامات بلاستيكية، لمواجهة المتلقي والمشاهد بما يمكن أن تُحدثه ممارسات الإنسان من تأثير بيئي سلبي، وللتذكير بالمسؤولية المشتركة لحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة.

إن الفن البيئي لدى زهرة الغامدي يتمثل في نقل المكونات الطبيعية للأرض والبيئة المحلية وإعادة تشكيلها في قاعة العرض بأسلوب شاعري يستدعي المتلقي للانغماس في العمل الفني والطبيعة والشعور بها والتفاعل معها لتعزيز الارتباط بالأرض، فمن خلال إعادة تشكيل هذه الخامات البيئية يتأكد التجذر بالأرض والوطن والارتباط به.

وقد نجد التعبير عن المواضيع البيئية أكثر لدى التشكيليات السعوديات من زملائهن من الرجال، وقد يكون ذلك طبيعياً نتيجة حساسية المرأة واهتمامها بمثل هذه القضايا. وهو ما يثبته بعض الدراسات العلمية؛ إذ حسب دراسة من برنامج «ييل» للتواصل بشأن التغير المناخي، بعنوان «اختلافات الجنسين في فهم التغير المناخي» تظهر المرأة أكثر ميلاً إلى الاهتمام بالبيئة، كما أن للنساء آراء ومعتقدات أقوى مؤيدة للمناخ وتصورات أعلى للمخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية، وقد فسر الباحثون هذه الاختلافات بأنها نتيجة اختلافات التنشئة الاجتماعية بين الجنسين، والقيم الناتجة عن ذلك كالإيثار والرحمة وإدراك المخاطر.

ومع أن الفن استُخدم كثيراً للتوعية بالقضايا البيئية، إلا أن بعض نشطاء البيئة حول العالم استخدموه بطريقة مختلفة للفت النظر حول مطالبهم، مثل أعمال الشغب والتخريب لأهم الأعمال الفنية في المتاحف العالمية، وقد استهدف بعض هؤلاء الناشطين أشهر الأعمال الفنية التي تعد أيقونات عالمية كلوحة «دوار الشمس» لفان غوخ، ولوحتي «الموناليزا» و«العشاء الأخير» لدافنشي. تخريب هذه الأعمال ليس لأنها مناهضة للبيئة بقدر ما هي محاولة لفت النظر نحو قضاياهم، لكن لتحقيق التغيير المطلوب، أيهما أجدى، التعبير الإيجابي من خلال الفن، أم السلبي من خلال تخريبه؟

إن الفن التشكيلي ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل له دور حاسم ومؤثر في تشكيل الوعي بالقضايا البيئية، فهو يدعو لإعادة التفكير في علاقتنا بها، والعمل معاً لمستقبل أكثر استدامة. إضافةً إلى دوره بصفته موروثاً ثقافياً للأجيال المقبلة، إذ يسجل تجربتنا في مواجهة هذا التحدي العالمي.

* كاتبة وناقدة سعودية