مسرحيات عربية كلاسيكية على «نتفليكس»

الشبكة العالمية طوّرت استراتيجية استثمار محلية تتضمن التوسع السريع للمحتوى العربي

مسرحية «ريا وسكينة»
مسرحية «ريا وسكينة»
TT

مسرحيات عربية كلاسيكية على «نتفليكس»

مسرحية «ريا وسكينة»
مسرحية «ريا وسكينة»

كشفت شبكة نتفليكس عن خطط لعرض مسرحيات عربية من خلال منصتها، وذلك ضمن مساعيها لتنويع المحتوى الذي تقدمه في المنطقة، مشيرة إلى أن بث المسرحيات العربية الكلاسيكية يأتي عبر استراتيجية الشبكة في أن تكون جزءاً بناءً من الثقافة المحلية بالمنطقة.
وقالت نهى الطيب رئيسة الاستحواذ وترخيص المحتوى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا لدى شركة نتفليكس بأن إضافة تلك المسرحيات إلى خدمة الشبكة تمثل خطوة أخرى في جهود «نتفليكس» لتقديم أفضل محتوى ترفيهي للمشاهدين من حول العالم.
وأضافت الطيب في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «نتفليكس» تسعى لتقديم أفضل القصص في العالم أيا كان مكان إنتاج تلك القصص ليستمتع بها أعضاء الشبكة بمشاهدتها، موضحة أن القصص العظيمة تصل لقلوب الجمهور بغض النظر عن مكان إنتاجها أو لغتها الأم.
وأكدت أن شبكة «نتفليكس» لا تتمحور حول تقديم المحتوى الأميركي للعالم، بل حول مشاركة القصص من حول العالم مع الجميع، وقالت «تعريف الناس بمحتوى لم تكن هناك فرصة أمامهم لمشاهدته في حالات أخرى. واعتباراً من شهر مايو ، سيتمكن العالم أجمع من لمس حس الدعابة الذي عاش لأجيال عديدة في العالم العربي، والاطلاع على مدى تنوع وغنى الثقافة العربية».
وتابعت «نحن ندرك بأن رواية القصص المحلية التي تمنح العرب الفرصة لرؤية أنفسهم على الشاشة تعزز لديهم الإحساس بالفخر والانتماء، ولهذا فإننا فخورون بتمكين 183 مليون أسرة من الوصول إلى هذه المسرحيات العربية الكلاسيكية». وحول استراتيجية «نتفليكس» للمحتوى في المنطقة ومساعي الشبكة لمواصلة الاستثمار بالمحتوى العربي، قالت الطيب «نتبع استراتيجية محتوى بسيطة – إذ نؤمن بأن القصص العظيمة قد تأتي من أي مكان، وإن ما يميزنا هو رواية القصص المحلية الأصلية، ومنطقة الشرق الأوسط تتميز باختلاف الأذواق عن التفضيلات الغربية، كما تختلف تفضيلات المحتوى باختلاف البلدان في الشرق الأوسط».
وأضافت «نحن نتفهم تماماً هذا التفرد في العالم العربي، ولذلك قمنا بتطوير استراتيجية استثمار محلية تلبي أذواق الجمهور على اختلافها، بما يشمل التوسع السريع لمكتبة المحتوى العربي لدينا، والاستثمار في المزيد من الإنتاجات العربية الأصلية، والتعاون مع الشركات وتوظيف أشخاص من المنطقة للمساعدة في تعزيز نمو شبكتنا وانتشارها في العالم العربي».
وأكدت «نسعى لإيصال القصص العربية لأعضاء الشبكة من حول العالم، ونوفر لصناع الأفلام والمواهب المحلية منصة لاكتساب معجبين من كل مكان على الكوكب، من خلال مجموعة الأعمال الأصلية العربية التي جرى الإعلان عنها مؤخراً، والتي تشمل «ما وراء الطبيعة» و«أبلة فاهيتا» من مصر، و«مدرسة الروابي للبنات» من الأردن».
وتطرقت إلى عقد شراكات مع مزودي المحتوى للحصول على حقوق بث مجموعة متنوعة من المسلسلات التلفزيونية والأفلام، بحيث تقدم «نتفليكس» خدمة عالمية شاملة، وقالت «نبذل قصارى جهدنا لتكييف خدماتنا بحسب المنطقة، إلا أن عالم الحصول على تراخيص البث لطالما كان متجزئاً وذا طابع إقليمي، ولهذا يستغرق الأمر بعض الوقت، عدة سنوات على الأقل، لتقديم العروض نفسها في كل مكان. وحتى ذلك الحين، نسعى جاهدين لتقديم خدمة مقنعة من خلال الحصول على تراخيص بث أفضل الأعمال التلفزيونية والأفلام».
ولفتت «قمنا بمرور السنوات بتوسيع محفظتنا من الإنتاجات العربية المرخصة، ومعظمها متاح على مستوى العالم، ويشمل ذلك المسلسل السوري «الكاتب»، والفيلم المصري «الفيل الأزرق»، والدراما الكويتية «أنا عندي نص»، ومسلسل الغموض المصري «عوالم خفية»، وفيلم الرسوم المتحركة السعودي «مسامير»، ومجموعة الأفلام السعودية القصيرة «ستة شبابيك في الصحراء»، والمسلسل اللبناني (الهيبة)». وتؤكد «إضافة هذه المسرحيات العربية إلى خدمتنا على التزامنا بتوسيع هذه المكتبة».
وعن ارتباط طرح المحتوى الجديد مع حلول شهر رمضان المبارك والعيد حيث تقضي العائلات وقتاً أطول معاً، قالت رئيسة الاستحواذ وترخيص المحتوى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في «نتفليكس»: «نحن ندرك تماماً مكانة شهر رمضان المبارك والعيد كفرصة للعائلات لقضاء مزيد من الوقت معاً، ويشكل الترفيه جزءاً لا يتجزأ من هذه الفترة، ونحن سعداء بطرح هذا المحتوى في وقت تتطلع فيه العائلات لقضاء أوقات ممتعة معاً، والعودة بالذاكرة من خلال توفير المحتوى المفضل لديهم بجودة عالية ومن دون إعلانات. علما بأن هذا المحتوى سيبقى متوفراً على منصتنا لفترة طويلة».
وأكدت «إننا على ثقة بأن المسرحيات الكلاسيكية المحبوبة مثل «العيال كبرت» و«المتزوجون»، التي تحيي التراث العربي ستشهد قبولاً واسعاً في المنطقة وحول العالم»، موضحة إلى أن الشبكة نعمل على أن تتوفر المسرحيات جميعها مع ترجمة باللغة الإنجليزية خلال الأسابيع القادمة، وقالت «قمنا بالجمع بين التكنولوجيا والجهود البشرية للمساعدة في ترجمة هذه القصص بطريقة مفهومة، ومعبّرة، ومقرّبة لجميع أعضائنا في كل العالم، ومثل جميع الميزات الأخرى التي نقدمها، فإن ترجمة المحتوى هي جزء من جهودنا لوضع المستهلكين أولاً، وتزويدهم بخيارات أكثر وتحكم أكبر بما يشاهدونه وكيف يشاهدونه، لنقدم تجربة محلية بكل المعايير».
وأضافت «رغم إحراز تقدم ملموس على هذا الصعيد، نبحث باستمرار عن سبل جديدة للارتقاء بما نقدمه والاستثمار في زيادة اللغات التي نقدمها، ومشاركة المزيد من القصص من حول العالم، لكل أنحاء العالم».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».